خصائص المدرسة السلوكية

كتابة:
خصائص المدرسة السلوكية

خصائص المدرسة السلوكية

يُعدّ العالم "جون واطسن" مؤسس الاتجاه السّلوكيّ، وهي مدرسة من مدارس علم النفس وقامت المدرسة السّلوكيّة على أساس التّعلم، والتعلم فرع من العلوم الطبيعية، وتُركز المدرسة السّلوكيّة على سلوك الفرد، وعاداته، وخبراته التي تعلمها واكتسبها منذ الصغر.[١]


مدرسة علمية

ما هي الأوجه العلمية للمدرسة السّلوكيّة؟

إنّ المدرسة السّلوكيّة ترتكز على مبادئ علميّة وإجراءات منظّمة ومرتبة وفق بحوث واختبارات، وتعتمد المدرسة على مبادئ التّعلم والتي استندت على تجارب مخبرية قام بها العلماء لمساعدة الناس على كشف أسرار السّلوك لديهم، مما يساعدهم على تغيير السّلوك الغير تكيفي، ومما يميز المدرسة العلميّة أنّها تقوم بوضع أهداف واضحة ومحددة وفق استراتيجيات وفنيات دقيقة وذلك للوصول إلى نتاجات واضحة وصحيحة.[٢]


قام المعالجون السّلوكيون بتطبيق المبادئ العلمية الأساسية للنّظرية السلوكية والتي تنبثق من منطلقات المدرسة السلوكية مثل، السّلوك، التّعزيزوالعقاب، المثير والاستجابة، التّعلم عن طريق النّمذجة، وذلك بعد إجراء عدة أبحاث علميّة، ودراسات خاصة يمكن ملاحظتها من خلال التّطبيق العملي والتّقييم التّفصيلي، واستطاع العلماء من خلال تجاربهم على الحيوانات بوضع مبادئ علمية واضحة لتغيير السّلوك لدى الإنسان، حيث قام العالم "بافلوف" بملاحظة الكلاب وطريقة استجابتهم قبل تقديم الطّعام إلى تطوير ودراسة الإشراط الكلاسيكي أو ما يسمى بالإشراط الاستجابي.[٣]


لكل مدرسة من المدارس أهداف ومبادئ علميّة تستند عليها، ويُعدّ الهدف هو الغاية والمقصد الذي تسير عليه المدرسة السّلوكية وهو مساعدة الأفراد على النّمو المتكامل وذلك بتغير السّلوك الغير تكيفيّ لديهم إلى سلوك تكيفي، إنّ نجاح أي مدرسة يعتمد على وضوح هدفها، وتسلسل مبادئها التي تعتمد على الأنشطة والإجراءات المنظمة، وحتى تكون مدرسة علمية ناجحة، عليها أن تعتمد على أدوات قابلة للقياس والملاحظة.[٤]


والمدرسة السّلوكية هي مدرسة فكرية تأسست على أساس علميّ يعتمد على الملاحظة والقياس بشكل مباشر، وقال العالم واطسون: " حتى يكون علم النّفس علميًا بالفعل، فعليه أن يركز الاهتمام على ما يمكن ملاحظته بشكل مباشر، وبالتحديد الاهتمام بسلوكات أعضاء الجسم"، والتجارب العلميّة أكّدت على أنّ الدّراسات القابلة للقياس موضوعية وعلمية، وعلى المختصين السّلوكيين دراسة السّلوك وملاحظته دون التّركيز على العمليات العقليّة.[٥]


مدرسة نفسية

ما العلاقة بين السّلوك الإنسانيّ والحالة النّفسية للفرد؟

قام العالم "بافلوف" بعدة تجارب مخبرية على الكلاب، وذلك لمعرفة فسيولوجية الهضم لديهم، وأثناء إجراء التّجارب اكتشف العالم بالصّدفة أنّ هناك رابط بين قدومه إلى المختبر وسيلان اللعاب من الكلب، وأطلق العالم مصطلح نفسي على تلك الظّاهرة، حيث إنه أرجع سبب سيلان اللّعاب هي عوامل نفسية لديهم، مما أدّى إلى استمرارية ملاحظة ما يحدث لدى الكلاب عند دخوله، حيث قام العالم "بافلوف" بعدة تجارب لمتابعة هذه الظّاهرة، ويعدّ هذا الأمر مثير شرطي، حيث إنّ سيلان اللّعاب ارتبط بصوت معين، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الحيوانات بل ينطبق على سلوك الإنسان، إذ إنّ العوامل النّفسية تلعب دورًا كبيرًا على استجرار السّلوك لدى الفرد.[٦]


