دور التغذية ونمط الحياة الصحي في منع عودة سرطان الثدي

كتابة:
دور التغذية ونمط الحياة الصحي في منع عودة سرطان الثدي

ان اهمية دور نمط الحياة الصحى بات اليوم معروفاً للجميع بكل ما يتعلق بالوقاية من الامراض. ومنها السرطان وسرطان الثدي تحديداً. وخاصة دوره في منع عودة المرض.

يتميز نمط حياتنا المعاصر بالخمول والنظام الغذائي الغني بالدهون والكربوهيدرات المكررة والبروتينات الحيوانية. مما يلعب دوراً حاسماً بعدة مشاكل صحية مثل الانتشار الكبير للوزن الزائد، المتلازمات الأيضية (وهي تتميز بمستويات مرتفعة للسكر في الدم، السمنة خاصة في منطقة البطن، مستوى مرتفع للدهون في الدم وارتفاع ضغط الدم)، مقاومة الانسولين ومستويات عالية من عوامل النمو (Growth Factor) وهورمونات الجنس في الدم. غالبية هذه العوامل معروفة كمسببات او عوامل خطر للاصابة بسرطان الثدي وهي تساهم في عودته في المستقبل للمريضة.

تبين الدراسات الحديثة أن نقص التوازن الأيضي والهرموني هذا يمكن أن يتغير بمساعدة تغيير غذائي شامل من التغذية الغربية لاتباع انظمة غذائية أكثر تقليدية "عرقية" - مثل نظام البحر الأبيض المتوسط والصيني الآسيوي (أكثر نباتية، غني  في الحبوب والخضروات والبقوليات).

على الرغم من أن الوراثة تعتبر من أهم عوامل الخطر للاصابة بالسرطان، إلا أنه تنسب أغلبية حالات السرطان، لتأثير العوامل البيئية غير الوراثية، والتي يمكن تقليلها. حيث تعود حوالي ثلث حالات الوفيات الناجمة عن السرطان للعادات غير السليمة والنظام الغذائي الضار وعدم ممارسة الرياضة.

وفي عام 2006 عرضت كل من الجمعية الأمريكية للتغذية والنشاط البدني وجمعية منع الإصابة بأمراض القلب وداء السكري - عوامل الخطر الثلاث المتفق عليها المسببة لسرطان الثدي:

  • السمنة في سن البلوغ
  • شرب الكحول
  • عدم ممارسة الرياضة.

التعرض لعوامل الخطر في جميع مراحل الحياة، بما في ذلك عوامل الخطر الغذائية، من الرحم، و / أو جيل المراهقة يمكن أن تؤثر على ظهور المرض.

ولذلك، فإن النهج التغذوي يسلط الضوء على تجنب الاضرار أثناء الطفولة والمراهقة من خلال الحفاظ على نظام غذائي سليم والوزن الصحي طوال الحياة.

العلاقة بين سرطان الثدي والسمنة بمراحل متأخرة من العمر

زيادة الوزن والسمنة بعد سن اليأس، ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، ولكن من جهة أخرى لا توجد هنالك صلة بل وحتى هناك انخفاض طفيف لخطر الاصابة بسرطان الثدي في حالة السمنة قبل سن انقطاع الطمث.

ان زيادة الوزن لا ترتبط بزيادة الخطر للاصابة بالمرض فحسب بل أيضا الزيادة في الوزن بعد التشخيص وخلال فترة العلاج، تزيد من عوامل الخطر لدى المصابات. ويبدو أن السبب يكمن بمستويات أعلى من هرمون الاستروجين الذي ينتج في الأنسجة الدهنية المتضخمة لدى النساء اللواتي تعانين من السمنة.

لدى النساء السمينات اللواتي تعالجن بالهرمونات البديلة (بعد سن اليأس)، لا يوجد تأثير واضح للوزن الزائد، ربما لأنه أي حال حصول النساء على مستوى عال من هرمون الاستروجين أكثر مما يستطيع الجسم انتاجه بعد سن اليأس.

