دروس من قصة سيدنا إبراهيم

كتابة:
دروس من قصة سيدنا إبراهيم
ضمّت سيرة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- وقصصه في الدعوة إلى الله تعالى دروسًا عظيمةً وعبرًا كثيرةً، وآتيًا بيانٌ لجملةٍ من أبرز هذه الدروس والعبر.


دروس من قصة سيدنا إبراهيم

أهمية الدعوة إلى الله تعالى

حملت رسالات الأنبياء جميعًا غايةً واحدةً؛ وهي: عبادة الله تعالى وترك عبادة الأصنام، وقد أمر الله بالدعوة إليه، وجعلها فرض كفايةٍ، قال تعالى: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ)؛[١] فتجب الدعوة إلى الله على الوجه الصحيح، دون غلوٍ أو محاباةٍ، بالحكمة والكلام الحسن والمجادلة بالتي هي أحسن، كما كانت دعوة إبراهيم لقومه.[٢][٣]


إكرام الضيف

تجلّى ذلك في ضيافة إبراهيم وإكرامه للملائكة لمّا دخلوا عليه؛ لتبليغه بشارة الله تعالى له، وقد جعل الشرع إكرام الضيف علامةً من علامات الإيمان، كما أنّ حسن الضيافة سنَّةٌ من سنن الأنبياء والمرسلين ومن جاء بعدهم من الصحابة والتابعين والصالحين.[٤][٣]


الحثّ على الصبر وتحمل الأذى في سبيل الله

لاقى إبراهيم -عليه السلام- أذى كثيرًا أثناء تبيلغ دعوته، وكان من أقصى ما تحمّله: رفض أبيه توحيد الله، بل إنّه أراد رجمه؛ حتى يعدل عن دعوة الحقّ إلى عبادة الأصنام، لكنّه إبراهيم -عليه السلام- ثبت على الحقّ، كما وتجلّى صبره حين أراد قومه إحراقه بالنار؛ بسبب إظهاره لعجزهم وعجز أصنامهم، إلى غير ذلك من المصاعب التي لاقاها، وفيها تظهر أهمّية ثبات المسلم في وجه المصاعب والأذى الذي يلاقيه في سبيل الدعوة إلى الله وإعلاء كلمة الحقّ.[٣]


ضرورة الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله

ترك إبراهيم -عليه السلام- زوجته هاجر مع ابنها الرضيع في أرضٍ لا زرع فيها ولا ماءٍ بأمرٍ من الله تعالى، فأخذت تبحث عن الماء والزاد، حتّى أكرمها الله تعالى بالماء، فإنّ الأخذ بالأسباب سنَّةٌ من سنن الله تعالى، أمر بها عباده، وذمّ الذين يدّعون التوكّل دون الأخذ بالأسباب، وعدّ ذلك سببًا من أسباب عدم التوفيق.[٥][٣]


أهمية الصلاة في حياة العبد

الفزع إلى الصلاة في أوقات الضيق من أكثر أسباب الفلاح والتوفيق للعبد؛ فإنّ إبراهيم -عليه السلام- لمّا ترك أهله لم يتذمّر أو يضجر، وإنّما فزع إلى الصلاة، وراح يدعو لأهله، وعلم أنّ اللجوء إلى الله في كلّ حالٍ هو الفلاح والطمأنينة والسبيل الوحيد للمتوكّل، والفزع إلى الصلاة سنَّةٌ من سنن الصالحين، وفيها تظهر أهميّة فريضة الصلاة في استقامة العبد وصلاح حاله وتحقّق مطالبه بأمرٍ من الله تعالى.[٣]


الحثّ على ذكر الله بعد الانتهاء من العبادة

إنّ ذِكر الله تعالى يرقّق قلب العبد، ويزيده خشيةً وخشوعًا وخضوعًا لله وأوامره، وقد تبيّن فضل تلك العبادة في قصة إبراهيم وولده إسماعيل لمّا فرغا من بناء بيت الله الحرام، فأخذا يستغفران الله، كما قال -سبحانه وتعالى- حكايةً عنهما: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)،[٦] فالذِّكر جلاءٌ للقلوب، وذهابٌ للهمّ والحزن.[٧][٣]


من قصص سيدنا إبراهيم

أورد القرآن الكريم قصصًا ومواقف عديدةً لإبراهيم عليه السلام، وآتيًا ذكرٌ لأبرزها.


قصة سيدنا إبراهيم مع قومه

بعث الله إبراهيم عليه السلام؛ لدعوة قومه إلى توحيد الله وترك ما كانوا يعبدون من الأصنام، فمكث -عليه السلام- يدعوهم طويلًا، إلّا أنّ عنادهم واستكبارهم دفعهم إلى التمسّك بالباطل، فلمّا رأى إبراهيم استكبارهم ورفضهم لدعوته، أراد أن يُثبت لهم عجز أصنامهم؛ فأخذ يحطّم أصنامهم بيديه، وترك لهم كبير أصنامهم؛ حجَّةً عليهم، فلمّا رأوا أصنامهم محطَّمةً، اتّهموا إبراهيم -عليه السلام- فأحضروه وسألوه عنها، وأخذ -عليه السلام- يستثير عقولهم، وطلب منهم أن يسألوا الصنم المتبقّي عن الفاعل؛ فعلموا بذلك أنّ الأصنام لا تضرّ ولا تنفع، ولشدّة عنادهم واستكبارهم؛ لجأوا إلى القوّة، وأرادوا إحراق إبراهيم -عليه السلام- بالنار، ولكنّ الله تعالى نجّاه منها وجعلها بردًا وسلامًا عليه، وأمره بالهجرة.[٨]


قصة سيدنا إبراهيم مع الملائكة

أرسل الله -تعالى- وفدًا من الملائكة في هيئة بشرٍ إلى إبراهيم؛ ليبشّروه ويبلّغوه أمر الله تعالى، فلمّا دخلوا عليه أحسن النبيّ إبراهيم ضيافتهم، ولم يكن يعلم أنّهم ملائكةٌ، وكان إبراهيم -عليه السلام- معروفًا بكرم الضيافة، حتّى أنّه كان يُكنّى بأبي الضيفان، فقدّم لهم عجلًا سمينًا، لكنّهم امتنعوا عن الأكل، فلمّا رأى إبراهيم دخولهم عليه بلا إذنٍ، وامتناعهم عن الأكل، خاف منهم وظنّ أنّهم يبيّتون له شرًّا، لكنّ الملائكة طمأنوه، وأخبروه أنّهم مرسلون من الله إليه؛ ليبشّروه بأنّ الله سيهبه ولدًا صالحًا، فاستبشر إبراهيم -عليه السلام- واطمأنت نفسه، كما أخبروه عن قوم لوط أنّهم سيكونون من المُهلَكين.[٩]


المراجع

  1. سورة النحل، آية:125
  2. ابن باز، الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، صفحة 14-16. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح "إن إبراهيم كان أمة - (14) بعض الدروس المستفادة من حياة نبي الله إبراهيم عليه السلام "، طريق الإسلام، 4/4/2014، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
  4. محمد صالح المنجد، سلسلة الآداب المنجد، صفحة 1-2. بتصرّف.
  5. عمر سليمان الأشقر، دروس الشيخ عمر الأشقر، صفحة 7. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:127-128
  7. محمد حسين يعقوب، الأنس بذكر الله، صفحة 31-32. بتصرّف.
  8. محمد صالح المنحد، اسلام سؤال وجواب، صفحة 221. بتصرّف.
  9. وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 1225-1227. بتصرّف.
5225 مشاهدة
للأعلى للسفل
×