حكم من صلى بطريقة خاطئة مدة طويلة دون علمه، وفق رأي المذاهب والعلماء

كتابة:
حكم من صلى بطريقة خاطئة مدة طويلة دون علمه، وفق رأي المذاهب والعلماء

مفهوم الصلاة

الصلاة لغةً هي الدعاء قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم}،[١] وهي الرُّكن الثاني من أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، وقد فرضها الله -تعالى- ليلة الإسراء والمعراج فكانت في بدايتها خمسين صلاة ثم خُفِّفت حتى الخمس صلوات،[٢] والصَّلاة هي كفَّارة خطايا العبد لما ورد من حديث رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في أنَّ الصلوات الخمس تمحو الذنوب وتغسلها كما يغسل الماء القذارة، والصلاة هي صلةٌ بين العبد وربه يتجدد فيها نشاطه فيستعين بها على الحياة وتكون أُنسًا له في مشاقها، وبتركها يخرج المرء من الملة فيكون كافرًا ومن حفظها كانت له نورًا يوم الحساب، وقد يُخطئ بعض النَّاس في تأديتها دون علمٍ منهم أو بجهلٍ لم يفطنوا إليه إلا بعد مدةٍ من الزمن؛ لذلك سيقف هذال المقال للحديث عن حكم من صلى بطريقة خاطئة مدة طويلة دون علمه، وفق رأي المذاهب والعلماء، وفيما يأتي سيكون ذلك.[٣]

حكم من صلى بطريقة خاطئة مدة طويلة دون علمه، وفق رأي المذاهب والعلماء

يسعى المسلمُ دائمًا لتأدية الفرائض والواجبات الدِّينيَّة على أتمِّ وجهٍ وبأصحِّ صورة، وقد يرتكب بعض المسلمين أخطاء في الصلوات دون قصدٍ منهم أو عمد، فلا بدَّ حينها من التَّوجه بالسؤال لأئمة أهل العلم، وستقف هذه الفقرة للحديث عن أكثر الأخطاء التي قد تُرتكب في الصلاة وما حكم كلٍّ منها حسب رأي المذاهب والعلماء:

حكم صلاة من تكلم أثناء صلاته جاهلًا

الكلام في الصلاة هو من واحدٌ من مبطلاتها، وقد يتكلَّم المرء في صلاته جاهلًا بحكم الكلام في الصلاة أو إن كان حديث عهدٍ بالإسلام غير عالمٍ بمبطلاتها على وجه التمام، واختلف أئمة المذاهب الأربعة في ذلك؛ فذهب كلٌّ من الحنفيَّة والمالكيَّة إلى أنَّ التكلم في الصلاة يبطلها سواء كان ذلك المتكلم عالمًا بأن الكلام من مبطلات الصلاة أو غير عالمٍ بذلك، وقال الشافعية إن تكلم بشكلٍ قليلٍ وكان حديث عهدٍ بالإسلام ونشأ بعيدًا عن الشيوخ والعلماء فصلاته غير باطلة، أمَّا إن كان إسلامه قديمًا وعلى مقربةٍ من أهل العلم ودروسهم فصلاته باطلة؛ لأنَّه لم يتفقه في أمور دينه.[٤]

حكم من صلى إلى غير القبلة خطأ

من المعلوم لكلِّ مسلمٍ أنَّه لا بدَّ من استقبالالقبلة عند الصلاة، وقد يُخطئ المسلم بعض الأحيان في تحديد القبلة، فقال الحنفيَّة إن اجتهد المسلمُ في معرفة القبلة وسأل غيره ومن ثم تبيَّن له أنَّ القبلة التي اتخذها فصلى عليها كانت خاطئة لا تلزمه الإعادة، أمَّا إن هو لم يسأل وصلى بدون سعيٍ أو اجتهاد ثم تبيَّن له خطأ ما ذهب إليه تلزمه الإعادة، وقال المالكيَّة مثل قول الحنفية الأوَّل لو اجتهد وأخطأ لا تلزمه الإعادة وإنما تُندب له في الوقت، وأمَّا الشَّافعيَّة فألزموه إعادتها ما دام قد اكتشف خطأه وتبينه سواء اجتهد أم لا، وفرَّق الحنابلة ما بين الإقامة أو السفر فلو أخطأ المقيم في القبلة أُلزم بإعادة صلاته سواء اجتهد في ذلك أم لا.[٥]

