داءُ هارتناب النادر

كتابة:
داءُ هارتناب النادر

الأحماض الأمينية وصحّة الجسم

تُعدّ الأحماض الأمينية الركيزة الأساسية في عملية بناء البروتينات في الجسم، إذ يوجد حوالي 20 حمضًا أمينيًا تُشكِّل الوحدات الأساسية للبروتينات، وتشترك البروتينات بدورها في معظم العمليات البيولوجية في الجسم، وتسهم في الحفاظ عليه صحيًا وخاليًا من الأمراض؛ لذلك فإنّ نقص الأحماض الأمينية أو فقدها يؤدي إلى الإصابة بالعديد من الاعتلالات والأمراض؛ مثل: مشاكل الخصوبة، وأمراض الجهاز الهضمي، وانخفاض المناعة، بالإضافة إلى إعاقة النمو الطبيعي عند الأطفال، وغيرها من الاضطرابات.[١]

وفي هذا المقال يُعرَض أحد الأمراض الوراثية التي ترتبط بخلل في الأحماض الأمينية، والذي يُسمّى بداء هارتناب (Hartnup Disease)،[٢] فما هذا المرض؟ وكيف يُشخّص الطبيب الإصابة به؟ وما علاج المصاب به؟


داء هارتناب

يُعرَف هذا الداء بكونه اضطرابًا وراثيًا نادرًا ينتج من طفرة في جين (SLC6A19) مما يقود إلى خطأ في عملية استقلاب الأحماض الأمينية، ويتميز بنوبات من الاختلال العصبي المتمثل في ظهور طفح جلدي حسّاس تجاه ضوء ذي مظهر مميز، ويظهر على هيئة قشور حمراء في الوجه والأطراف، وقد يبدو متزامنًا أحيانًا مع حدوث بعض الاضطرابات العصبية؛ كعدم القدرة على تنسيق حركة العضلات الإرادية، واضطرابات إدراكية، ومشكلات في الرؤية.[٢]

ومن الجدير بالذكر أنّه سُمّي بهذا الإسم بسبب ظهور عوارضه لأول مرة عام 1956 م في أربعة أفراد من أصل ثمانية من عائلة واحدة كانت تقطن في لندن وتُسمّى بعائلة هارتناب.[٣]


عوارض داء هارتناب

تبدأ علامات الإصابة المرض بالظهور في مرحلة الطفولة وأحيانًا في مرحلة البلوغ المبكِّر، ويقل تكرار نوبات العوارض مع تقدّم العمر، وتستمر نوبة العوارض غالبًا لمدة أسبوعين تقريبًا. ويجدر بالذكر أنّ هناك العديد من المحفزات التي قد تسبِّب ظهور تلك العوارض؛ مثل: الضغوطات النفسية والجسدية، أو الحمى، أو التعرُّض لأشعة الشمس، وغيرها من العوامل.

يعاني المصابون بداء هارتناب من عدم قدرة أجسامهم على امتصاص الأحماض الأمينية في الأمعاء، وعدم القدرة على إعادة امتصاصها من الكلى، وبشكلٍ خاص تلك الأحماض اللازمة لتصنيع فيتامين ب، مما يقود إلى انخفاض نسبة هذا الفيتامين في الجسم، خصوصًا النياسين -فيتامين ب3-، وتُبيّن علامات هذا المرض على النحو الآتي:[٤][٣]

  • الحُصاف أو البلاغرا (Pellagra)؛ هو طفح جلدي مُحمَرّ ومتقشَّر، وينتج غالبًا عند التعرَُّض لأشعة الشمس على الوجه، والرقبة، والقدمين، والساقين، وهو يبدأ بطفح جلدي أحمر اللون، لكن مع الوقت يُصبح شبيهًا بالأكزيما، كما أنّه قد يُسبِّب تغيُّرًا دائمًا في لون الجلد مع الوقت.
  • التقلبات المزاجية.
  • القلق.
  • صعوبة الكلام والارتباك.
  • الهلوسات.
  • قصر القامة.
  • اضطرابات المشي؛ كالمشي والقدمين مبتعدتين أكثر من اللازم.
  • الحساسية تجاه الضوء.
  • اضطرابات في درجة توتر العضلات باسترخائها أو انقباضها أكثر من اللازم.
  • الرؤية المزدوجة والجفون المتدليّة وكذلك حركات العين اللإرادية.[٢]


