دور وإسهامات الكيميائيين في تعرف خصائص الأحماض والقواعد

كتابة:
دور وإسهامات الكيميائيين في تعرف خصائص الأحماض والقواعد

كيف ظهر دور الكيميائيين في تعرف خصائص الأحماض والقواعد؟

تَبين لدى الكيمائيين منذ العصر الإسلامي أن الأحماض قد تُسرِع مِن تآكل المَعادِن وذوبان الصخور، ومع نهاية القَرن الثالث عَشر درس العالِم الاسباني أرنالدس دي فيلا نوفا الأحماض والقواعِد باستخدام ورقة دوار الشَمس (ورقة تستخدم لتحديد حامضية المواد)، وكانَت تِلك نقطة البداية لأفكار العالم الايرلندي روبرت بويل (Robert Boyle)؛ الذي لاحَظ تغير لون المواد المُشتقة مِن النباتات عِند الاقتراب مِن الأحماض أو القواعِد، ثُم بدأ الكيميائيون في تعريف القواعِد عَلى أنها مواد مِن الممكن أن تتعادَل مَع الأحماض لتكوين الماء والمَلِح،[١] إلى أن تتابَعت الدراسات وأخذت ثلاث تَصنيفات رئيسية للأحماض والقواعد وَضعها كُل مِن أرهينيوس، برونستد-لوري، وَلويس،[٢] عَلى النَحو الآتي:

العالم أرهينيوس

قدم العالم السويدي سفانت أرهينيوس (Svante Arrhenius) اقتراح حَول تَصنيف المُركبات الى أحماض وقواعد، وقد تضمن هذا الاقتراح أن الماء باستطاعته إذابة بَعض المُركبات وتفكيكها الى أيونات مُنفردة، وبناءً على ذلك عَرف الأحماض عَلى أنها مُركبات تحَتوي على عنصر الهيدروجين (H) وعندَ اذابتها في مَحلول مائي تطلق أيون الهيدروجين (H+) في المَحلول، إلى جانِب ذلك عَرّف القاعدة عَلى أنها مُركبات تتفكك وتُطلِق أيونات الهيدروكسيد (OH-) الى المَحلول المائِي عند إذابتها فيه، لكن اقتصرت نظرية أرهينيوس عَلى التفاعلات التي تَحدث في المحاليل المائِية، وَلم يتمكن مِن تَفسير سلوك المواد التي تَسلك سلوكًا قاعديًا كالأمونيا (NH3) عَلى الرغم مِن أنها لا تحتوي على أيون الهيدوركسيد.[٢]

العالمين برونستد ولوري

قَدم كُل مِن العالم الدنماركي يوهانس برونستد (Johannes Brønsted) والعالم الإنجليزي توماس لوري (Thomas Lowry) تَعريفًا جديدًا للأحماض والقواعِد أكثر شمولية مِن تَعريف أرهينيوس؛ وينص تعريفهما عَلى أن "الحِمض هو أي مادة قادرة عَلى منح أيون الهيدروجين (H+) ويعرَف أيضًا بمانح البروتون (H+)؛ (نظرًا لأن أيون الهيدروجين عندما يَفقد الكترونًا يصبِح شَبيهًا بالبروتون وهذا يتوافق مَع تعريف أرهينيوس إلى حَد كَبير)، في حين أن القاعِدة هي أي مادة قادرة عَلى استقبال أيون الهيدروجين وتعرف بالمادة المستقبلة للبروتون".[٢]

تَبين فيما بَعد أن نَظرية برونستد-لوري لَم تقتصِر عَلى تفسير السلوك الحمضي القاعدي في المحاليل المائِية فحسب، بَل تَمكنت مِن تفسيرها في حِمض الأسيتيك والأمونيا السائِلة، لكنِها عَجزت عَن تفسير السلوك الحمضي للعديد مِن المواد التي لا تَحتوي عَلى عنصر الهيدروجين مِثل كلوريد الألمنيوم (AlCl3).[٣]

العالم جيلبرت نيوتن لويس

قدم العالِم الأمريكي جيلبرت نيوتن لويس (Gilbert Newton Lewis) مفهومًا عامًا لا يتضمن ذَرة الهيدروجين في تَفسيره للأحماضِ والقواعِد، بَل ينص عَلى أن" الحمض هو أي مادة تَمتلك مدارًا فارغًا يُمكّنها من استقبال زوج مِن الالكترونات، والقاعِدة على أنها أي مادة تمتلك زوج منفرد مِن الالكترونات وقادِرة عَلى مَنحه"، وعَلى الرُغم منِ أن هذا التَعريف يفسِح المجال لتَصنيف العديد مِن المُركبات عَلى أنها أحماض وقواعِد إلا أنه لَم يستطع تفسير تفاعلات الأحماض والقواعِد التي لا تشمل تُكون رابِطة تساهمية تناسقية.[٤]

شارك العديد من العلماء منذ العصر الإسلامي في دراسة وفهم خصائص الأحماض والقواعد، مثل العالِم الاسباني أرنالدس دي فيلا نوفا، والعالم أرهينيوس الذي قدم اقتراح لتَصنيف المُركبات الى أحماض وقواعد، والعالمين برونستد ولوري اللذان قدما تَعريفًا جديدًا للأحماض والقواعِد، فضلًا عن العالم جيلبرت نيوتن لويس قدم تعريفًا للأحماض والقواعد، وغيرهم الكثير من العلماء الذين ساهموا في دراسة وفهم الأحماض والقواعد.