يعتمد فهم السّلوك الإنساني وتشكيله على عوامل عديدة منها البيئة والثّقافة الاجتماعية، فإن اعتقادات الفردوالقيم الأخلاقية والأسرة وكل ما يحيط به يؤثر تأثيرًا قويًا على سلوك الإنسان ونفسيته، مما جعل الاهتمام واضح من قبل علماء النّفس السّلوكيين بتحليل وملاحطة السّلوك، إنّ السّلوك الإنساني يتأثر بطبيعة الأحداث التي يمر بها، وطريقة التعامل معها، ومن يملك زمام الأمر، ويمكن للفرد أن يسلك مسلك عدائي تجاه الاخر، إذا تعرض لأوامر من جهة أعلى منه، فتجربة "ستانلي ميلجرام" أثبت أنّ طاعة السّلطة والخضوع لمن هو أقوى من الفرد، يجعلان الإنسان يتبع سلوكًا غير مرغوب به مثل، إلحاق الأذى بالآخرين أو تعذيبهم والوقوع بهلاكهم، وذلك تجنبًا من العقاب.[٧]


ينظر السّلوكيون إلى التّطور النّفسيّ لدى الإنسان باعتباره مستمرًا وليس منقطعًا، فالإنسان يستمر تطوره النّفسي خلال مراحل النمو، والذي يُشكل هذا التّطور مبادئ التّعلم لديه والذي يكتسبها من البيئة والمجتمع المحيط به، وللمربي دور كبير في تطوير النّمو لدى الأطفال، إذ إنّه يمكن أن يكون سلبيًا إذا كان المربي غير قادر على التوجيه المناسب لهم، فالبيئة لها دور كبير في توجيه الفرد النّفسي.[٨]


مدرسة تأهيلية وتنظيمية

ما أهم الأمور التي ركزت عليها المدرسة السّلوكية؟

لقد اهتمت المدرسة السّلوكية بتنمية المهارات لدى الفرد حيث إنها اعتمدت على منطلقات أساسية في تأهيل وتنظيم السّلوك الإنسانيّ، واعتبرت أنّ كل ما يصدر من الفرد هو نتاج تنظيم من العادات والقيم والمعتقدات قد اكتسبها خلال فترات النّمو عن طريق التّعلم، وأنّ هذه العادات والقيم قد تُولّد اضطرابات نفسيّة نتيجة التّعلم الخاطئ، وركزت المدرسة السّلوكية على تأهيل وتدريب الفرد بالنّظر إلى المشكلة والأعراض وليس الأسباب الكامنة للمشكلة، ويعتقد السّلوكين أن الإنسان عبارة عن خليط من الخير والشّر نتاج البيئة فلذلك هو بحاجة إلى تأهيل وتنظيم السّلوك.[٩]


وفي الوقت نفسه تعرضت المدرسة السّلوكية إلى انتقادات من قبل المدارس الأخرى وذلك لإهمالها لدور اللاوعي، والتفكير، والعوامل النّفسية، وتقليلها من دور المشاعر في التّأثير في السّلوك، إذ ركزت المدرسة السّلوكية على السّلوكات الظّاهرة والتي يمكن ملاحظتها وقياسها، وبالرغم من هذه الانتقادات إلا أنّ المدرسة السّلوكية أسهمت كثيرًا في فهم مجمل التّطور الإنسانيّ.[١٠]


