خصائص الحكاية على لسان الحيوان

كتابة:
خصائص الحكاية على لسان الحيوان


خصائص الحكاية على لسان الحيوان

إنّ فن الكتابة على لسان الحيوانات هو من الفنون الأدبية القديمة في التاريخ، ولهذا الفن اسم شائع هو "الخرافة" لأنّ العمل قائم على حديث الحيوانات ونحو ذلك، وهذا من الأمور التي لا تحدث في الواقع إطلاقًا، وقد وضع الباحثون خصائص لتمييز هذا الفن والمحافظة على أصالته، ومن تلك الخصائص ما يأتي:[١]

  • قِصَر القصة في أغلب الأحيان نظرًا لما تحمله من عبرة وأخلاق.
  • عدم اقتصارها على النثر وإنّما قد تكون في الشعر أيضًا.
  • محدوديّة أحداثها واقتصارها في الغالب على حدث واحد غير قابل للتفريع.
  • شخصيّاتها هي الحيوانات التي تؤدّي دور البشر وتكون البطولة لها مع الحفاظ على خصائصها الحيوانية.
  • ضرورة مشابهة الحيوانات للإنسان في كثير من التصرفات لما في ذلك من إثارة ذهن المتلقي كي يعتقد أنّ الحيوان هو إنسان في الحقيقة.
  • نَقل الحكاية لرسالة أخلاقية محددة تمثّل المعنى العام للقصة التي تدور حوله، وغالبًا ما يُصرِّح الكتّاب بالموعظة الأخلاقية في نهاية القصة مثل قصص كليلة ودمنة.
  • مُعالجة القصة الحيوانية الخرافية لمضامين إنسانية عامة ولكن بطريقة الرمز والتلميح.
  • الحيوية في تأويلها لأنّها قيلت لكي تكون مناسبة لجميع الأعمار.
  • السهولة في السرد والحوار ما يجعل القصة سهلة التذكّر كذلك.
  • القدرة على كسر الحواجز والسفر إلى مختَلف الآداب العالمية؛ لأنّها قيلت لتكون أدبًا يعرفه الجميع من دون أن يكون حكرًا على أدب بعينه، وهذا ما يفسّر وجود كثير من الخرافات العالمية في الأدب العربي.


أشهر كتاب الحكايات على لسان الحيوان

من أشهر الأدباء الذين كتبوا على لسان الحيوانات نثرًا وشِعرًا ما يأتي:


عبد الله بن المقفّع

هو واحد من الكتّاب البلغاء الأعلام في تاريخ الأدب العربي، كان يُصنَّف في مستوى عبد الحميد الكاتب، أصله من بلاد فارس وكان مجوسيًّا إلى أن أسلَمَ على يد الأمير العباسي عيسى عم الخليفة أبي العباس السفّاح، كان حادّ الذكاء مع طيش فيه، اتُّهم بالزندقة ومات مقتولًا، من أشهر كتبه كليلة ودمنة الذي ترجمه وزاد عليه وهو يدور على لسان الحيوانات.[٢]


أحمد شوقي

هو أحمد شوقي بن علي بن أحمد شوقي، أحد أشهر الشعراء في العصر الحديث، ولُقِّبَ بأمير الشعراء، يعود أصله إلى أسرة كرديّة ربّما كان أصلها يعود إلى العرب، ولد في القاهرة ومات فيها، سافر إلى فرنسا ودرس فيها الحقوق وكان ممثلًا لمصر في مناسبات عديدة نظرًا لقربه من الخديوي، كتب الشعر والمسرحيات الشعرية وأشعار الأطفال التي جعلها على لسان الحيوانات.[٣]


نماذج من حكايات على لسان الحيوان

من نماذج الحكايات على لسان الحيوان ما يأتي:


قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين من كليلة ودمنة

جاء في كتاب كليلة ودمنة في قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين: "قال له الثعلب: يا مالك الحزين: إذا أتتك الريح عن يمينك فأين تجعل رأسك؟ قال: عن شمالي. قال: فإذا أتتك عن شمالك فأين تجعل رأسك. قال: أجعله عن يميني أو خلفي. قال: فإذا أتتك الريح من كل مكان وكل ناحية فأين تجعله؟ قال: أجعله تحت جناحي. قال: وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك؟ ما أراه يتهيأ لك".[٤]


