حكم صلاة التسابيح

كتابة:
حكم صلاة التسابيح

مفهوم صلاة التسابيح

إنّ صلاة التسابيح مصطلح معروف لدى المسلمين، وهو مكوّن من شقّين لو أراد المرء تفصيل هذا المصطلح من الناحية اللغوية، فأمّا الشقّ الأوّل من المصطلح فهو الصلاة، وهي عماد دين الإسلام، وقد روى ابن عمرو بن العاص عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سنينَ واضربوهُم عليها وهمْ أبناءُ عشرٍ وفرِّقوا بينهُم في المضاجعِ"[١]، فالصلاة من العبادات التي على المرء أن يعتادها صغيرًا لتشبّ معه وتلازمه فيعتادها ولا يتركها، وأمّا الشقّ الثّاني فهو كلمة التسابيح وهي جمع مفرده تسبيحة، والتسبيحة هي أن يقول المسلم: سبحان الله مرّة واحدة، والتسابيح يعني أكثر من مرة، وأمّا اصطلاحًا فصلاة التسابيح هي صلاة نافلة يصلّيها المسلمون مكوّنة من أربع ركعات، يقول فيها المسلم في أماكن محدّدة -سيأتي تفصيلها- "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر"، وسيقف هذا المقال فيما يأتي من فقرات مع حكم صلاة التسابيح وكيفيّتها.[٢]

حكم صلاة التسابيح

عند الحديث على حكم أمرٍ من جهة الشريعة الإسلاميّة فإنّه يجب النظر إلى أصله وكيف جاء، وصلاة التسابيح جاءت في حديث يُعلِّمُ فيه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عمّه العبّاس هذه الصلاة، والحديث يرويه عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- في غير كتاب من كتب الأحاديث، والحديث يقول إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال لعمّه العبّاس رضي الله عنه: "يا عباسُ يا عمَّاهُ ألا أُعطيَك؟ ألا أمنَحُك؟ ألا أحبُوَك؟ ألا أفعلُ بك عشرَ خصالٍ إذا أنت فعلتَ ذلك غفر اللهُ لك ذنبَك أولَه وآخرَه قديمَه وحديثَه خطأَه وعمدَه صغيرَه وكبيرَه سِرَّهُ وعلانيتَه؟ عشرُ خصالٍ أن تُصلِّيَ أربعَ ركعاتٍ تقرأُ في كلِّ ركعةٍ فاتحةَ الكتابِ وسورةً، فإذا فرغتَ من القراءةِ في أولِ ركعةٍ وأنت قائمٌ قلتَ سبحان اللهِ والحمدُ لله ولا إله إلا اللهُ والله أكبرُ خمسَ عشرةَ مرةً، ثم تركع فتقولُها وأنت راكعٌ عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك من الركوعِ فتقولُها عشرًا، ثم تهوِي ساجدًا فتقولُها وأنت ساجدٌ عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك من السُّجودِ فتقولُها عشرًا، ثم تسجدُ فتقولها عشرًا، ثم ترفعُ رأسَك فتقولُها عشرًا، فذلك خمس وسبعون في كلِّ ركعةٍ تفعل ذلك في أربعِ ركَعاتٍ، إن استطعتَ أن تُصلِّيَها في كلِّ يومٍ مرةً فافعلْ، فإن لم تفعلْ ففي كلِّ جُمعةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي كلِّ شهرٍ مرةً، فإن لم تفعلْ ففي كلِّ سنةٍ مرةً، فإن لم تفعلْ ففي عُمُركَ مرةً"[٣].[٤]

واختلف أهل العلم في نظرهم إلى هذا الحديث، فبحسب الحكم على الحديث يكون الحكم على الصلاة، فذهب الجمهور إلى إلى أنّها سنّة؛ نظرًا لأنّ الحديث له طرق كثيرة يقوّي بعضها بعضًا، فهم بذلك يحكمون عليها بحسب حكمهم على الحديث، وأمّا الحنابلة فهي عندهم ليست سنّة، وإنّما يُجيزُ بعضهم أداءها؛ لأنّهم يجيزون العمل بالحديث الضعيف، وقالوا إنّ الإمام أحمد قد ضعّف هذا الحديث، ولكن قد ورد عن ابن حجر العسقلاني أنّه قد ذُكِر سندٌ جيّد للإمام أحمد عن هذا الحديث فقال عن رجاله ثقة، وكأنّ السند أعجبه، وقد صحّح هذا الحديث جمهور المحققين كالإمام السيوطي والدارقطني والخطيب البغدادي وأبي موسى المدني وأبي بكر بن أبي داود والحاكم وابن حجر وغيرهم، وممّن ضعّفه ابن تيمية ورواية عن الإمام أحمد، والخلاصة أنّ الحديث -عند العلماء- لا ينزل عن درجة الحسن، وبذلك يكون حكم صلاة التسابيح عند الجمهور سنة، والله أعلم.[٤]

كيفية صلاة التسابيح

بعد الوقوف على حكم صلاة التسابيح وبيان رأي العلماء في حكم صلاة التسابيح فإنّ المقال يقف ختامًا مع صفة صلاة التسابيح أو كيفيّة أدائها، وإنّ كيفيّتها قد وردت في الحديث المشهور عن العباس بن عبد المطلب، فصلاة التسابيح أربع ركعات، في كلّ ركعة يقرأ المسلم فاتحة الكتاب ثمّ سورة بعدها، ثمّ يقول: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر" خمس عشرة مرّة، وليس معنى ذلك أن يقول سبحان الله وحدها خمس عشرة مرة والحمد لله خمس عشرة ولا إله إلّا الله خمس عشرة والله أكبر مثلها، ولكن يقول الذكر كلّه خمس عشرة مرّة، ثم عند الركوع يقول التسبيحة السابقة عشر مرّات ولكن بعد أن يقول ذكر الركوع، ثمّ إذا رفع من الركوع يقول التسبيحة عشر مرات بعد أن يقول الأذكار عند الرفع كأن يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ثمّ عند السجود يقولها عشر مرات كذلك بعد ذكر السجود، فإذا رفع من السجدة الأولى قال ما شاء من الأذكار المستحبة ثم يأتي بالتسبيحة عشر مرات، ثمّ في السجدة الثانية يقول التسبيحة عشر مرات، ثمّ عندما يرفع من السجدة الثانية وقبل أن يقوم للركعة التالية يقول التسبيحة عشر مرات، فهذه خمس وسبعون مرة في كلّ ركعة، وفي الأربع ركعات يكون المجموع ثلاثمئة تسبيحة، فإن سَهَا عن بعض التسبيحات فإنّه يأتي بسجود السهو، ومن أهل العلم من قال إنّه ليس هنالك تشهّد أوسط فيها[٥]، ومنهم من قال إنّه يجلس بعد الركعتين للتشهّد الأوسط، وهو رأي المالكيّة وغيرهم من أهل العلم[٦]، والله أعلم.

المراجع

  1. رواه الألباني ، في صحيح أبي داود، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 495 ، حديث حسن صحيح.
  2. "تعريف و معنى صلاة التسابيح في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com. بتصرّف.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1297، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  4. ^ أ ب "صلاة التسابيح... ماهيتها... وحكم أدائها"، www.islamweb.net. بتصرّف.
  5. "صلاة التسابيح"، www.saaid.net. بتصرّف.
  6. "الكيفية الصحيحة لصلاة التسابيح"، www.islamweb.net. بتصرّف.
5090 مشاهدة
للأعلى للسفل
×