يعدّ الإرشاد الجمعي السّلوكيّ، هو البوابة الرئيسية لتعلم المهارات الحياتية وتنظيم السّلوك، فدور المرشد في الإرشاد الجمعي هوتعليم الأعضاء المهارات الحياتية المناسبة لطبيعة المشكلة التي يواجهونها، ومساعدتهم على التّمييز بين السّلوكيات المناسبة وغير المناسبة، ويعدّ المرشد من وجهة نظر السّلوكيين هو المعلم للأعضاء والذي عليه أن يضع الأهداف المناسبة والتي تكون قابلة للملاحظة، وأن يكون قادر على الوصول إلى حاجات الأعضاء، ولا يكون ذلك إلا باستخدام تقنيات وفنيات منظمة.[١١]


ومن خلال التّجارب التي قام بها العلماء في ملاحظة السلوك وتقيمه، استطاعوا توظيف المبادئ الأساسية للمدرسة السلوكية في تعديل سلوك الفرد وعلاجه من المخاوف التي يمكن أن يعيشها الفرد، فمثلًا في عام 1924 نشرت أول دراسة إكلينيكية، تم معالجة الطّفل "بيتر" من المخاوف التي تنتابه عند مشاهدة الحيوانات، حيث قامت "ماري كوفر جونز" بمساعدة الطّفل تدريجًا بإزالة خوفه من الحيوانات بينما هو يجلس باسترخاء وهو يتناول طعامه اللذيذ، واعتمدت "جونز" على نفس مبادئ العالم "واطسون" لإزالة مشاعر الخوف لدى الطفل.[١٢]


مدرسة اقتصادية

ما هي أهم استراتيجيات المدرسة السّلوكية من النّاحية الاقتصادية؟

تعتمد المدرسة السّلوكية في عملها، على العمل الجماعي والتّكامل في الأهداف، وتحث على ضرورة بذل الجهود المشتركة بين المعالج والأعضاء وذلك من منطلق التّعزيز وربط الأفراد بعضهم ببعض، حيث شارك العالم "سكينر" الرأي مع "واطسون" بضرورة التّعلم وفق الأحداث التي تتبع السّلوك، وأن مبدأ التّشجيع والإهمال يساعدان على تغير السّلوك، وأظهرت التّجارب أنه عندما يقوم المعالج باتباع السّلوك بالتّعزيز والتّشجيع يزيد من معدلات حدوث السّلوك، على العكس من ذلك، ففي حالة تجاهل سلوك ما فإنه يتلاشى، أما في حالة العقاب فإنه يقل، وهذا ما يعرف بالمدرسة الاقتصادية إذ إنها تقوم على التعزيز أوالعقاب أو تجاهل السلوك.[١٣]


يعد التعزيز من أهم الاستراتيجيات للمدرسة السّلوكية الاقتصادية، لأنه يعمل على تقوية السّلوك المرغوب فيه وذلك بتكرار احتمال حدوث السّلوك عند التعزيز، والتّعزيز نوعان، تعزيز إيجابيّ وهو إضافة مثير محبب بعد حدوث السّلوك مباشرة، مثال، عندما يقوم الطّالب بالإجابة على سؤال المعلم إجابة صحيحة، يقوم المعلم بالثّناء على الطالب وشكره أمام الطّلبة، أما النّوع الثّاني من التّعزيز هو التّعزيز السّلبيّ، وهو سحب مثيرمنفر وغير مرغوب به عقب عمل سلوك مرغوب فيه، مثال، عندما يقوم الطّالب بكتابة واجبه على أكمل وجه، يقوم المعلم بإعفاءه من تنظيف الصّف والذي يُعتبربالنسبة للطالب مثيرًا منفرًا وغير مرغوب به، وهنا يتوضح الجانب الاقتصادي بالسحب أوالإضافة عند حدوث السلوك.[١٤]