"قال: بلى: قال: فأرني كيف تصنع؟ فلعمري يا معشر الطير لقد فضلكم الله علينا. إنكن تدرين في ساعة واحدة مثل ما ندري في سنة، وتبلغن ما لا نبلغ، وتدخلن رؤوسكن تحت اجنحتكن من البرد والريح. فهنيئاً لكن فأرني كيف تصنع. فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه فوثب عليه الثعلب مكانه فأخذه فهمزه همزة دقت عنقه".[٤]



قصيدة يحكون أن أمة الأرانب

قال أحمد شوقي في هذه القصيدة:[٥]


يَحكونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ

قَد أَخَذَت مِنَ الثَرى بِجانِبِ

وَاِبتَهَجَت بِالوَطَنِ الكَريمِ

وَمَوئِلِ العِيالِ وَالحَريمِ

فَاِختارَهُ الفيلُ لَهُ طَريقا

مُمَزِّقاً أَصحابَنا تَمزيقا

وَكانَ فيهِم أَرنَبٌ لَبيبُ

أَذهَبَ جُلَّ صوفِهِ التَجريبُ

نادى بِهِم يا مَعشَرَ الأَرانِبِ

مِن عالِمٍ وَشاعِرٍ وَكاتِبِ

اِتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي

فَالاتِّحادُ قُوَّةُ الضِعافِ

فَأَقبَلوا مُستَصوِبينَ رايَه

وَعَقَدوا لِلاجتِماعِ رايَه

وَاِنتَخَبوا مِن بَينِهِم ثَلاثَه

لا هَرَماً راعَوا وَلا حَداثَه

بَل نَظَروا إِلى كَمالِ العَقلِ

وَاِعتَبَروا في ذاكَ سِنَّ الفَضلِ

فَنَهَضَ الأَوَّلُ لِلخِطابِ

فَقالَ إِنَّ الرَأيَ ذا الصَوابِ

أَن تُترَكَ الأَرضُ لِذي الخُرطومِ

كَي نَستَريحَ مِن أَذى الغَشومِ

فَصاحَتِ الأَرانِبُ الغَوالي

هَذا أَضَرُّ مِن أَبي الأَهوالِ

وَوَثَبَ الثاني فَقالَ إِنّي

أَعهَدُ في الثَعلَبِ شَيخَ الفَنِّ

فَلنَدعُهُ يُمِدُّنا بِحِكمَتِهِ

وَيَأخُذُ اِثنَينِ جَزاءَ خِدمَتِهِ

فَقيلَ لا يا صاحِبَ السُمُوِّ

لا يُدفَعُ العَدُوُّ بِالعَدُوِّ

وَاِنتَدَبَ الثالِثُ لِلكَلامِ

فَقالَ يا مَعاشِرَ الأَقوامِ

اِجتَمِعوا فَالاِجتِماعُ قُوَّه

ثُمَّ احفِروا عَلى الطَريقِ هُوَّه

يَهوي إِلَيها الفيلُ في مُرورِهِ

فَنَستَريحُ الدَهرَ مِن شُرورِهِ

ثُمَّ يَقولُ الجيلُ بَعدَ الجيلِ

قَد أَكَلَ الأَرنَبُ عَقلَ الفيلِ

فَاِستَصوَبوا مَقالَهُ وَاِستَحسَنوا

وَعَمِلوا مِن فَورِهِم فَأَحسَنوا

وَهَلَكَ الفيلُ الرَفيعُ الشانِ

فَأَمسَتِ الأُمَّةُ في أَمانِ

وَأَقبَلَت لِصاحِبِ التَدبيرِ

ساعِيَةً بِالتاجِ وَالسَريرِ

فَقالَ مَهلاً يا بَني الأَوطانِ

إِنَّ مَحَلّي لَلمَحَلُّ الثاني

فَصاحِبُ الصَوتِ القَوِيِّ الغالِبِ

مَن قَد دَعا يا مَعشَرَ الأَرانِبِ



المراجع

  1. وفاء إبراهيم السبيّل، قصص الحيوان بين "كليلة ودمنة " و "حكايات إيسوب" دراسة أدبية، صفحة 24 - 25. بتصرّف.
  2. شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 208 - 209. بتصرّف.
  3. الزركلي، الأعلام، صفحة 136. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن المقفع، كليلة ودمنة، صفحة 319 - 320.
  5. "يحكون أن أمة الأرانب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 25/2/2022.
5098 مشاهدة
للأعلى للسفل
×