محتويات
الأحكام الشرعية
قبل الحديث عن حكم لبس الذهب للرجال، تجدر الإشارة إلى معنى الأحكام الشرعية، حيث إن الأحكام جمع حكم، ويُعرّف الحكم لغًة بالقضاء، وأما اصطلاحًا فتُعرّف الأحكام الشرعية بانها ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين من وضع، أو طلب، أو تخيير، وتنقسم الأحكام الشرعية التكليفية إلى خمسة أقسام، وهي: الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح، ويمكن القول أن الواجب هو ما أمر به الله تعالى على وجه الإلزام كالصلوات الخمس، والمندوب هو ما أمر به الله تعالى على وجه الاستحباب لا اللزوم، كالسنن الرواتب، والحرام هو ما نهى الله تعالى عنه على وجه الإلزام بالترك كالسرقة، والمكروه هو ما نهى عنه الله تعالى لا على وجه الإلزام، والمباح هو ما لا يتعلق به أمر ولا نهي كالأكل والشرب.[١]
حكم لبس الذهب للرجال
ذكر الكثير من أهل العلم حكم لبس الذهب للرجال، وفصلوا في المسألة بشكل دقيق، ويمكن بيان نبذة من أرائهم وأقوالهم، حيث أجمعت المذاهب الأربعة الشافعية، والحنابلة، والحنفية، والمالكية على حرمة لبس الرجل للذهب، واستدلوا على قولهم بما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: "إنَّ نبيَّ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- أخذ حريرًا فجعلَه في يمينِه، وأخذ ذهبًا فجعلَه في شمالِه، ثم قال: إنَّ هذيْنِ حرامٌ على ذكورِ أمتي"،[٢] بالإضافة إلى ما رُوي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: "نَهَانِي رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عَنِ التَّخَتُّمِ بالذَّهَبِ".[٣][٤]
والجدير بالذكر أن الأحاديث السابقة تشمل عموم الذهب كثيره وقليلة، مما يدل على حرمة لبس الرجل القليل من الذهب وإن كان تابعًا لغيره، ويحرم عليه أيضًا لبس المطلي بالذهب، وهو ما ذهب إليه الإمام الشافعي، والإمام أحمد، وهو قول ابن باز، وابن عثيمين، بينما ذهب جمهور الفقهاء المالكية، والحنابلة، والشافعية إلى جواز استخدام الرجل للذهب في العلاج، كاتخاذ أنف، أو سن من ذهب، وهو قول عند أبي حنيفة، وأبي يوسف، محمد بن الحسن، واستدلوا على رأيهم بما روي عن عرفجة بن أسعد -رضي الله عنه- أنه قال: "أنَّه قُطِع أنفُه يومَ الكلابِ فاتَّخذ أنفًا من ورِقٍ، فأنتن عليه، فأمره النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فاتَّخذ أنفًا من ذهبٍ"،[٥] ويدل الحديث النبوي الشريف على جواز استعمال القليل من الذهب للرجل عند الضرورة وبهذا يكون قد تبين حكم لبس الذهب للرجال.[٤]
ضوابط اللباس الشرعي
بعد الوقوف عند حكم لبس الذهب للرجال، تجدر الإشارة إلى ضوابط اللباس في الإسلام، فقد أنعم الله تعالى على بني آدم بنعم عظيمة ومتعددة، ومنها نعمة اللباس الذي سخره الله تعالى للإنسان ليقيه من الحر والبرد، ومن أشعة الشمس، وليكون له زينة ويستر به عورته، مصداقًا لقوله تعالى: {يا بَني آدَمَ قَد أَنزَلنا عَلَيكُم لِباسًا يُواري سَوآتِكُم وَريشًا وَلِباسُ التَّقوى ذلِكَ خَيرٌ}،[٦]ولذلك ينبغي أن يحفظ الإنسان النعمة التي أكرمه بها الله تعالى ويراعي الضوابط الشرعية فيها، ويمكن الإشارة إلى ضوابط اللباس الشرعي فيما يأتي:[٧]
- خلو اللباس من الحرير والذهب: سبق بيان حكم لبس الذهب للرجال، وقد ذكر أهل العلم حرمة لبس الرجال للحرير المُنتج من دودة القز، واستثنوا الحرير الصناعي، ولذلك ينبغي خلو اللباس من الذهب والحرير.
