خصائص مذهب الإمام مالك

كتابة:
خصائص مذهب الإمام مالك

ثراء المذهب المالكي وتنوعه

يُعدّمذهب الإمام مالك من أكثر المذاهب الفقهيّة تنوعاً وثراءً، فله الكثير من المدارس، مع اختلاف خصائص كُل مدرسة، وتعددت كُل مدرسة في التأليف والتصنيف، ومن هذه المدارس؛ مدرسة المدينة المنورة، ومصر، والعراق، والتي كانت في القيروان، وفاس، والأندلس، وكانت هُناك طريقتين في التأليف؛ الأولى: الطريقة المغربيّة؛ والتي اهتمت بتحقيق آراء الإمام مالك وأصحابه واختصارها، والطريقة الثانيّة؛ وهي الطريقة العراقيّة، والتي اهتمت بالتبسيط، والتفصيل، والتدليل، والتعليل.[١]


وقد ترك الإمام مالك بعده الكثير من المدارس التي امتدت من المشرق إلى المغرب، كالمدرسة المدنيّة؛ وهي المدرسة الأُمّ، ومنها انطلقت باقي المدارس، والمدرسة المصريّة، والعراقيّة، والمغربية، والأندلسيّة،[٢] الأمر الذي أدى إلى إنتاج الكثير من الكُتب الفقهيّة والتي استمرت لفترةٍ من الزمن، ولكنها ضعف تأثيرها في نهاية القرن الثامن الهجري،[٣] وهذه المدارس جميعُها تدخل ضمن المذهب المالكيّ، وكُلها لها أبواب، ولذلك يجد القارئ في كُتب المالكية كلمة قولان.[٤]


تنوع الأدلة في المذهب المالكي وكثرتها

تنوع المذهب المالكي في أدلته، فقد بنى الإمام مالك مذهبه على عشرين دليلاً، وهي خمسةٌ من القُرآن، وخمسةٌ من السُنة، والإجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي، والاستحسان، والحكم بسد الذرائع، ومراعاة الخلاف، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، وشرع من قبلنا، واشتهر مذهبه بعمله بالسُنة، وعمل أهل المدينة، والمصلحة المُرسلة.[٥]


وتُسمّى هذه الأُصول التي بُني عليها المذهب، كما كان من أُصوله العمل بالعُرف،[٦] فقد أسس الإمام مالك مذهبه كباقي المدارس في المذاهب الأُخرى، مع بعض التنوع بينهم في الأُصول الأخرى غير المُتفق عليها، وكان يأخذ من السُنة أقوال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وأقوال الصحابة الكرام.[٧]


الاعتماد على الفقه الفرضي والتقديري

امتازت مدرسة المالكيّة في العراق باعتمادها على دراسة الفقه الفرضي والتقديريّ، وتوسعهم في عملهم بالرأي، والقياس، وتقرير الأحكام،[٨] وكانت تتركز آراء المذهب في العراق على عُلماء المدينة أو الحرمين في مكة والمدينة، أو في البصرة،[٩] وتميزت مدرسة المالكيّة في العراق عن غيرها من المدارس بسعة الاطلاع على عُلماء وكُتب أصحاب المذاهب الأُخرى.[٨]


وقاموا بنشر قواعد المذهب، وقارنوا بين المذهب المالكيّ وغيره من المذاهب،[٨] وقاموا بجمع قواعد المذهب المُتناثرة من مصادره الأولى، واستخلاص القواعد التي بنى عليها تلامذة الإمام مالك أُصولهم،[١٠] ومن الكُتب المُعتمدة في المذهب المالكي والتي جمعت قواعد المالكيّة؛ كتاب الفُروق المُسمّى بأنوار البُروق في أنواء الفروق للإمام القرافيّ.[١١]


انتشار المذهب في بلاد الأندلس والمغرب الأقصى

تميّز مذهب الإمام مالك بانتشاره في الحجاز، والبصرة وما حولها من بلاد إفريقية، والأندلس، وصقلية، والمغرب الأقصى، وبغداد، والسودان، كما انتشر في بلاد فارس، وخُراسان، واليمن، وبعض بلاد الشام،[١٢] وانتشر مذهب مالك لعدة قُرون في الأندلس والمغرب الأقصى بواسطة يحيى بن يحيى الليثي أحد تلامذة الإمام مالك،[١٣] ونشأ المذهب المالكي في المدينة، وهو موطن صاحبه الإمام مالك، وانتشر بعدها في الحجاز، والبصرة، ومصر، وبلاد إفريقية، والأندلس، وبغداد، والسودان، والمغرب الأقصى،[١٤] ومما ساعده في انتشاره في بلادٍ كثيرة؛ أنه مذهبٌ سُلوكي وتربويّ.[١٥]



خلاصة المقال: تميّز مذهب الإمام مالك بتنوّعه وثرائه، وكان هناك الكثير من المدارس التي اهتمّت بآرائه وكتبه واستنباط القواعد منها، وقد بنى الإمام مالك مذهبه على عشرين مصدراً أو دليلاً؛ كالقرآن، والسنة، والقياس، وعمل أهل المدينة، إلى غير ذلك من المصادر، وتوسّع في العمل بالرأي والقياس، وانتشر انتشاراً كبيراً في البلاد الأندلس والمغرب وغيرها من البلدان.


المراجع

  1. عبد الوهاب الثعلبي (2009)، عيون المسائل (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 5-6. بتصرّف.
  2. ملتقى أهل الحديث (2010)، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 263، جزء 101. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين (1998)، موجز دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة 1)، صفحة 8985، جزء 29. بتصرّف.
  4. محمد الحسن الددو الشنقيطي، دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، صفحة 15، جزء 1. بتصرّف.
  5. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، دمشق:دار الفكر، صفحة 46، جزء 1. بتصرّف.
  6. عبد الوهاب الثعلبي، المعونة على مذهب عالم المدينة الإمام مالك بن أنس، مكة المكرمة:مصطفى أحمد الباز، صفحة 57. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين (1998)، موجز دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة 1)، صفحة 8985-8986، جزء 29. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت عبد الوهاب الثعلبي، المعونة على مذهب عالم المدينة، مكة المكرمة:مصطفى أحمد الباز ، صفحة 60. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين (1998)، موجز دائرة المعارف الإسلامية (الطبعة 1)، صفحة 841، جزء 3. بتصرّف.
  10. عياض اليحصبي (2011)، التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة والمختلطة (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 197، جزء 1. بتصرّف.
  11. شهاب الدين القرافي، الفروق أنوار البروق في أنواء الفروق، صفحة 3، جزء 1. بتصرّف.
  12. محمد الحجوي (1995)، الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 71، جزء 2. بتصرّف.
  13. لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية (2009)، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 42، جزء 24. بتصرّف.
  14. أحمد تيمور (1990)، نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة وانتشارها عند جمهور المسلمين (الطبعة 1)، بيروت:دار القادري للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 61، جزء 1. بتصرّف.
  15. سالم الخلف (2003)، نظم حكم الأمويين ورسومهم في الأندلس (الطبعة 1)، المدينة المنورة:عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 725، جزء 2. بتصرّف.
5104 مشاهدة
للأعلى للسفل
×