حكم لبس السواد حدادًا

كتابة:
حكم لبس السواد حدادًا

الموت

ما من أحدٍ يؤمن بالله تعالى وباليوم الآخر ينكر حقيقة الموت؛ فالموتُ حقٌّ، وقد ورد ذكر حتميّته في كثيرٍ من الآيات في كتاب الله، ومنها: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}،[١] وهو من الأمور التي عندما يذكرها الإنسان تحفّزه على القيام بالطاعات وتجنّب الآثام، فهو يؤمن بأنّه في يومٍ ما سيكون بين يدي الله، فيُحاسب على ما قدّمت يداه، وقد حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على تذكّر الموت حين قال: "أَكْثِروا ذِكْرَ هاذمِ اللَّذَّاتِ الموتِ"،[٢] فالموت لا يستأذن أحدًا، ويأتي بشكلٍ مفاجئٍ دون مقدّمات، وقد بيّن ذلك -عزّ وجلّ- في قوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}،[٣] ويحزن الإنسان على فقدان أحبّته حتى وإن كان الموت حقًّا؛ فذلك أمرٌ فطريّ، وهنالك مجموعةٌ من المراسم أو العادات التي ترافق أجواء الموت، ومنها لبسُ الملابس السوداء حدادًا على الميت، وفيما يأتي سيعرض المقالُ حكم لبس السواد حدادًا.[٤]

حكم لبس السواد حدادًا

في غالبيّة المجتمعات يلتزم النّاسُ ولا سيما النّساء بلبس الملابس ذات اللون الأسود في حال حدوث حالة وفاة، فما حقيقة تلك العادة، وما حكم لبس السواد حدادًا في حالة الوفاة، حيث لم يرد حديثٌ عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في ذكر لبس السّواد حدادًا على الميّت، ولم يرد ذلك في القرآن الكريم أيضًا، وقد عدّه العلماء بدعة من بين البدع الكثيرة؛ فقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم متابعة النساء للجنازة، ولبس الثوب الأسود؟ فأجاب: "اتّباع النساء للجنائز حرامٌ لقلّة صبرهنّ، ولِما في ذلك من التعرّض للفتنة والاختلاط بالرجال. وأما لبس السواد عند المصيبة فمن البدع"، وقد تحدّث ابن عثيمينَ في مكانٍ آخرَ عند سؤاله عن تخصيص الأسود للنساء في الحداد، فأجاب: إنه تعبيرٌ عن سخط الإنسان على قدر الله تعالى المحتّم على كلّ إنسان، وتركُه أولى من اتّباعه، كما شبّه ابن عثيمين لبس السّواد في موضعٍ آخرَ بالأمور التي نهى عنها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتبرّأ منها، والتي وردت في حديث الرسول؛ حيث قال: "ليس منا مَن لطَم الخدودَ وشقَّ الجيوبَ ودعا بدعوى الجاهليّةِ"،[٥] لذلك فهو بدعةٌ ومن الأفضل تركها.[٦]

فضل الدعاء للميت

شرّع الله تعالى الجنازة وجعلها فرضًا على المسلمين؛ لأنّهم يدعون فيها للميت بعد التكبيرة الثّالثة، ويكفي الدعاء له بالرّحمة والمغفرة؛ فالدعاءُ له فضلٌ على الميت بالإجماع؛ حيث يعدُّ بمثابة صدقةٍ جاريةٍ له بعد وفاته، وفي ذلك ما ورد في حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "إذا مات الإنسانُ انقطَع عملُه إلا يدعو إلَّا مِن ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ أو عِلمٍ يُنتفَعُ به أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"،[٧] فكما يقوم النّاس بتوزيع الصدقات بعد وفاةِ شخصٍ ما، فكذلك لا بدّ من ذكرهم له في دعائهم؛ إذ الدّعاء ينفع الميت.[٨]

المراجع

  1. سورة العنكبوت، آية:57
  2. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2992، أخرجه في صحيحه.
  3. سورة الأعراف، آية:34
  4. "ذكر الموت..حياة القلوب"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1294، صحيح.
  6. "كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3016، أخرجه في صحيحه.
  8. "هل ينتفع الميت بالدعاء؟ وهل يعلم من دعا له؟"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-08. بتصرّف.
3436 مشاهدة
للأعلى للسفل
×