سرطان الثدي والنشاط البدني

يرتبط أسلوب الحياة الخامل والخالي من النشاط البدني بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، قبل وبعد انقطاع الطمث على حد سواء. النساء اللواتي يقمن بممارسة التمارين الرياضية بانتظام تقل لديهن نسبة الخطورة بـ 30%. ممارسة الرياضة تقلل أيضا من خطر تكرار وعودة المرض - بحوالي 50% لدى النساء اللواتي يمشين نصف ساعة يوميا مشيا سريعا جدا! النشاط  المكثف بشكل أكبر لم يزد من الحماية.

لذا ينصح بممارسة الرياضة المعتدلة أو النشطة ، خلال خمسة وأربعين دقيقة إلى ساعة، خمسة أيام في الأسبوع أو أكثر، ما قد يقلل من خطر الإصابة بالمرض.

التوصيات العامة للجمعية الأمريكية للسرطان (ACS)

  • الحفاظ على وزن صحي طوال الوقت عبر استهلاك السعرات الحرارية المناسبة وممارسة الرياضة.
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام، بحيث: لا يقل عن ثلاثين دقيقة من معتدلة إلى مكثفة النشاط، خمسة أيام في الأسبوع على الأقل عند الكبار. بينما نشاط المعتدل إلى القوي، خمسة أيام في الأسبوع على الأقل عند الأطفال والمراهقون ولمدة ساعة واحدة على الأقل.
  • عدم الافراط في شرب الكحول.

بالإضافة لذلك: 

  • قراءة الملصقات الغذائية لمعرفة حجم الوجبة ومكوناتها.
  • الحد من او تجنب تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية مثل: البطاطس المقلية، الدوناتس، البيتزا ،الحلوى والكعك وغيرها، والاستعاضة عنها بالأطعمة منخفضة السعرات الحرارية مثل الخضروات والفواكه (باعتدال) والبقول وكذلك شرب الماء بدلا عن المشروبات الغازية المحلاة.
  • تناول مجموعة متنوعة من الخضار والفواكه يوميا - على الأقل 9 في اليوم (سابقا أوصى بـ 5)  وتفضيل تناول الفاكهة  على شرب عصائر الفاكهة.
  • تفضيل الأطعمة الطازجة، المطهوة على البخار، المسلوقة، المخبوزة، المشوية، والتقليل من الأطعمة المقلية، المعالجة أو المتفحمة.
  • تفضيل الحبوب الكاملة على المعالجة.
  • تقليل اللحوم المصنعة والحمراء و/ أو الدهنية ويفضل السمك والدجاج (الأجزاء النحيفة) والبقوليات جنبا إلى جنب مع الحبوب- كمصدر للبروتين.

علاقة الكحول

يزيد المزج بين الكحول والتدخين  من خطر الإصابة بسرطان الثدي، أكثر من تأثير كل عامل على حدة. شرب عدة  مشروبات  كحولية خلال الأسبوع، يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء وخاصة لدى أولئك اللواتي لا تستهلكن ما يكفي من حمض الفوليك الموجود بكميات كبيرة في الأوراق الخضراء ،اللحوم ،الأسماك ،الحليب ،البرتقال ،البيض ، جذور القمح والحبوب المدعمة.  لذلك فمن المستحسن بالنسبة للنساء اللواتي لديهن خطر مرتفع للاصابة بسرطان الثدي التفكير جديا بتجنب الكحول. 

الصلة باستهلاك الدهون

هنالك جدل بشأن العلاقة بين استهلاك الدهون وسرطان الثدي. وعلى الرغم من أن أبحاث كثيرة أثارت احتمال وجود صلة، لم تصادق الكثير من الأبحاث المعتمدة على ذلك. وجد في بحث الـ WINS   أن تقليل الدهون لمستوى أقل من 20٪ ( تستهلك الولايات المتحدة ما معدله 40٪ من السعرات الحرارية من الدهون ) خفض  بشكل ملحوظ الانتكاس (عودة المرض) بنسبة 22٪! خاصة في أوساط النساء اللواتي لا توجد لديهن إستجابة هرمونية، وبالتالي يحتجن إلى هذه الحماية مقارنة مع النساء اللواتي تمت معالجتهن بمضادات  الاستروجين (مثل  تاموكسيفين). تجسد الأهمية التغذوية لهذه الفروق أهمية التوجه الفردي للتدخل الغذائي في المستقبل.

