خطبة طارق بن زياد متى كانت؟ وما أهم مضامينها؟

كتابة:
خطبة طارق بن زياد متى كانت؟ وما أهم مضامينها؟

متى كانت خطبة طارق بن زياد

اشتُهرت في التاريخ الإسلامي العديد من الخُطب المؤثرة، ومن هذه الخطب المميزة خُطبة طارق بن زياد فى جنده على أبواب الأندلس، ويعرض المقال هذه الخُطبة، وبعض مضامينها، وصحة نسبتها إليه، ثُمّ التعريف بطارق بن زياد إجمالاً.


عبر طارق بن زياد بجيشه إلى بلاد الأندلُس ليفتحها، وتعدادهم يومئذٍ ألف وتسعمئة رجل، فاستخف بهم الروم بداية الأمر، غير أنّ المعركة الأولى استمرت بينهم ثلاثة أيام، بالقرب من جبلٍ يقال له اليوم جبل طارق.[١]


فلمّا أحس طارق بالشدة والتعب في وجوه قومه، وقف فيهم خاطبًا، وحثهم على الصبر والشهادة قائلًا: "أين المفر، البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، فليس إلاّ الصبر منكم والنصر من ربكم، وأنا فاعل شيئاً، فافعلوا كفعلي، فوالله لأقصدنّ طاغيتهم، فإمّا أن أقتله، وإما أن أُقتل دونه".[١]


وممّا نُقل عن طارق أنه بينما كان نائمًا أثناء عبور البحر إلى الأندلس، رأى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في المنام، وأمره بالرفق بالمُسلمين، والوفاء بالعهد، وكان ذلك في يوم الاثنين الخامس من شهر رجب في السنة الثانية والتسعين.[٢]


فلما بلغه اقتراب جيش لذريق العظيم، قام طارق بن زياد وخطب فى جنده خطبة خلدها التاريخ، ودوّنها العرب في كتبهم، وكان مطلعها " أيها الناس: أين المفر؟ البحر من ورائكم.."، [٣] فحث الجُند على الصبر والشهادة، وبسط في آمالهم؛ الأمر الذي شدّ من عزائمهم ودفعهم إلى طريق النصر.[٤]


وكانت هذه المعركة باكورة الفتوحات فى شبة جزيرة أيبيريا؛ وهي إسبانيا والبُرتغال في الوقت الحالي، وذلك في شهر ربيعٍ الأول عام 92هـ، واستطاع الأمير موسى بن نصير وقائده طارق بن زياد أن يفتحوا كامل بلاد الأندلس بعد استمرار معارك طاحنة، لتدين بعد ذلك بالإسلام، ولينطق معظم سكانها العربية.[٥]


مضامين خطبة طارق بن زياد

كان لخُطبة طارق بن زياد العديد من المضامين، ومنها ما يأتي:

  • حض الجيش على الصبر والتحمل، فذلك طريقٌ للنصر، بقوله: "فليس إلاّ الصبر منكم، والنصر من ربكم".[١]
  • ترغيب الجيش بالشهادة، حيثُ إنّه لا مفر لهم، فالبحر من أمامهم، والعدو من خلفهم.[١]
  • الزهد في الحياة والزهد في الرغبة للعودة إلى الأوطان، وذلك بعد أن أحرق المراكب التي أقلّتهم، حتى يقطع الأمل بهم في العودة إلى أوطانهم، فلا يبقى لهم إلا الإقدام للنصر أو الشهادة.
  • تذكير الجيش بالإخلاص والصدق في الجهاد؛ لينالوا الأجر من الله -تعالى-، وذلك بقوله: "ليكون حظّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمها خالصة لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم".[٢].
  • تقديم النموذج فى الشجاعة والإقدام، من خلال إقدامه لقتل لذريق بنفسه.[٢]
  • بث الأمل في نفوسهم ووعدهم بالخير الكثير، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في شحذ هممهم، وتقوية نُفوسهم على الجهاد.[٢]



صحة نسبة الخطبة إلى طارق بن زياد

رفض الأمير شكيب أرسلان صحة نسبة هذه الخطبة إلى طارق بن زياد، حيث قال إنّ طارق من البربر والخُطبة من روائع الخُطب العربيّة، وكان طارق حديثُ عهدٍ بالإسلام، وجديدٌ على اللُغة العربيّة، كما أنّ في خُطبته من الزخرف والصنعة ما لم يكُن في عهده، وإنما جاء ذلك بعده، ومن الذين شككوا أيضاً في نسبة الخطبة لطارق بن زياد؛ أحمد هيكل، والدُكتور عبد الرحمن الحجيّ.[٦]


وكان ممن نسب الخطبة لطارق بن زياد؛ الأُستاذ عبد الله كنّون، وعلل ذلك أنّ طارقاً كان من البربر ولكنه نشأ عند العرب، وتعلم منهم، وأن الخُطبة قد تعرضت لبعض الزيادة أو النُقصان ولكن ذلك لا ينفي نسبتها له، ويذكر ابن عذاري فى نسب طارق أنّه مسلم لأبٍ مسلم وهو زياد ولجدٍ مسلم هو عبدالله، وهذا ينفي كونه حديث عهدٍ بالإسلام، فله أبوان سبقاه إلى الإسلام.[٧]


من هو طارق بن زياد

هو أحد قادة الجيوش فى زمن الوليد بن عبد الملك، كان من الخُطباء البُلغاء، عالي الهمة، واستدعاه الوليد إلى دمشق، وبقي فيها حتى توفي عام مئةٍ وواحد من الهِجرة،[٨] غزا الأندلس مع اثني عشر ألفاً من الجُنود، فخاض معارك كثيرة، انتهت بفتح الأندلس.[٩] وذكر ابن بشكوال أنه طارق بن عمرو، فتح الأندلس وما حولها، وإليه يُنسبُ جبل طارق، ورحل بعدها إلى الشام وانقطعت أخباره.[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث محمود خطاب (2003)، قادة فتح الأندلس (الطبعة 1)، صفحة 268، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث شهاب الدين التلمساني (1997)، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (الطبعة 1)، بيروت:دار صادر، صفحة 240، جزء 1. بتصرّف.
  3. محمود خطاب (1998)، بين العقيدة والقيادة (الطبعة 1)، دمشق:دار القلم، صفحة 257. بتصرّف.
  4. محمد عبد الله عنان (1997)، دولة الإسلام في الأندلس (الطبعة 4)، القاهرة:مكتبة الخانجي، صفحة 47، جزء 1. بتصرّف.
  5. موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 202، جزء 11. بتصرّف.
  6. محمود خطاب (2003)، قادة فتح الأندلس (الطبعة 1)، صفحة 254-260، جزء 1. بتصرّف.
  7. خليل السامرائي، عبد الواحد طه، ناطق مصلوب (2000)، تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتاب الجديد المتحدة، صفحة 30، جزء 1. بتصرّف.
  8. أحمد الهاشمي، جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، بيروت:مؤسسة المعارف، صفحة 125، جزء 2. بتصرّف.
  9. مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف ، الموسوعة التاريخية، صفحة 321، جزء 1. بتصرّف.
  10. شهاب الدين التلمساني (1997)، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (الطبعة 1)، بيروت:دار صادر، صفحة 230، جزء 1. بتصرّف.
11723 مشاهدة
للأعلى للسفل
×