مقدمة الخطبة
الحمد لله المعروف بالخير والكرم، المجازي على البر بالبر، وعلى الإحسان بالإحسان، الحمد لله الذي شرع التعاون بين أبناء الوطن، وحث عباده عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الرحمن، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله سيد الرسل وخلاصة الإنسان، اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.[١]
الوصية بالتقوى
عباد الله؛ أوصيكم ونفسي المُقصرة بتقوى الله -تعالى- ولُزوم طاعته؛ فتقوى الله سببٌ للسعادة في الدُنيا والآخرة، وأُحذركم وإيّاها من مُخالفته وعصيان أوامره، لقوله -تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).[٢]
الخطبة الأولى
معشر المُسلمين؛ اعلموا أنَّ الإسلام دينٌ كاملٌ شاملٌ لجميع نواحي الحياة، وكرم الله -تعالى- الإنسان به؛ ليضمن له به سعادة الدارين، من خلال تعرّفه إلى ربّه المُتَّصف بصفات الكمال، ثُمّ تتحقّق حوله أسباب السعادة والعيش الكريم من خلال التعاون والتكافل بين أبناء الوطن الواحد.[٣]
فالتعاون بين الناس من الأُمور الفطريّة التي فطر الله -تعالى- الناس عليها، وقد جاءت الكثير من الأدلة التي تحثُ على التعاون بين الناس، كقوله -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)،[٤] فيأمر الله -تعالى- الناس بالتعاون على البر والخير، وينهاهم عن الإثم والشر والتعاون عليه.[٥]
ويكون التعاون آكد إذا كان الوطن والمجتمع من أبناء المُسلمين، فيوالي بعضهم بعضًا، وينصرُ بعضهم بعضًا، ويتعاونون بينهم بالحقّ، والإعانة فيما بينهم بالأقوال والأفعال، ويُعدُّ التعاون من أبرز الصفات التي يتحلى بها المُجتمع المُسلم، فكلُّ واحدٍ منّا مسؤولٌ عن التعاون بقدر مسؤوليته ومكانته، فالعالم يتعاون بعلمه، والغني بماله، والخبير بخبرته، والحكيم برأيه.[٥]
كما يتعاون المُسلمون فيما بينهم؛ بإقامة شرع الله -تعالى-، وتبليغه، وإعلان شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، وهذا الأمر من شأنه القضاء على المساوئ والمُنكرات التي قد تحصل في المُجتمع، فقد أخبر الله -تعالى- عن المُسلمين بقوله: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).[٦][٥]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله، إنّ التعاون بين أبناء الوطن هو تطبيقٌ للإسلام وقواعده، فإنَّ من أوائل الأعمال التي قام النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بها عند قُدومه إلى المدينة؛ المؤاخاة بين المُهاجرين والأنصار، ويكون التعاون بين أبناء الوطن في جميع مجالات الحياة؛ كالتعاون الاجتماعيّ، والعلميّ، وحفظ البلاد وحماية أمنها، والسعي لازدهاره وغير ذلك.[٧]
الدعاء
- اللهمَّ اجمع كلمة المسلمين، ووحِّد شملهم، وكن معهم، ولا تكن عليهم، اللهمَّ وحِّد كلمة المسلمين على البرِّ والتَّقوى، واجعل أمرهم بينهم واحدًا، ورايتهم واحدةً، واجعلهم يعتصمون بكتابك وسنَّة نبيِّك.
- اللهم آتنا في الدُنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار، واحشرنا مع عبادك الصالحين من الأنبياء والصديقين والشهداء.
- اللهم اغفر وارحم، وتجاوز عمّا تعلم، إنّك أنت الأعزّ الأكرم.
عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه؛ إنّه هو الغفور الرحيم.
المراجع
- ↑ عبد الرحمن السعدي (1991)، الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات (الطبعة 1)، صفحة 75، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:1
- ↑ مُصطفى الخِنْ، مُصطفى البُغا، علي الشّرْبجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق:دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 9، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:2
- ^ أ ب ت عبد العزيز آل الشيخ (23-4-2013)، "وتعاونوا على البر والتقوى"، ملتقى الخطباء، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:104
- ↑ أحمد أبو عيد (16-1-2016)، "خطبة عن فضل التعاون في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2/2/2022. بتصرّف.