حوار عن الصدق

كتابة:
حوار عن الصدق

حوار عن الصدق

قد نعيش يومياً لحظات متتالية من الحديث مع النفس والذي يقوم على أساسه حوار بينك وبين نفسك من أجل مناقشة بعض الأمور التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية، وتبدأ مرحلة الصراع مع النفس بين الخير والشر، وفيما يأتي حوار يدور في النفس بين الخير والشر ويتناول موضوع الصدق:

- هل يجب أن ألجأ إلى الكذب على نفسي وعلى الآخرين ؟!

فيسمع صوتاً ما بداخله يهمس في جوفه:

- لا لستَ مضطراً لذلك، ولكن تذكر أنك في حالة الاعتراف بذنبك ستفقد مركزك ومنصبك الذي أنت فيه الآن، هل تستطيع ذلك ؟!

يردُّ في حيرة:

- ولكن ماذا لو استمررت في الكذب وإخبار الجميع أن الشركة الآن بأمان وأن جميع الحسابات التي تقوم بها الشركة الآن صحيحة، ستقع الشركة في مأزق كبير لن تستطيع الخلاص منه.

فيسمعُ الصوتَ ثانيةً، يقولُ بخبث:

- أنت تقول بلسانك… الشركة ! أي الجميع إلا أنت، فأنت ستبقى في مركزك الموجود فيه الآن، ولن يحدث أي مكروه وستبقى في مكانك دون أي ضرر !

يفكر للحظة... يتردد ثمَّ يقول:

- أجل هذا صحيح أنا الآن بأمان ولكن عندما يتم إعادة الحسابات سيقومون بمعرفة الشخص الذي قام بتدقيق الحسابات وحينها سيكتشفون أمري، وسيكون واضحاً للجميع أنني أنا وراء جميع الأخطاء الموجودة في الحسابات، وسيفضح أمري حتماً.

- ممممم... هل أنتَ متأكد !؟ قد يكون ما تقوله صحيحاً … ولكن هل سيقوم الموظفون بالبحث في مئات الأوراق من أجل معرفة مدقق الحسابات ومعاقبته، هل ستجد أحداً ليقوم بذلك أثناء الفوضى العارمة في الشركة؟ أنا لا أعتقد هذا.. لأن الجميع سيكون مشغولاً، وأنت ستظهر بدور البطل الذي سينقذ الشركة، وقد تحصل حينها على ترقية في الشركة.

- ماذا سأصبح مدير ...فرصة !!

ثم يوافيه صوت خافت بسرعة:

- لا لا لا يجب ألا أتسرع من الممكن أن يتم اكتشاف الأمر.

يعود الصوت مرةً أخرى:

- ههه... إذا كنت تشعر بالخوف فالحل بسيط بإمكانك أن تقوم بوضع توقيع آخر على الورق، ولن يكتشف أي أحد ذلك، وستبعد التهمة عن نفسك وتصل إلى مبتغاك.

- نعم هذا صحيح... التزوير من أفضل الطرق، وسوف أبلغ المدير أنّ زميلي في الغرفة المجاورة هو من أخطأ في تدقيق الحسابات ولست أنا، ولن يكتشف أحد الأمر.

- هل رأيت مدى سهولة الأمر... لن يعلم أحد بذلك… وستحصل على مبتغاك الذي لن تحصل عليه لو صَدقْت... الكذب هو أفضل وسيلة من أجل الوصول إلى ما تريده… أما إذا قلت الحقيقة فستتعاقب.

- نعم قد أحصل على عقوبة وقد يبتعد عني أصدقائي… كما قد ينفر الناس من حولي.

- لا أحد سيفكر في أطفالك الذي ينتظرون راتبك الشهري الذي لا يكفي لتلبية جميع احتياجتك… كما أنّ الجميع سيتناسَون جهودك طوال سنين عملك في الشركة.

- ربما يحدث ذلك... ولكن إن قلت الحقيقة فإن الله سيرضى عني... وقد يكافئني بالعوض في مكان آخر ووظيفة أخرى أفضل من التي أنا بها الآن وسيعوضني في الآخرة وهو الأهم.

- وهل الوظائف متوفرة بكثرة الآن؟… أين ستجد أفضل من الشركة المحترمة التي تعمل بها الآن؟… لا تكن ساذجاً.-

- لربما صدقي لن يمنع عني عقاب مدير الشركة... ولكنه سيمنع عني عقاب مدير رب الشركة… وهو العقاب الأكبر.

- لا لن أكذب سأذهب إلى المدير غداً وأعترف له بالأمر.

- ستخسر وظيفتك يا غبي.

- ولكنني سأكسب رضا الله الذي هو أساس العمل السليم في الحياة.

5876 مشاهدة
للأعلى للسفل
×