يعدّ التّعلم من خلال ملاحظة السّلوك لدى الأفراد من أهم المنطلقات الأساسية للمدرسة السلوكية، إذ إنّ الباحثون يضعون الأفراد في مواقف خاصة داخل بيئتهم للتّعرف على الكيفية التي سيتصرفون بها، وهذا ما يسمى بالملاحظة الطّبيعية، ويعني ملاحظة تصرفاتهم تلقائيًا في بيئتهم اليومية، وتعدّ هذه الملاحظة مهمة لرصد السّلوك والعمل على تغير السّلوك الغير مرغوب فيه، إلا أنّ لهذه الطريقة عيوب، وهي انخراط المعالج مع الأفراد يجعله لا يستطيع النّظر إلى الموقف خارجيًا، وإضافة إلى ذلك قد يشتت التّفكير انتباه المعالج عما يلاحظه.[١٥]


ومن الجوانب الاقتصادية، الانعكاسات الشّرطية والتي بدورها تعزز السّلوك لدى الفرد، فمعرفة الطّفل أنّ تعلمه لعادة ما سيعود عليه بالخير والرخاء من والديه، يجعله يبدأ في تطبيق الخبرة العملية برضا وسرور، كذلك ممكن أن يكتسب الفرد انعكاسًا شرطيًا خاطئًا، يؤدي إلى سلوك غير مرغوب فيه، والذي يعاني اضطرابات نفسية مثل الخوف من الأماكن المزدحمة أو المغلقة، نجد أنه قد مر بتجربة أثناء حياته سببت له هذا الخوف المرضي من الأماكن المزدحمة أو المغلقة، وهذا ما يعزز ابتعاد الفرد عن هذه الأماكن.[١٦]



لقراءة المزيد حول الموضوع، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: ما هي النظرية السلوكية.

المراجع

  1. علاء الدين كفافي (2015)، علم النفس الأسري (الطبعة 2)، المملكة الأردنية الهاشمية:دار الفكر، صفحة 37. بتصرّف.
  2. سامح الخفش (2011)، النظرية والتطبيق في الإرشاد والعلاج النفسي (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:دار الفكر، صفحة 310. بتصرّف.
  3. جهاد علاء الدين (2013)، نظريات الإرشاد النفسي (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:الأهلية، صفحة 310-311. بتصرّف.
  4. عماد الزغول (2011)، مبادئ علم النفس التربوي (الطبعة 3)، المملكة الأردنية الهاشمية:دار المسيرة، صفحة 52-53. بتصرّف.
  5. عبد الله العلاف، المدارس السلوكية وأثرها في تعديل سلوك الفرد، صفحة 3. بتصرّف.
  6. أنور الشرقاوي، التعلم نظريات وتطبيقات، صفحة 33-34. بتصرّف.
  7. عبد الستار ابراهيم، أسس علم النفس، صفحة 168. بتصرّف.
  8. صالح أبو جادو (2011)، علم النفس التطوري الطفولة والمراهقة (الطبعة 3)، المملكة الأردينية الهاشمية:دار المسيرة، صفحة 136-137. بتصرّف.
  9. أحمد أبو أسعد (2009)، الإرشاد الجمعي (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:عالم الكتب الحديثة، صفحة 141-142. بتصرّف.
  10. صالح أبو جادو (2011)، علم نفس التطوري الطفولة والمراهقة (الطبعة 3)، المملكة الأردنية الهاشمية:دار المسيرة، صفحة 148. بتصرّف.
  11. أحمد أبو أسعد (2009)، الإرشاد الجمعي (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:عالم الكتب الحديث، صفحة 142. بتصرّف.
  12. عبد الستار ابراهيم، علم النفس الإكلينيكي، صفحة 375-376. بتصرّف.
  13. رضا الجمال (2005)، تنمية الطفولة المبكرة وتنويعاتها (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:دار الفكر، صفحة 47. بتصرّف.
  14. أحمد أبو أسعد (2009)، الإرشاد الجمعي (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:عالم الكتب الحديث، صفحة 146. بتصرّف.
  15. أميمة عمور، حسين أبو رياش، عبد الحكيم الصافي (2006)، الرعاية الأسرية والمؤسسية للأطفال (الطبعة 1)، المملكة الأردنية الهاشمية:دار الفكر، صفحة 171. بتصرّف.
  16. احمد عكاشه (2005)، علم النفس الفسيولوجي (الطبعة 1)، مصر:مكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 213. بتصرّف.
4584 مشاهدة
للأعلى للسفل
×