حكم الثقة بالنفس في الإسلام

كتابة:
حكم الثقة بالنفس في الإسلام

حكم الثقة بالنفس بالإسلام

الثقة بالذات ورضا المسلم وثقته بنفسه؛ مطلوبة شرعاً ولا تتنافى مع الشريعة الإسلامية، بل إنَّ الإسلام وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوان المسلم إلى حسن الظن بالله -تعالى-؛ وأن يكون به قوياً مقداماً وليس خائفاً متردداً مائلاً إلى القعود والركون.[١]

حثَّ الإسلام العبد على الانفتاح على الحياة، واستخدام طاقته وفكره لإعمار الأرض بثبات ورضاً وشجاعة وتوكّل على الله -عز وجل-، وكذلك دعا الإسلام المسلم أن يثق بذاته فلا يميل حيث مال الناس، بل يستقلُّ بأفكاره التي يرى أنَّها تُرضي الله -تعالى-، ولا تتجاوز الشريعة الإسلامية، ويبذل الوسائل التي ذللها الله له.[١]

دليل على الثقة بالنفس

قال الهادي -صلى الله عليه وسلم-، فيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ).[٢]

الثقة بالإمكانيات التي خلقها الله لنا ويسرها في سبل عمارة الأرض؛ هي ثقة لا شيء فيها يتعارض مع الشريعة بل هي مطلوبة ومحمودة، وعلى المسلم أن يربي نفسه عليها وعلى أن لا يكون مهزوزاً مرتبكاً في استخدام أفضال الله عليه، وبتوكله على من أوجد له الأسباب، وطالبه بالسعي والبذل في الحياة.[٣]

الفرق بين التواضع وعدم الثقة

عدم الثقة

عدم الثقة هي خُلق لا يرضاه الإسلام إذ يكون عديم الثقة عادةً متردداً غير عازم، وإنَّ الشرع حثُّ المسلم على أن يكون مقداماً في أموره، يأخذ بالأسباب ويحرص على ما ينفعه بعزيمة واستعانة بالله والتوكل عليه في أمور الحياة كلها.[٤]

ويتعين على المسلم أن يتفاءل ويسير بطموح باتجاه أهدافه وأن يسعى للارتقاء ولتحصيل الرضا من الله -تعالى-، متوكّلاً على الله الذي أمدّه بوسائل الخير وأدوات البذل والعمل، وهذا من حسن الظن بالله.[٤]

التواضع

التواضع هو خلق محمود ولا يتعلّق بتحقير النفس وعدم الثقة بالذات؛ إذ إنَّ التواضع من أحسن الأخلاق التي تتضمن المعاني الحسنة؛ كأن يقف المسلم المتواضع عند الحق ويقبله مهما كان من يقوله، وهو أيضاً خفض الجناح للمؤمنين، وأن يكون المسلم هيّناً ليّناً يحبه من يُعامله، وهذا لا يعني عجزاً أو ركوناً للباطل، أو عدم ثقة بالذات أو بقدرة الله والتوكل عليه.[٥]

الفرق بين الثقة بالنفس والغرور

الغرور سلوك مذموم يظنُّ به الشخص نفسه أنَّ إمكانياته ناتجة عن ذكاءٍ منه أو قدرة مخصوصة أوجدها في نفسه، فلا يُرجع فضلها إلى خالقها الذي أوجدها به وهو الله -عز وجل- الوهاب، فهو سلوك ينخدع به المرء بنفسه وينسى به أنَّ ماله ونفسه وعقله وكل ما يملك هو من عند الله، وهو الذي وهبه أسباب كل شيء.[٦]

الثقة هي عكس ذلك فهي الإقدام والسعي بالحياة، والثقة بما أوجده الله -تعالى- والتوكل عليه، مع الأخذ بأسباب العمل وعدم الركون والقعود، أو نسب نعم الله -تعالى- للذات، وهذا مما حثَّ عليه الإسلام ورغّب به.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ابو فيصل البدراني، معالم الطريق إلى الله، صفحة 79. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2664، صحيح.
  3. مجدي الهلالي، حطم صنمك، صفحة 200. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة مؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 2688. بتصرّف.
  5. عبد الملك بن قاسم، من تواضع لله رفعه، صفحة 9. بتصرّف.
  6. ^ أ ب مجدي الهلالي، حطم صنمك وكن عند نفسك صغيراً، صفحة 202. بتصرّف.
5607 مشاهدة
للأعلى للسفل
×