- ستر العورة: وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، ولذلك يجب أن يكون لباس الرجل ساترًا لما بين السرة إلى الركبة، وألا يشف أي لا يرى اللون من تحته، وألا يصف، أي لا يحدد العورة.
- ألا يكون لباسًا دينيًا لغير المسلمين: فلا يجوز لبس قبعة اليهود على سبيل المثال، ولا الزنار الذي يضعه أهل الذمة على خصورهم ليتميزوا عن المسلمين، ولا ثياب عبدة النار، بينما يجوز ارتداء لباس غير المسلمين إن لم يكن مخصوصًا لدين معين، كربطة العنق مثلًا فهي لباس غربي، ولكنه غير محصور بدين معين فيجوز لباسها.
- عدم التشبه بالنساء: يحرم على الرجل التشبه بالمرأة عمومًا، ومن ذلك ارتداء ملابس النساء، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النساء من التشبه بالرجال، ونهى الرجال من التشبه بالنساء.
- ظوابط أخرى: من الضوابط الشرعية التي ينبغي توفرها في اللباس عدم الإسراف، وعدم تجاوز اللباس للكعبين، فقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من أسبل ثوبه خيلاءً لم يرح رائحة الجنة.
حكم استخدام الذهب في الأواني
لم يقتصر شرح أهل العلم على بيان حكم لبس الذهب للرجال فقط، بل اشتمل حكم استخدام الذهب في الأواني أيضًا، حيث ذهبوا إلى تحريم استخدام الذهب في الأواني الخاصة للأكل والشرب، واستدلوا على قولهم بما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تَشْرَبُوا في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ولَا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ والدِّيبَاجَ، فإنَّهَا لهمْ في الدُّنْيَا ولَكُمْ في الآخِرَةِ".[٨][٩]
حكم لبس الذهب الأبيض للرجال
ليس هناك اختلاف كبير في حكم لبس الذهب للرجال سواءً كان الذهب أبيضًا أم أصفرًا، فبعد الاسترشاد برأي أصحاب الخبرة في صناعة المجوهرات، تبين أن اسم الذهب الأبيض قد يطلق على عدة أشياء، فقد يُطلق على معدن البلاتين وفي هذه الحالة يُباح للرجال من غير حرج، وقد يُطلق على الذهب الأصفر المطلي بمعدن البلاتين وفي هذه الحالة يكون حكمه الحرمة كما هو حكم لبس الذهب للرجال، وقد يُطلق اسم الذهب الأبيض على الذهب الأصفر المخلوط بنسبة معينة من مادة البلاديوم وفي هذه الحالة أيضًا يحرم لبسه على الرجال. [١٠]
فيديو عن حكم لبس الذهب للرجال
فيما يأتي فيديو يوضح خلاله فضيلة الدكتور بلال إبداح حكم لبس الذهب للرجال بالتفصيل وبشكلٍ واضح:[١١]
المراجع
- ↑ "الأصول من علم الأصول"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 4057 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2078 ، صحيح.
- ^ أ ب "حُكمُ لُبسِ الرَّجُلِ الذَّهَبَ والتزينِ به"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عرفجة بن أسعد، الصفحة أو الرقم: 4232 ، حسن.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 26.
- ↑ "حد اللباس الشرعي وضوابطه"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-09-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حذيفة بن اليمان ، الصفحة أو الرقم: 5633 ، صحيح.
- ↑ "هل يجوز الشرب من إناءٍ في بعض نواحيه شيء من الذهب؟"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "ما حكم لبس الذهب الأبيض للرجال ؟."، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 28-09-2019. بتصرّف.
- ↑ "حكم لبس الذهب للرجال"، www.youtube.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-09-2019. بتصرّف.