المواد المضادة للاكسدة

لحماية نفسه  من أضرار الأكسدة المرتبطة بزيادة مخاطر السرطان، يفعل الجسم  آلياته الداخلية، ويستخدم  المواد الغذائية من الخضروات والفواكه. وتشمل كابحات الأكسدة  هذه فيتامين C، فيتامين E، الكاروتينات، البوليفينولات وغيرها. لذلك، للتقليل من خطر السرطان، يوصي بزيادة تناول الكثير من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والمكسرات  -اللوز الطازج مع زيت الزيتون. كلما نوعنا أكثر  من كابحات الأكسدة هكذا نكفل حماية أفضل، حيث أن واحدا يدعم،  يعزز ويجدد  الثاني . لدى مراقبة النساء اللواتي تناولن المزيد من الخضار والفواكه، ارتفع تركيز الأصباغ الصفراء-الحمراء (الكروتونوئيدات) في دمائهن بنسبة 20٪ وانخفض خطر تكرار الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 43٪!

الألياف الغذائية

على الرغم من أن الدراسات بشأن مساهمة الألياف بالوقاية من سرطان الثدي لم تكن متناسقة، إلا أنه وفي دراسة أجريت في إنجلترا، شمل 35792 امرأة ونشر في يناير 2007، في مجلة علم الأوبئة، وجد أن الدفاع من قبل الألياف كان كبيرا واستطاعت تقليل  تكرار الاصابة بسرطان الثدي بنسبة 50٪! فقط في أوساط النساء قبل انقطاع الطمث.

عندما تم دمج تناول الألياف مع عامل وقائي إضافي - حمض الفوليك، على سبيل المثال، وجد  أن الدمج ساهم بالحماية أكثر بكثير من الألياف وحدها. 

اتضح أن ألياف الحبوب، لديها أكبر مساهمة في الحماية من السرطان.

تساهم الألياف  في تقليل مستويات الأنسولين القياسية اليومية ورصد مستوى هرمون الاستروجين في الدم، ولذلك اهمية كبرى  في سن مبكرة، حيث يكون فيه مستوى الهرمونات الطبيعي  أعلى بكثير بالمقارنة مع انخفاض  مستوى الهرمونات في سن اليأس. بالإضافة إلى ذلك، فالأطعمة  غنية أكثر بالألياف من الحبوب الكاملة والفواكه، كما أنها غنية  بمثبطات الأكسدة، وبالتالي فهي موصى بها بشكل خاص للحماية من السرطان.

زيت الزيتون وأوميغا 3

على الرغم من  التوصية العامة للتقليل من كمية السعرات الحرارية من الدهون وتوصيات محددة للحد من استهلاك الدهون المشبعة،  تشير الدراسات المتكررة إلى مساهمة محتملة للحماية من قبل زيت الزيتون ومصادر أوميغا 3 في النظام الغذائي. مساهمة زيت الزيتون - الذي يميز الحمية المتوسطية -   للحماية من سرطان الثدي يرتبط مع مقاومته للأكسدة ومثبطات الأكسدة الموجودة في زيت الزيتون، والذين ثبت انهم  جنبا إلى جنب يساهمون في الحماية من سرطان الثدي. أيضا للأحماض الدهنية أوميغا 3 هنالك مساهمة في الحماية من السرطان. علينا أن  نتذكر أحماض أوميغا 3 الدهنية معرضة جدا للأكسدة، ولذا فمن الأفضل الحصول عليها من الغذاء الكامل - الخضراوات الخضراء، بذور الكتان، زيت الكانولا، الأسماك البحرية وغيرها ودمج ذلك مع استهلاك الخضار التي تحوي مكونات تحميها. هنالك أهمية خاصة للحفاظ على  نسبة بين زيوت أوميغا 6 وأوميغا 3 (حوالي 5).

