محتويات
أقوال بصحة الصيام على جنابة
تُعدُّ الجنابةُ أحد موجبات الغُسل كي يتسنّى للمسلمِ أن يقوم بعباداته، فما هي أقوال العلماء في صحّة الصّيام على جنابة؟ وهل قيل بعدمِ صحّته؟ وهل يصحُّ صيام النافلة على جنابة؟ وهل البقاء على جنابة يبطل الصيام؟ وما حكم تأخير غُسل الجنابةِ بغير عُذر؟ كلُّ هذه الأسئلة سيتمُّ الإجابة عنها في هذا المقال.
القول الأول: يصح الصيام على جنابة
ذهب جمهور العلماءِ من الأئمةِ الأربعةِ إلى صحة صيام من يُصبِحُ جُنُبَاً على الإطلاق،[١] واستدلّوا على ذلك بالعديد من الأدلّة، نذكر بعضها فيما يأتي:
- الدليل الأول من القرآن الكريم
قال -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّـهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).[٢]
ووجه الدِّلالة أنّ الوقت المُباح للجِماع كما بيّنته الآية الكريمة هو جميع أجزاء اللّيل حتى طلوع الفجر، ويُفهَم من ذلك إباحة أن يُصبِح المرءُ جُنُباً وهو صائم، وأنَّ الصيام بدون الاغتسال من الجنابة صحيح.[٣]
- الأدلّة الأخرى من السُّنة النبويّة:[٤]
- عن عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ في رَمَضَانَ وَهو جُنُبٌ، مِن غيرِ حُلُمٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ).[٥]
- عن أمّ سلَمةَ -رضيَ الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِن جِمَاعٍ، لا مِن حُلُمٍ، ثُمَّ لا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي).[٦]
ووجهُ الدّلالة من الأحاديث أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- كان يُصبِح جُنُباً ويُتِمُّ صومهُ، ولا يقضي ذلك اليوم، فدلّ فِعلُ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- على صحّةِ صيامِ الجُنُب، وأنَّ صيام الجنب ولو كان ذلك عمدًا صحيح.[٤]
القول الثاني: لا يصح الصيام على جنابة
قال أبو هريرة -رضيَ الله عنه-، وسالم بن عبد الله، والحسن البصري بعدم صحّة صيام الجُنُب،[٧] واستدلّوا بحديث أبي هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إذا نُودي للصَّلاةِ صَلاةِ الصُّبحِ، وأحَدُكم جُنُبٌ، فلا يَصُمْ يومَئذٍ)،[٨][٩] وقد رجعَ أبو هريرةَ -رضيَ الله عنه- عن قوله فيما بعد عندما وصلَهُ حديثُ أمّهات المؤمنين عائشة وأمّ سلمة -رضيَ الله عنهما-، وهذا يدلّ على أنّ أبا هريرة قد رجّحَ ما سمعه منهما على ما قاله سابقاً.[٩]
صحة صيام النافلة على جنابة
قال العلماء بصحّة صيام الجُنُبِ مُطلَقاً؛ سواء كان يومُ صومِه فرضاً أو نفلاً -تطوّعاً-، وعليهِ فإن أصبحَ المَرءُ جُنُباً فصيامه صحيح وليس عليه قضاء.[١٠]
حكم تأخير غسل الجنابة بغير عذر
يجوزُ للمسلمِ تأخير غُسل الجنابة حتى يأتي وقتُ الصّلاة؛ فإذا جاء وقتُ الصّلاةِ اغتَسَلَ وصلّى، ويجوز أيضاً للجُنُبِ الأكلَ، والشّرب، والنّوم، والذّهاب إلى السّوق، إلّا أنّه يُستَحبّ له الوضوء قبل النّوم،[١١] ودلّ على ذلك ما يأتي:[١١]
- حديث عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ أن يأكلَ أو ينامَ وهو جنبٌ، توضّأَ وضوءَهُ للصلاةِ).[١٢]
- سُئلت عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (كيف كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في الجَنابَةِ؟ أَكان يَغْتَسِلُ قَبْلَ أنْ ينامَ، أوْ ينامُ قَبْلَ أنْ يَغتَسِلَ؟ قالتْ: كُلُّ ذلك قد كان يَفْعَلُ، رُبَّما اغْتَسَلَ فَنامَ، ورُبَّما تَوَضَّأَ فَنامَ).[١٣]
- حديث عبدالله بن عمر -رضيَ الله عنهما- أنّه قال: (اسْتَفْتَى عُمَرُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أيَنامُ أحَدُنا وهو جُنُبٌ؟ قالَ: نَعَمْ إذا تَوَضَّأَ).[١٤]
المراجع
- ↑ دبيان الدبيان (2005)، كتاب موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة 2)، الرياض:مكتبة الرشد، صفحة 305، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:187
- ↑ دبيان الدبيان (2005)، كتاب موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة 2)، الرياض:مكتبة الرشد، صفحة 306، جزء 11. بتصرّف.
- ^ أ ب "حكم صيام من لم يغتسل من الجنابة إلا بعد طلوع الفجر"، إسلام ويب، 5-10-2011، اطّلع عليه بتاريخ 9-7-2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1109، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1109، صحيح.
- ↑ دبيان الدبيان (2005)، كتاب موسوعة أحكام الطهارة، الرياض:مكتبة الرشد، صفحة 305، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج العواصم والقواصم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:62، إسناده صحيح.
- ^ أ ب دبيان الدبيان (2005)، كتاب موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة 2)، الرياض:مكتبة الرشد، صفحة 310، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ صالح الأزهري، كتاب الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، بيروت:المكتبة الثقافية، صفحة 303. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1848. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في التلخيص الحبير، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1/213، متفق عليه بمعناه.
- ↑ رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عائشة رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم:551، رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة ولم يذكر شواهده بألفاظها.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:289، صحيح.