حكم زيارة قبور الأنبياء

كتابة:
حكم زيارة قبور الأنبياء

حكم زيارة قبور الأنبياء

يُسن زيارة قبور المسلمين عموماً، ومن ضمنها قبور الأنبياء لكونها تُذكر بالموت والآخرة، ولأنَّ الهدف من زيارة القبور هو الاتعاظ والاعتبار، والدعاء لهم والسلام عليهم، وهذا ما أشار إليه قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَزُورُوا القُبُورَ؛ فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ).[١][٢]

أما إذا كان القصد والهدف من الزيارة هو التبرك بهم بالطواف حولهم، أو التبرك بتراب قبورهم والتمسح به، فأصبح ذلك غير مشروع لكونه وسيلة من وسائل الشرك بالله -تعالى-.[٢]

حكم السفر لزيارة قبور الأنبياء

الزيارة والسفر للعبادة لا يكون إلّا لثلاث مساجد، وذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَسْجِدِ الأقْصَى)،[٣]فلأولى للعباد في حال عزمهم للسفر والزيارة من أجل العبادة والتقرب من الله -تعالى- قصد هذه المساجد.

وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- من اتخاذ قبره عيداً يعتاده الناس للقدوم إليه والتكلف من زيارته بل حثَّهم على استبدال ذلك بالصلاة عليه،[٤]قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تجعلوا بيوتَكُم قبورًا، ولا تجعلوا قَبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ).[٥]

حكم الأحاديث المروية في فضل زيارة قبر النبي

الأحاديث المروية في فضل الزيارة للقبر الشريف فكلها أحاديث ضعيفة أو موضوعة، كما حققَّ ذلك العلماء، كما في قوله: (من زارَني بعدَ مَماتي فكأنَّما زارَني في حياتي)،[٦] وقوله: (منْ زارني بالمدينةِ محتسبًا؛ كنتُ لهُ شهيدًا أو شفيعًا يومَ القيامةِ).[٧][٤]

والرد على من يتخذ قوله -صلى الله عليه وسلم: (نَهَيْتُكُمْ عن زِيارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوها)،[٨] ذريعة لشد الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين: أنَّ هذا الحديث لا يُفيد إلا العظة وتذكر الآخرة، ولا يختص بقبر دون آخر، بل المقصود أن أي قبر زاره ورآه حصل له تلك العظة.[٩]

والسفر إلى زيارة القبور ليس منه أي فائدة، لأنَّ المقصود من زيارة القبور يحصل من القريبة كما يحصل من البعيدة، لكون العلة واحدة، وإذا تتبعنا سيرة الرسول، وفعله في زيارة القبور، لم نجده قد أشار إلى شد الرحال أو سفره لزيارة قبر أحد من الأنبياء والصالحين.[٩]

الحكمة من زيارة القبور

تتحقق حكمة زيارة القبور بالمقاصد الآتية:[٢]

  • المقصد الأول: الاتعاظ والاعتبار، بتذكر الإنسان للآخرة والموت.
  • المقصد الثاني: الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة، وهذا من الإحسان للميت.
  • المقصد الثالث: كسب الإنسان للأجر، وذلك باتباعه السنة الشرعية في زيارة القبور.

والمتتبع لآثر الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يجد أي أحد منهم قد شدَّ الرحال وسافر لزيارة قبر من قبور الصالحين، إلا أنَّه لا بأس من زياراتها للعبرة والاتعاظ وليس دون ذلك، ولكن على العبد الانشغال بما هو أهم والتركيز على سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الثابتة، والابتعاد عن كل ما قد يُشكل عليه، والحرص على اتباع سنة النبي والامتثال لأوامر الله على أكمل وجه.[٩]

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:976، خلاصة حكم المحدث صحيح.
  2. ^ أ ب ت محمد التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 582. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1189، خلاصة حكم المحدث صحيح.
  4. ^ أ ب عبدالله بن جبرين، فتاوى في التوحيد، صفحة 24. بتصرّف.
  5. رواه أبو داوود، في صحيح أبي داوود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2042، صحيح.
  6. رواه ابن تيمية، في الفرق بين العبادات، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:86، خلاصة حكم المحدث ضعيف.
  7. رواه الألباني، في السلسة الضعيفة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4598، خلاصة حكم المحدث ضعيف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بريدة الأسلمي، الصفحة أو الرقم:1977 ، خلاصة حكم المحدث صحيح.
  9. ^ أ ب ت محمد الفقيه، الكشف المبدي، صفحة 167-168. بتصرّف.
28720 مشاهدة
للأعلى للسفل
×