حكم ما أخذ بالحياء

كتابة:
حكم ما أخذ بالحياء

مفهوم الحياء

يشير مفهوم الحياء إلى انقباض يحدث في النفس من شيء ما فيتركه خوفًا من أن يُلام فيه، وبتعريفٍ آخر فإنَّ الحياء خلقٌ يحثُّ صاحبه على أن يجتنبَ القبائح جميعها وأن يمتنع عن الإهمال أو التقصير في حقِّ كل صاحب حق، ويرى البعض أنَّ الحياء إنَّما هو انكسار وتغيير يصيب الإنسان جراء خوفه من أن يُعاب عليه أمرٌ معيَّن، وأن يلحقُه الذم ويظهرُ على الوجه غالبًا، والحياء كما وردَ في كتاب الله وسنَّة نبيٍّه محمد -صلى الله عليه وسلم- صفةٌ من صفات الله تعالى الثابتة، وتدلُّ صفة الحياء على الفضل والجود والكرم والجلال، وفي هذا المقال سيدور الحديث عن حكم ما أخذ بالحياء في الإسلام.[١]

حكم ما أخذ بالحياء

لقد صان الله تعالى مال المسلم وممتلكاته وحفظَها له، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ"،[٢] ولذلك لا يجوز لأي شخصٍ أن يأخذَ شيئًا منها إلا عن طيبِ نفسٍ من صاحبها، وقد وردَ في الأثر القول المشهور: ما أخذَ بسيف الحياء فهو حرام، وهذا القول المأثور يتطابق مع الحديث الذي رواه حنيفة الرقاشي -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا لا تظلموا ألا لا يحلُّ مالُ امرئٍ إلَّا بطيبِ نفسٍ منه"،[٣] ولذلك لا يحلُّ لأي شخص أن يأخذَ من شخصٍ آخر شيئًا دون رضاه،[٤] وقد أوردَ ابن حجر الهيثمي في كتاب الفتاوى الكبرى أيضًا قوله: "ألا ترى إلى حكاية الإجماع على أنَّ من أخذَ منه شيء على سبيل الحياء من غير رضًا منه بذلك أنَّه لا يملكه الآخذ، وعللوه بأنّ فيه إكراهًا بسيف الحياء فهو كالإكراه بالسيف الحسي، بل كثيرون يقابلون هذا السيف ويتحملون مرار جرحه ولا يقابلون الأول خوفًا على مروءتهم ووجاهتهم التي يؤثرها العقلاء، ويخافون عليها أتم الخوف"، أي إنَّ ما تمَّ أخذُه على سبيل الحياء لا يتملَّكه الآخذ ويجبُ عليه ردُّه وهذا هو قول إجماع أهل العلم في حكم ما أخذ بالحياء، والله -تعالى- أعلم.[٥]

حقوق الغير في الاسلام

بعد معرفة حكم ما أخذ بالحياء سيتم الحديث عن بعض حقوق الغير في الإسلام، حيث إنَّ حقوق المسلم على المسلم كثيرةٌ جدًّا، وتتوزَّع تلك الحقوق بين الواجبات التي لا يجوز تركها ويأثم من يتركها وبين ما كان منها واجب كفائي، أي يكفي أن يقوم بها بعض المسلمين فيسقط إثم ذلك عن البقية، وهناك أمور مستحبَّة أيضًا لا يأثم المسلم إذا لم يقم بها ولكن الأفضل أن يقوم بها، وقد وردَ في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ"،[٦] حيثُ بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمس من حقوق المسلم في هذا الحديث، فرد السلام وإجابة الدعوة فرض عين أمَّا البقية فهي فرض كفاية، وأيضًا يجب على المسلم أن لا يُلحِق الضرر بأخيه المسلم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"،[٧] وغير ذلك كثير.[٨]

المراجع

  1. "معنى الحياء لغة واصطلاحاً"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2564، حديث صحيح.
  3. رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج المشكاة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 193، حديث حسن.
  4. "ما أخذ بسيف الحياء لا يتملكه الآخذ ويجب رده"، www.islamweb.net، 16-4-2020. بتصرّف.
  5. "ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2162، حديث صحيح.
  7. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عباس وعبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 9880، حديث حسن.
  8. "حقوق المسلم على المسلم منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-4-2020. بتصرّف.
3563 مشاهدة
للأعلى للسفل
×