خطبة الحاجة وقتها، مضامينها، وهل هي مستحبة؟

خطبة الحاجة

هي الخطبة التي كان يبدأ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بين يدي كلامه في خطبه ومواعظه، وعلّم أصحابه أن يقولوها بين يديّ حاجاتهم؛ سواء عند الخِطبة أو العقود أو في بداية خطبة الجمعة ونحو ذلك، وتكون هذه الخُطبة بألفاظ مشتركة ومختلفة في بعضها، لكن يجمعها البدء بالحمد والشهادة، وسيأتي في المقال بيانٌ لِصيغها.^[١]

حكم خطبة الحاجة

تعدّدت الآراء في حكم خطبة الحاجة؛ فذهب بعض العلماء إلى أنّ خطبة الحاجة ليست من السنة، وليست واجبة في الخُطب والمواعظ والدروس، فالخُطب المعروفة هي خطبة الجمعة وخُطب العيد، ولا توجد أدلة على خطبة الحاجة، وأهم ما يدلّ على ذلك أنّ كُتب الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى الملوك والأمراء كانت تخلو من الحمد والتشهّد، وبدأت فقط في البسملة.^[٢]

والدليل الثاني أنّ تصانيف الأئمة والشيوخ؛ كصحيح بخاري، وصحيح مسلم، وعبد الرازق في المصنف، لم يذكر أحد منهم في ابتداء تصنيفه الحمد واكتفوا فقط في البسملة، وذهب بعض العلماء إلى أنّ خطبة الحاجة سنّة مستحبّة، والحديث الشريف يؤكّد على أهمية خطبة الحاجة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليهِ وسلم-: (كل كلامٍ لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم).^[٣][٢][٤]

وقت خطبة الحاجة

خطبة الحاجة ليس لها وقتٌ محدّد، فهي تُقال عند كل حاجة، ومن الأمثلة على المناسبات التي تُقال فيها خطبة الحاجة: مجالس الصُّلح بين اثنين متخاصمين، أو الصلح بين زوجين، كما يمكن أن تُقال عند التكلّم بالناس بأمر هام، إضافة إلى خطب يوم الجمعة وخطبة العيدين.^[٥]

خطبة الحاجة في النكاح

النكاح من أعظم حوائج الإنسان، وقال العديد من العلماء إنّ خطبة الحاجة مُستحبّة عند عقد النكاح، فإذا لم تُقرأ وقال أبو الزوجة: "زوّجتك ابنتي"، وقال الزوج: "قد قبلت"، صح العقد.

وتنصّ خطبة النكاح على ما يأتي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).^[٦][٧]

خطبة الحاجة في العقود

علّم الرسول -عليهِ الصلاة والسلام- أصحابَه خطبة الصلاة وخطبة الحاجة، فأما خطبة الصلاة تبدأ بالتشهّد، وخطبة الحاجة تبدأ بـِ: "الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، ومن يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له".^[٨] فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (علَّمنا رَسولُ اللَّهِ خُطبةَ الصَّلاةِ وخطبةَ الحاجةِ: فأمَّا خطبةُ الصَّلاةِ فالتَّشَهُّدُ وأمَّا خطبةُ الحاجةِ فإنَّ الحمدَ للَّهِ نستعينُهُ ونعوذُ باللَّهِ من شرورِ أنفسنا ومن يَهدِهِ اللَّهُ فلا مضلَّ لَهُ ومن يضلِلْ فلا هادِيَ لَهُ).^[٩]

مضامين خطبة الحاجة

الاستعاذة بالله من شرور النفس وسيئات الأعمال

جاءت الاستعاذة من شرور النفس وسيئات الأعمال في السنة، كما وردد في حديث عبد الله بن مسعود السابق، قال فيه رسول الله صلى الله عليهِ وسلم: (إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده، لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله).^[٦][١٠]

الشهادتين

الشهادة هي إخبار الجميع عن الشّهادة لله بالوحدانية، ولنبيّه بالرسالة، ويكون ذلك بنطق "أشهد أنّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد أنّ محمد عبدهُ ورسولهُ".^[١١]

الوصية بالتقوى

أمرنا الله سبحانهُ وتعالى بالتقوى، في قولهِ تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).^[١٢] وقد وصّى الرسول -عليهِ الصلاة والسلام- أمّتهِ بالتقوى، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أوصني. فقال:(أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس كل شي).^[١٣][١٤]

تعليم النبي خطبة الحاجة لأصحابه

إنّ لخطبة الحاجة أهمية عظيمة، وكان -عليه الصلاة والسلام- يُعلّمِها لأصحابهِ، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "علمنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبة الحاجة"، وكانت خطبة الحاجة سببًا في إسلام الصحابي ضماد بن ثعلبة -رضي الله عنه-.^[١٥]

المراجع

1. ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1332. بتصرّف.
2. ^ ^{أ ب} "هل تستحب خطبة الحاجة في بداية التصنيف ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 9/10/2013، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
3. ↑ رواه أبي داود، في سنن أبي داود، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:4840، رواه أربعةعن الزهري مرسلا.
4. ↑ البغوي ، أبو محمد، كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي، صفحة 317. بتصرّف.
5. ↑ "المناسبات التي تقال فيها خطبة الحاجة غير النكاح؟ "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 21/6/2021. بتصرّف.
6. ^ ^{أ ب} رواه أحمد شاكر، في عمدة التفسير، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2/77، أشار في المقدمة إلى صحته.
7. ↑ "قراءة خطبة الحاجة عند النكاح رابط المادة"، طريق الإسلام، 1/12/2006، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.
8. ↑ "خطبة الحاجة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021.
9. ↑ رواه الألباني، في تخريج كتاب السنة، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:255، صحيح.
10. ↑ سليمان اللاحم، اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة الكتاب، صفحة 73. بتصرّف.
11. ↑ ناصر الدين الألباني، كتاب خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه، صفحة 7. بتصرّف.
12. ↑ سورة البقرة، آية:223
13. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبو سعيد الخدري ، الصفحة أو الرقم: 1177.
14. ↑ سليمان الأشقر، عمر، كتاب التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها، صفحة 56. بتصرّف.
15. ↑ عبدالله بن عبده نعمان العواضي (16/10/2020)، "خطبة الحاجة (عظمتها، ومضامينها)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/6/2021. بتصرّف.