حكم من أخطأ في الصلاة وكان حديث عهد بالإسلام

أمَّا من اعتنق الإسلام حديثًا ولم تكن له وسيلةٌ صحيحةٌ تعينه للوصول إلى العلم الشرعيِّ الصحيح، وتُمكِّنه من تأدية العبادات على وجهها الصحيح مثل الصلاة أُعذر بالجهل، إذ إنَّه ظنَّ أنَّ ما يفعله هو الشريعة الحقُّ حتى يتبيَّن له خطأ ما كان يفعله فيعود إلى الشريعة الصحيحة ويهتدي بهدي الله، فعندها لا إعادة للصلاة التي أخطأ فيها لقوله تعالى في سورة الإسراء: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}،[٦] والله أعلى وأعلم.[٧]

حكم من صلى بوضوء باطل جاهلًا

وأما حكم من صلى بوضوءٍ باطلٍ جهلًا منه وأدرك بعدها أنَّ وضوءه كان باطلًا لا تلزمه إعادة تلك الصلوات التي صلى فيها بالوضوء الباطل، واختصَّ بعض أهل العلم بذلك الوقول خالفين رأي الجمهور في ذلك، ولكن من أراد تبرئة ذمته على وجه اليقين فله أن يُعيد تلك الصلوات ولا بأس عليه في ذلك، والله هو أعلى وأعلم.[٨]

حكم من شك في صلاته بعد الانتهاء منها

إنَّ الشكَّ في الصلاة بعد الانتهاء منها لا يُؤثر على صحَّة الصلاة، إلا إن تيقَّن المصلي يقينًا جازمًا أنَّه قد أخلَّ بأحد شروط الصلاة أو أحد أركانها فعندها تلزمه الإعادة، أمَّا إن كان شكًّا فقط وظنًّا ولم يكن متأكدًا من إخلاله بالصلاة وكان ذلك الظن بعد الانتهاء منها فلا إعادة عليه، فلو شكَّ المصلي أنَّه زاد سجودًا أو قعودًا في الصلاة وكان جاهلًا بالحكم فلا إعادة عليه؛ لجهل المصلي بالحكم في ذلك الوقت، والله هو أعلى وأعلم.[٩]

حكم إعادة صلاة من التبس عليها وقت حيضها وطهرها

تختلف مدة الحيض ما بين النساء خمسًا أو ستًا أقل أو أكثر، فلو انتهت مدة حيضها اغتسلت وصلت وصامت وأتت العبادات على وجهها وحلَّت لزوجها، فلو زادت عليها مدة الحيض أكثر من خمسة عشر يومًا كان ذلك الدم استحاضة وليس حيضًا فتمسح أثر الدم وتستعين بشيءٍ ما يُخفف منه وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، فلو التبس الأمر على المرأة في طهرها أهي طهرت أم لا وشكَّت في صلاتها في ذلك الوقت فليس عليها إعادة شيءٍ من الصلوات التي شكت بها حتى تتيقن يقيًا جازمًا من الصلوات التي لا بدَّ من قضائها فتقضيها، وأمَّا إن كان الأمر مجرد وساوس وظنون فلتستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا شيء عليها والله أعلم.[١٠]

حكم من قصر الصلاة جاهلًا

وأمَّا من قصر بالصلاة فصلى مثلًا العشاء ركعتين وهو أربع ركعات فتلزمه إعادته -إن كان مقيمًا غير مسافر- إذ لا يصح القصر سوى للمسافر، ولو كان إمامًا وصلى معه جماعةٌ من النَّاس فعليه أن يُخبرهم عن الخطأ ويُبيِّن لهم أنَّ القصر للمسافر، ويعيدوا الصلاة أيضًا على وجهها الصحيح.[١١]

المراجع

  1. سورة التوبة، آية:103
  2. "تعريف الصلاة وأهميتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-04. بتصرّف.
  3. "كتاب: الطهارة والصلاة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-04. بتصرّف.
  4. "كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية"، al-maktaba.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
  5. "مذاهب العلماء فيمن صلى لغير القبلة خطأ"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
  6. سورة الإسراء، آية:15
  7. "هل يجب عليها أن تعيد الصلوات التي كانت تصليها بطريقة خاطئة لأنها حديثة عهد بالإسلام "، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
  8. "حكم من صلى صلوات كثيرة باطلة لجهله وحنث في كثير من الأيمان ولا يدري عددها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
  9. "واجب من شك أنه لم يأت بالصلاة على وجهها "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
  10. "حكم قضاء المرأة ما فاتها من صلوات للجهل بأحكام الحيض"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
  11. "كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **"، www.al-eman.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-05. بتصرّف.
3944 مشاهدة
للأعلى للسفل
×