حكم الصلاة
يختلف حُكم الصلاة باختلاف نوعها، فهي إمّا أن تكون فرضاً أو تطوّعاً، وأمّا الفرض فينقسم إلى قسمين: فرضُ عينٍ أو كِفايةٍ، ففرضُ العين يكونُ واجباً على كُلِّ مُسلمٍ مُكلّفٍ، سواءً كان ذكراً أو أُنثى، وهي الصلوات الخمس، لِقوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)،[١] وقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ)،[٢] ويُؤمرُ بها الصغير عند بُلوغه السابعة من عُمُرِه، ويُضرَب على تركها ضرباً غير مُبرِحٍ في سنّ العاشرة،[٣] وهي آكدُ* أركان الإسلام بعد الشّهادتين، وهي واجبةٌ في جميع الأحوال والظُّروف، سواءً في الأمن أو الخوف، والصحة والمرض، والحضر والسفر،[٤] وقد فرَضها الله -تعالى- ليلة الإسراء والمِعراج في البداية خمسين صلاةً في اليوم والليلة، ثُمّ خفّفها إلى خمسٍ في العمل وخمسين في الأجر.[٥]
من تجب عليه الصلاة
تجبُ الصلاةُ على المُسلم، البالغ، العاقِل، ويُستثنى من ذلك الحائض والنُفَساء، فلا تجبُ عليهما، ولا تُؤمران بِقضائها، لِقولِ عائشة -رضي الله عنها-: (قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ)،[٦][٧] كما أنها لا تجبُ على غير المسلم، ولا تصحُّ منه إن صلّاها، ولا يُؤمرُ بِقضائها عند إسلامه، ولا تجبُ على غير البالغ؛ كالصبيّ، لِقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (رُفِع القلمُ عنْ ثلاثةٍ عنِ الصغيرِ حتى يبلُغَ وعَنِ النائمِ حتى يستيقظَ وعنِ المصابِ حتى يُكشفَ عنهُ)،[٨] ولا تجبُ على غير العاقل؛ كالمجنون،[٩] فلا تجبُ إلا على المُكلّف؛ وهو العاقل، والبالغ، والمُختار، فتسقُطُ عن المُكره.[١٠]
حكمة مشروعية الصلاة
فَرَض الله -تعالى- الصلاة للعديد مِنَ الحِكَم، ومنها ما يأتي:[١١][١٢]
- تحقيق العُبوديّة لله -تعالى-؛ باتّباعِ أوامره، واجتنابِ نواهيه، والإخلاصِ له، وخشيته، والثناء عليه، ودُعائه، والبُعدِ عن الشِرك والكُفر.[١٣]
- دُخول الجنة، وتطهير نفس المُصلّي من الذُنوب والخطايا، لِقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (خمسُ صلواتٍ كتبهُنَّ اللهُ على العِبادِ، فمَن جاء بهنَّ؛ لَم يُضيِّع منهنَّ شيئًا استِخفافًا بحقهِنَّ كان لهُ عند اللهِ عَهدٌ أن يُدْخِلَهُ الجنَّةَ).[١٤]
- تعظيم الله -تعالى-، واستشعار القِلب لِذلك، وذلك إن أدّاها المسلم بِخُشوعٍ بعيداً عن الوساوس والخواطر المُلهية.
- الصلاة تنهى عن الفحشاءِ والمُنكر، وتُهذّب النفس، وتُقوّم الأخلاق، وتُساعد على ترابط المُجتمع وتقويته، وتكونُ نوراً لِصاحبها؛ من خلال اتّباع الحق، والبُعد عن الباطل والمُنكر، لِقوله -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).[١٥]
- الصلاة تُقوّي صلة العبد بربّه، وتُزيل الضغائن والأحقاد بين الناس، كما أنّها تُساعد على طاعة الله -تعالى- داخلَ وخارج الصلاة، وهي من أفضل العِبادات وأرفع المقامات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهامش
* آكد: من التأكيد، وهنا تأتي بمعنى الأكثر أهمية.[١٦]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 103.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 2678، صحيح.
- ↑ صالح السدلان (1425 هـ)، رسالة في الفقه الميسر (الطبعة الأولى)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 34. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (1433هـ)، الموسوعة الفقهية، موقع الدرر السنية dorar.net، صفحة 63، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمود بن عبد اللطيف بن محمود عويضة، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 54، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 335، صحيح.
- ↑ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 5، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2/188، إسناده صحيح.
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 4610، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت - لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 157-160، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 409-410، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف (1433هـ)، الموسوعة الفقهية، الدرر السنية dorar.net، صفحة 64، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 3243، صحيح.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 45.
- ↑ "تعريف ومعنى آكد في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2021. بتصرّف.