دعاء الرسول يوم بدر
لما نزل المسلمون أرض المعركة قاموا بتوزيع الجنود في الأماكن المناسبة، واختاروا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكاناً في آخر الجيش ليشرف على المعركة، وتطوع أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ليكون الحارس الشخصي للنبي، وبعد أن استقر النبي -صلى الله عليه وسلم- في العريش أخذ يناجي ربه -عز وجل- ويدعوه، وكان من دعائه:[١]
- ما رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي).[٢]
- في ذات الحديث أيضا أنه دعا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ).[٢]
وظل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويبتهل لله -عز وجل- حتى كان يسقط رداؤه عن كتفه، فيرده عليه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، وكان يشفق عليه لكثرة ما دعا ويقول له حتى يخفف عنه: "يا رسول الله! أبشر فو الذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك"، وهو يقف خلفه.[٣]
نتائج الدعاء
بعد هذا الدعاء الخاشع والابتهال المتصل يأمر الله -عز وجل- ملائكته بقوله: (أَنّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنوا سَأُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ فَاضرِبوا فَوقَ الأَعناقِ وَاضرِبوا مِنهُم كُلَّ بَنانٍ)،[٤] وأوحى إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- يبشره بقوله: (أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ).[٥][١]
ولما أتت البشائر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، استبشر وبشر أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال له: (أبشِر يا أبا بكرٍ أتاكَ نصرُ اللَّهِ؛ هذا جِبريلُ آخذٌ بعَنانِ فرسِهِ يقودُهُ علَى ثَنايا النَّقعِ).[٦][١]
وما هو إلا وقتٌ يسيرٌ حتى ينزِّل الله -سبحانه وتعالى- الذي بيده الأمر كله نصره على نبيه -صلى الله عليه وسلم- وعلى عباده المؤمنين الذين هم خير البشر بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ويلقي بجثث أعداء الأمة الذين طالما آذوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصحابته الكرام في حفرة لا حراك لهم، وكان هذا اليوم يوماً من أعظم أيام الله -تعالى-.
ملخص أحداث غزوة بدر الكبرى
كانت غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية للهجرة، حيث خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- لأخذ قافلة للمشركين كانت تمرُّ من مناطق نفوذ المسلمين، ولكن الله -سبحانه وتعالى- قدَّر أن تنجو القافلة، وتخرج كل زعامات مكة المعادية للإسلام وبكل قوتها لتواجه حفنة المسلمين بعتادهم الضعيف.[٧]
ولما تقابل الجيشان أعد النبي -صلى الله عليه وسلم- الصفوف وأعطى أوامر المعركة لجنوده، وذهب ليناجي ربه في مؤخرة الجيش، وقامت معركةٌ فاصلةٌ بين الطرفين أسفرت عن نصرٍ مؤزرٍ للمؤمنين، وهزيمةٍ نكراءَ للمشركين، فقُتل سبعون مشركاً، كان من جملتهم صناديدُ المشركين وكبراؤُهم مثل أبي جهل وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف وغيرهم، كما أُسر سبعون آخرون.[٧]
المراجع
- ^ أ ب ت المباركفوري، الرحيق المختوم، بيروت:دار الهلال ، صفحة 197. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب وابن عباس، الصفحة أو الرقم:1736، صحيح.
- ↑ البوطي (1426)، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة (الطبعة 25)، دمشق:دار الفكر المعاصر، صفحة 158. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية:12
- ↑ سورة الأنفال، آية:9
- ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن عبدالله بن ثعلبة، الصفحة أو الرقم:227، حسن.
- ^ أ ب الغزالي (1427)، فقه السيرة (الطبعة 1)، دمشق:دار القلم ، صفحة 226. بتصرّف.