مفهوم الدعاء
الدعاء عبادة مشروعة يتوجه بها العبد إلى الله -عز وجل- فيسأله ما يرجوه من أمور الدنيا والآخرة، والدعاء من أفضل العبادات التي يحبها الله -سبحانه وتعالى-، ووردت مشروعيته في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}،[١]وفي الحديث الشريف عن النعمان بن بشير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدُّعاءُ هوَ العبادةُ"[٢]، وللدعاء شأنًا عظيمًا، فبه ينجو العبد من شقاء الدنيا وعذاب الآخرة، ويفوزُ بالجنان والعيش الرغيد، وبه ينكشف الكرب، وبه تنزِل الخيرات، وتحل البركات، وخلال هذا المقال سيتم ذكر دعاء الرزق المستجاب.[٣]
دعاء الرزق المستجاب
لقد ثبتَ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أدعية شاملة لتفريج الكرب وقضاء الدّين وكشف الأحزان والهموم، وهذه الأدعية دعاء الرزق المستجاب، لأن ذكر الله تعالى ينفي الفقر عن الإنسان ويجلب له الخير، وفيما يأتي أمثلة عن دعاء الرزق المستجاب:[٤]
- أحد الأمثلة عن دعاء الرزق المستجاب، رُوي أن فاطمة أتت النَّبيَّ -صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ- تسألُهُ خادمًا، فقالَ لَها: ما عندي ما أعطيكِ، فرجَعت فأتاها بعدَ ذلِكَ، فقالَ: الَّذي سألتِ أحبُّ إليكِ أو ما هوَ خيرٌ منهُ؟ فقالَ لَها عليٌّ: قولي: لَا بل ما هوَ خيرٌ منهُ، فقالَت، فقالَ: قولي: "اللَّهمَّ ربَّ السَّماواتِ السَّبعِ وربَّ العرشِ العظيمِ، ربَّنا وربَّ كلِّ شيءٍ مُنْزِلَ التَّوراةِ والإنجيلِ والقرآنِ العظيمِ، أنتَ الأوَّلُ فليسَ قبلَكَ شيءٌ، وأنتَ الآخرُ فليسَ بعدَكَ شيءٌ، وأنتَ الظَّاهرُ فليسَ فوقَكَ شيءٌ، وأنتَ الباطنُ فليسَ دونَكَ شيءٌ، اقضِ عنَّا الدَّينَ وأغنِنا منَ الفقرِ".[٥]
- دعاء الرزق المستجاب الذي ورد عَن علي -رضي الله عنه- أن مُكاتبًا جاءه، فقالَ: إنِّي قد عَجزتُ عَن مكاتبتي فأعنِّي، قالَ: ألا أعلِّمُكَ كلِماتٍ علَّمَنيهنَّ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- لو كانَ عَليكَ مثلُ جَبلِ صيرٍ دينًا أدَّاهُ اللَّهُ عَنكَ، قالَ: قُل: "اللَّهمَّ اكفني بِحلالِكَ عن حرامِكَ، وأغنِني بِفَضلِكَ عَمن سواكَ".[٦]
- دعاء الرزق المستجاب الذي علّمه الرسول -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ -رضي الله عنه- فقال: "أَلا أُعلِّمُك دعاءً تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيْنًا لأدَّاه اللهُ عنك؟ قل يا معاذُ: "اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ، رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاء وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك".[٧]
- دعاء الرزق المستجاب الذي يُقال أيضًا لتفريج الهم والكرب، وذلك لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "ما أصابَ أحدًا قطُّ همٌّ ولا حَزنٌ فقال: اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي، إلَّا أذهبَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- همَّهُ، وأبدلَه مكانَ حَزنِه فرحًا، قالوا: يا رسولَ اللهِ يَنبغي لنا أَن نتعلَّمَ هؤلاءِ الكلماتِ؟ قال: أجَلْ ينبغي لمَن سمِعَهنَّ أن يتَعلمَهنَّ".[٨]
أما تحديد عدد معين لدعاء من هذه الأدعية، فهذا من البدع والمحدثات، فإن الأصل في الأذكار والعبادات التوقيف، وألا يُعبد الله إلا بما شرع، ولا يجوز لنا أن نلتزم الدعاء بكيفية أو وقت أو عدد، بل نعبده به مطلقاً كما ورد بالأدلة القولية أو العملية على ما ثبت من الشرع له.
التوكل على الله في الرزق
التوكل على الله هو الاعتماد على الله -سبحانه وتعالى- وأنه الرزاق مع عمل الأسباب، وعلى المسلم أن يعتمد على الله تعالى بأنه الرزاق، ويعمل بالأسباب مع اعتقاده أن الله تعالى هو النافع، فلا يجلس في البيت دون عمل ينتظر رزقه، بل يجتهد في أسباب الرزق من أي عمل من خياطة أو نجارة أو زراعة أو بيع وشراء أو غير ذلك، مع التوكل على الله بأنه الرزاق، فيجمع بين الأمرين بين الاعتماد على الله وبين الأخذ بالأسباب.[٩]
المراجع
- ↑ سورة غافر، آية: 60.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن النعمان بن بشير ، الصفحة أو الرقم: 3247، صحيح.
- ↑ "الدعاء يصنع العجائب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-11. بتصرّف.
- ↑ "أدعية لتحصيل الرزق والغنى وقضاء الدين"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-11. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 3104، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 3563، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1821، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم: 1822، صحيح .
- ↑ "معنى التوكل على الله في الرزق"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2019-7-11. بتصرّف.