أسباب داء هارتناب

قد تبدو الأسباب الحقيقية التي تقف وراء حدوث هذه الطفرة غير معروفة، لكن يُعرَف عنها بأنّها صفة جسدية متنحية؛ مما يعني أنّ كلا الوالدين يجب أن يحملا جين الإصابة بالمرض حتى يظهر في الأبناء.[٥]

وفي الأشخاص الأصحّاء يمتص الجسم أحماضًا أمينية محددة من الأمعاء ثم يعيد امتصاصها مرة أخرى في الكليتين، أمّا بالنسبة لمصابي داء هارتناب فلا تمتص الامعاء الدقيقة والكلى بعض الأحماض الأمينية بالشكل الصحيح؛ بسبب الخلل الوظيفي الذي يحدث في البروتينات الناقلة للأحماض الأمينية، مما يجبر الجسم على طرح كميات كبيرة من الأحماض الأمينية عن طريق البول وحرمان الجسم منها.

ومن الأحماض الأمينية الأخرى يؤثر مرض هارتنوب في امتصاص حمض التربتوفان الذي يُعدّ لبنة مهمة في بناء البروتينات والفيتامينات، وحينها لا يستطيع الجسم إنتاج كمية كافية من فيتامين النياسين، الأمر الذي يؤدي نقصه إلى ظهور الطفح الجلدي الذي يميّز المصابين بداء هارتناب، كما قد يؤدي إلى تطوّر الخرف.[٢][٣]


تشخيص الإصابة بداء هارتناب

يُشخِّص الطبيب التعرض للإصابة بهذا الداء عن طريق عمل تحليل الاستشراب للبول (Urine chromatography)، إذ يظهر ذلك زيادة في مستويات الأحماض الأمينية المتعادلة في حال الإصابة بداء هارتناب، ومن ذلك: الجلوتامين، والفالين، والفينيل ألانين، والأسباراجين، والسيترولين، والإيزولوسين، والثريونين، والألانين، والسيرين، والهيستيدين، والتيروسين، والتريبتوفان. بالإضافة إلى ما سبق يُجرى تحليل لنسبة فيتامين ب (بما فيها النياسين) في الدم، وقد يلجأ الطبيب إلى أخذ خزعة من الامعاء الدقيقة أو الجلد في بعض الحالات.[٣][٦]


علاج مرضى داء هارتناب

إنّ الأفراد الذين لا يعانون من ظهور عوارض قد لا يحتاجون إلى أي علاج، لكن بالنسبة لبقية الأفراد الذين تظهر عليهم بالفعل عوارض المرض يُلجَأ إلى الأنظمة الغذائية ذات المحتوى البروتيني العالي لتعويض النقص في الأحماض الامينية وكذلك استخدام الملابس الواقية وتجنب التعرض المفرط للشمس، والابتعاد عن تناول بعض الأدوية؛ مثل: أدوية سلفوناميد التي تزيد من الحساسية تجاه الضوء، وكذلك ترتفع نسبة النياسين في الحمية عن طريق تناول المكملات الغذائية والأطعمة الغنية بهذا الفيتامين؛ مثل: الحبوب الكاملة والبطاطس، مما يساعد في الحد من تكرار نوبات مرض هارتناب. [٢][٣]


المراجع

  1. Jennifer Berry (21-1-2019), "What to know about essential amino acids"، medical news today, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج Stefan Broer, "Hartnup Disease"، rarediseases, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج April Kahn (21-3-2017), "Hartnup Disease"، healthline, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  4. Christopher J. LaRosa (2019), "Hartnup Disease"، merckmanuals, Retrieved 28-7-2020. Edited.
  5. A B Patel,A S Prabhu (2008), "HARTNUP DISEASE", Indian Journal of Dermatology, Issue 1, Folder 53, Page 31-32. Edited.
  6. Lidija Kandolf Sekulovic (6-2-2017), "Hartnup Disease Workup"، medscape, Retrieved 28-7-2020. Edited.
2159 مشاهدة
للأعلى للسفل
×