حكم عدم تنفيذ وصية الميت

كتابة:
حكم عدم تنفيذ وصية الميت

مفهوم الوصية

إنَّ مفهوم الوصية باصطلاح الفقهاء عبارة عن: "تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، سواء أكان المُملَّك عيناً أم منفعة"،[١] وهي مشروعة في الكتاب والسنة،[٢] أمَّا دليل مشروعيتها في الكتاب فهو قول الله تعالى: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}،[٣] وأمَّا في السنة فهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ تصدَّقَ عليْكُم، عندَ وفاتِكُم بثلثِ أموالِكُم، زيادةً لَكم في أعمالِكُم"،[٤] وبناءً على الحديث السابق يُمكن القول بأنَّ الوصية لا تكون بأكثر من ثلث المال، وما زاد عن الثلث يتوقف على رضى الورثة وإجازتهم،[٥] وحول موضوع الوصية وأحكامها سيتم تخصيص هذا المقال للحديث عن حكم عدم تنفيذ وصية الميت بالإضافة إلى ذكر شروط تنفيذ الوصية.

حكم عدم تنفيذ وصية الميت

يغفل الكثير عن حكم عدم تنفيذ وصية الميت، حتَّى إن بعض المسلمين لا يبالون بها، وهذه من الأخطاء الشائعة، حيث إنَّ تنفيذ وصية الميت تعدُّ من الأمور الواجبة التي يأثم من تهاون في تنفيذها أو في تأخيرها إن كانت محددة في وقتٍ معين،[٦] وما يدلُّ على الحثِّ على تنفيذها ما ورد عن عبدالله بن عمرو أنَّ والده قال: "يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبي أوصَى بِعتقِ مائةِ رقبةٍ وإنَّ هشامًا أعتقَ عنهُ خمسينَ وبقيَت علَيهِ خمسونَ رقبةً أفأُعتِقُ عنهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ إنَّهُ لَو كانَ مسلِمًا فأعتقتُم عنهُ أو تصدَّقتُم عنهُ أو حجَجتُم عنهُ بلغَهُ ذلِكَ"،[٧] لكن إذا تعارضت الوصية مع قواعد الشريعة الإسلامية فلا يجوز تنفيذها، ويأثم الموصي والمنفِّذ حينها؛ لأنّ ذلك يعدُّ وسيلة من وسائل أكل الحقوق والمال الحرام.[٨]

شروط تنفيذ الوصية

إنَّ للوصية عدَّة شروطٍ سواء أكانت شروط صحة أم شروط نفاذ،[٩] وهذه الشروط منها ما تتعلق بالموصي ومنها ما تتعلق بالموصى له ومنها ما تتعلق بالموصى به،[١٠] وفيما يأتي تفصيل ذلك:

الشروط المتعلقة بالموصي

إنَّ الشروط المتعلقة بالموصي منها ما هي شروط صحة ومنها ما هي شروط نفاذ،[١٠] وفيما يأتي بعض الشروط المتعلقة بالموصي:

  • أن يكون الموصي أهلًا للتبرع: وذلك بأن يكون مكلفًا حرًا عاقلًا، ولا خلاف في ذلك بين الرجل والمرأة والمسلم والكافر، واختُلفَ في وصية الصغير المميز؛ فمنهم من قال بصحتها ومنهم من قال بعدم صحتها.[١٠]
  • الرضا والاختيار: إنَّ الوصية من الموصي عبارة عن إيجاب، لذلك لا بدَّ من أين يكون مختارًا راضيًا غير مكره حتى تصحَّ وصيته.[١١]
  • أن لا يكون مدينًا بدينٍ مستغرق لجميع تركته: وذلك لأنَّ الدين مقدَّم في السداد على الوصية.[١١]

الشروط المتعلقة بالموصى له

قد يكون الموصى له إمَّا جهة عامة أو شخصية معنوية أو قد يكون شخصًا طبيعيًا،[١٢] وفيما يأتي الشروط المتعلقة بالموصى له:

  • أن لا يكون الموصى له جهة معصية: حيث إنّ وصية المسلم تبطل في حال أنها كانت إلى ذاهبة إلى جهة معصية وهذا باتفاق الفقهاء.[١٢]
  • أن يكون الموصى له موجودًا ومعلومًا وأهلًا للتملك والاستحقاق:[١٢] فلا تصح الوصية للمعدوم؛ لأنَّ الوصية تمليك والتمليك لا يجوز لغير الموجود.[١٣]
  • أن لا يكون الموصى له وارثًا: لكن هذا الشرط متعلق على إجازة الورثة فإن أجاز الورثة فلا بأس.[١٤]

شروط الموصى به

أمَّا الشروط المتعلقة بالموصى به، هي أيضًا منها ما هو شروط صحة ومنها ما تكون شروط نفاذ، وفيما يأتي بيان شروط الموصى به:[١٥]

  • أن يكون مالًا متقومًا قابلًا للتمليك.
  • أن يكون مملوكًا للموصي.
  • أن لا يكون في معصية.

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7440، جزء 10. بتصرّف.
  2. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 7441، جزء 10. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية: 12.
  4. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2207، حديث حسن.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7487، جزء 10. بتصرّف.
  6. سليمان الجاسر، لمحات مهمة في الوصية، صفحة 33. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 2883، حديث حسن.
  8. "حكم الوصية إذا تعارضت مع الأحكام الشرعية"، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 15-4-2020. بتصرّف.
  9. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7458، جزء 10. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7459، جزء 10. بتصرّف.
  11. ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7461، جزء 10. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7462، جزء 10. بتصرّف.
  13. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7463. بتصرّف.
  14. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7475، جزء 10. بتصرّف.
  15. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 7479، جزء 10. بتصرّف.
4077 مشاهدة
للأعلى للسفل
×