مدرسة المهجر
سافر عدد كبير من أبناء الشعب السوري واللبناني إلى أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر بحثاً عن فرص عمل مناسبة، وهرباً من كبت الحريات، وبحثاً عن الاستقرار النفسي، وبعد أن استقرت فئة منهم في أمريكا الشماليّة وفئة أخرى في أمريكا الجنوبيّة، أسسوا الرابطة القلميّة والعصبة الأندلسيّة؛ للتعبير عن قضاياهم، ونيل مطالبهم، وقد أُطلق على تلك الرابطتين اسم مدرسة المهجر.
خصائص مدرسة المهجر
الخصائص الموضوعيّة
- الحنين والشوق إلى الوطن، والدفاع عن القضايا المتلعقة به، من منطلق أنّ الشعراء جزء لا يتجزأ منه، حيثُ فاضت قصائدهم بمشاعرهم الجياشة التي تتغنى بجمال الوطن وتُعبِّر عن مرارة الغربة، وقد اشترك شعراء المهجر الجنوبي والشمالي بهذه الصفة.
- التحاور مع الطبيعة والامتزاج بها، وبثّ روح الحياة في مظاهرها، وإسقاط ما يجول في أنفسهم من مشاعر الحزن، والخوف، والحب عليها، فكانت الطبيعة ملاذاً يجدون فيه الراحة والسعادة، ومثال ذلك ما تغنى به جبران خليل جبران في قصيدته المواكب بحياة الغابة وما فيها من صفاء وراحة.
- تأمل النفس الإنسانيّة، فقد عمد شعراء المهجر إلى تحليل الشخصيّة الإنسانيّة من خلال تصويرها بدقة؛ للكشف عما فيها من أسرار، ولتحقيق للمُثل العليا الخالدة، وهذه ميزة اتصف بها شعراء المهجر الشمالي أكثر من الجنوبي.
- ظهور النزعة الإنسانيّة الشاملة في منتوجهم الأدبي، حيثُ اتسعت قلوبهم بالحب المطلق لكل البشريّة، وانتقدوا الظلم الذي منع أوطانهم من الاستقلال والتحرر، كما ساهموا في نشر المبادئ الإنسانيّة بين الناس؛ لبناء وخلق مجتمع إنساني مثالي يسوده العدل، والمودة، والرحمة.
- الابتعاد عن أسلوب الخطاب المباشر، والاعتماد على أسلوب الهمس في التعبير، مما جعل معانيهم وكلماتهم تدخل إلى النفس كما يتسرب الماء إلى جذوع الشجر.
الخصائص الفنيّة
- الابتعاد عن التكلّف، والتمرد على الغرابة في استعمال اللغة غير الملائمة للعصر، حيثُ تمتعت ألفاظهم وكلماتهم بالسلاسة، والرقة، والبساطة، إلى جانب تميزهم بجمال وبراعة التصوير.
- الدعوة إلى الوحدة الموضوعيّة في القصيدة، وقد استلهموا هذا من الشعر الغربي، حيثُ اشتملت دواوينهم على مضمون واحد مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعنوان.
- الاهتمام بالصور الفنيّة التي تُشخّص المعنى المقصود؛ لأنّ الصورة قادرة على التعبير عن عواطف الشاعر، فجاءت معظم قصائهم لوحات فنيّة مليئة بالحياة والحركة.
- الاستفادة من تنوع القافية كما في الموشحات الأندلسيّة، والتمرد على الأوزان العروضيّة المعروفة، فكانت أغلب قصائدهم من المطولات.
- الاعتماد على القصة كوسيلة للتعبير، فكانت القصيدة تزخر بالشخصيات التي تتحاور وتتصارع لتعبّر عن مكنوناتها الوجدانيّة.