الصلة الهرمونية - والمتلازمة الأيضية

النساء اللواتي تعانين من  المتلازمة الأيضية كن بخطر أكبر للإصابة بسرطان الثدي. هذا وقد اقترحت بعض الدراسات وجود علاقة بين زيادة مستويات الانسولين ومستويات السكر في الدم وخطر الاصابة بسرطان الثدي - بعد انقطاع الطمث (سن اليأس). بالإضافة إلى ذلك، فإن المستويات العالية من الهرمونات الجنسية بعد سن اليأس ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي. وكانت النساء مع المستوى الأعلى من الهرمونات الجنسية بخطر 2-3 مرات للإصابة بسرطان الثدي من أولئك اللواتي لديهن مستوى أدنى . ولم تكن هنالك علاقة مشابهة لدى النساء قبل انقطاع الطمث (سن اليأس).

التغذية التي تقلل من عوامل الخطر لسرطان الثدي

أثبت أن النظام الغذائي الغربي  يزيد من الإصابة بسرطان الثدي بعد انقطاع الطمث عند النساء، على سبيل المثال- في الصين. ولا سيما عند اتباع نظام غذائي مع تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة والحبوب المكررة، السكاكر والحلويات. وجدت دراسة أخرى أن الاستهلاك المفرط من الكربوهيدرات مع مؤشر(جليكيمي) نسبة السكر في الدم عالي  ارتبط بزيادة كبيرة من الخطر وخاصة في أوساط النساء الشابات والنحيفات (BMI <25) بالمقارنة مع النظام  الغني بالخضروات، الفواكه ، الحبوب، والغني  بالفيتامينات والألياف، وحتى بالمقارنة مع اتباع نظام غذائي غني بالمنتجات الحيوانية.

في المقابل، فإن النظام الغذاي المتوسطي يسهم إسهاما كبيرا في الحماية من  سرطان الثدي ومن تكرار الإصابة به، وخاصة لدى النساء اللواتي تعانين من المتلازمة الأيضية  ومستوى الهرمونات المرتفع في الدم.

نصائح وقائية

* التقليل من السعرات الحرارية من خلال تفضيل  الأطعمة المشبعة مثل الحبوب الكاملة ،البقول والخضار.

* خفض استهلاك الأطعمة ذات مؤشر نسبة السكر في الدم الجليكيمي  العالي (حبوب الصباح المصنوعة  من الذرة ،الأرز ، الخبز الأبيض ، المعجنات ،النقارش والكعك)، وزيادة استهلاك الخضروات.

* التقليل من الدهون المشبعة (اللحوم الحمراء المصنعة ومنتجات الألبان الدسمة) ويفضل استخدام الزيت النباتي (يفضل أن يكون غير مكرر)، مثل زيت الزيتون ،الجوز ،اللوز والفستق.

* موازنة استهلاك البروتين وخاصة من المنتجات الحيوانية (باستثناء الأسماك).

للتلخيص

بما أن العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الثدي هي علاقة ممتدة على مدى الحياة ، فإن النظام الغذائي يتغير بموجب الظروف، وكذلك الملائمة بين النظام الغذائي والإنسان بشكل محدد - لذا يجب عدم الإستغراب من تضارب الأبحاث. عموما، هناك إجماع على أن النظام الغذائي الغربي يزيد من نسبة الإصابة بالسرطان بشكل مقلق، وهناك من يسمون معدل الزيادة بالوباء. بصرف النظر عن الاتفاق على وجوب الوقاية من السمنة المتأخرة، الحد من الكحول، زيادة النشاط البدني - هناك إثباتات بحثية  لعوامل الحماية  في الغذاء، ولكن ليس دائما في نفس مستوى الأدلة. 

بدلا من الاستنتاج بخصوص  النتائج المتناقضة بين أساليب  تغذية  مختلفة وفي ظروف حياة مختلفة  تماما، حيث انه ليس هناك علاقة أكيدة وواضحة، وتجاهل النتائج المترتبة على عاداتنا الغذائية ، من الأفضل أن  نفهم أن العلاقة أكثر تعقيدا وتحتاج إلى استثمار أكثر في المستوى البحثي العلمي  لفهم العلاقة  ومعناها  الشخصي بغرض تطبيقها.

2929 مشاهدة
للأعلى للسفل
×