ما هي خصائص الأحماض التي توصّل إليها الكيميائيون؟

يُمكِن تمييز الأحماض مِن خِلال خواصِها الكيمائية والفيزيائية التي يَسهُل ملاحظتها كما هُوَ موضحًا فيما يَلي:[٥]

  • تتمتع الأحماض بطعم حامِض؛ مثل الفواكه الحمضية التي تحتوي عَلى حِمض الستريك، والخَل الذي يحتوي عَلى حِمض الخليك، وحِمض اللاكتيك في اللبن.
  • تُحوّل ورقة دَوار الشمس مِن اللون الأزرَق إلى اللون الأحمر.
  • تُنتِج فقاعات مِن غاز الهيدروجين عندَ تفاعِلها مَع المعادِن.
  • الرقم الهيدروجيني (PH) أقل مِن 7.

الأحماض هي المركبات التي يقل رقمها الهيدروجيني عن العدد 7 وتتمتع بعدة خصائص مثل الطعم الحامض.


ما هي خصائص القواعد التي توصّل إليها الكيميائيون؟

يُمكِن تمييز القواعِد مِن خِلال خواصِها الكيمائية والفيزيائية التي يَسهُل ملاحظتها كما هُوَ موضحًا فيما يَلي:[٥]

  • تتمتع القواعِد بطعم مُر.
  • مَلمسها لَزِج شَبيهًا بالصابون.
  • الرقم الهيدروجيني (PH) للقواعِد أكبر مِن 7.
  • تحول ورقة عباد الشمس من الأحمر إلى الأزرق.

القواعد هي المركبات التي يزيد رقمها الهيدروجيني عن العدد 7 وتتمتع بعدة خصائص مثل الطعم المر.


ما هي أنواع الأحماض والقواعد؟

صُنِفت الأحماض والقواعِد الى ثلاث فئِات رئيسية كما يلي:[٦]

  • أحماض وقواعد أرهينيوس: تُعرف المادة التي تذوب في المحلول المائِي وتَمنح أيون الهيدروجين بحمض أرهينيوس؛ مِثل كلوريد الهيدروجين (HCL)، في حين أن المادة التي تمنح أيون الهيدروكسيد تُعرَف بقاعدة أرهينيوس؛ مِثل هيدروكسيد البوتاسيوم (KOH).
  • أحماض وقواعد برونستد-لوري: يُطلق عَلى المادة التي تَمنح H+ حِمض برونستد-لوري؛ مِثل حمض الكبريتيك (H₂SO₄)، والمادة المستقبلة للبروتون قاعدة برونستد-لوري؛ كالأمونيا (NH₃).
  • أحماض وقواعد لويس: أن المادة التي تَستقبِل زوج مِن الالكترونات تُعرف بحمض لويس مثل البوران (BH₃)، والمادة التي تَمنح زوجًا مِن الالكترونات تُعرَف بقاعدة لويس مِثل كبريتيد ثنائي الميثيل CH3)2S).

ومِن الجدير بالذكر أن المركب أو الجزيء الواحِد قَد يَقع في فئة واحدة أو أكثر ِمن الفئات السابقة.

كما وتصَنف الأحماض والقواعد حَسب قوتها إلى:[٧]

  • الأحماض القوية (Strong Acids): وهي التَي تتأين بالكامل عندَ إذابتها في الماء، ومن أمثلتها حمض الهيدروكلوريك (HCl) وحمض النتريك (HNO3).
  • الأحماض الضَعيفة (Weak Acids): تتأين الأحماض الضَعيفة جزئيًا في الماء؛ مِثل حِمض الخليك (CH3COOH) وحمض الكربونيك (H2CO3).
  • القواعِد القَوية (Strong Bases): هي المادة التي تتأين كليًا في الماء لإعطاء أكبر عَدد ممكن من أيونات الهيدروكسيد (OH-) في المَحلول المائِي، ومن أمثلتها هيدروكسيد الصوديوم (NaOH) وهيدروكسيد البوتاسيوم (KOH).
  • القواعِد الضَعيفة (Weak Bases): تتأين جزئيًا عند إذابتها في الماء لتتَرك القَليل مِن أيونات الهيدروكسيد (OH-) في المَحلول المائِي، ومن أمثلتها هيدروكسيد الأمونيوم (NH4OH).

وقَد تًصنف الأحماض في كثير مِن الأحيان الى أحماض أحادية البروتون (Monoprotic)؛ وهي التي يمكنها مَنح بروتون واحِد فَقط مِثل سيانيد الهيدروجين (HCN)، وأحماض عديدة البروتون (Polyprotic)؛ التي تستطيع مَنح أكثر مِن بروتون أثناء تفاعِلها كحمض الكبريتيك (H2SO4).[٧]

توجد عدة تصنيفات محتملة للقواعد والأحماض، فيمكن تصنيفها حسب تعريفات العلماء المختلفة، أو يمكن تصنيفها حسب القوة أو الضعف.


ما هي استخدامات الأحماض والقواعد؟

تختلف المواد الكيميائِية بالرقم الهيدروجيني PH، وتبعًا لهذا الاختلاف سوف تختلف كذلك استخداماتها، فعادة ما تُستخدم الأحماض والقواعِد الضَعيفة في المنزل، بينما تُستخدم القوية مِنها في الصِناعات والأبحاث، وفيما يَلي توضيح لأهم الاستخدامات:[٨]

الاستخدامات المنزلية

تُعد الفواكه الحمضية والخَل من أهم الأطعمة الحمضية المتواجِدة في مُعظم المنازَل، كما وتُستخدم بيكربونات الصوديوم المعَروفة بصودا الخُبز كمكون أساسي في العديد مِن المَخبوزات، ولا يكاد يَخلو أي مِنزل مِن مواد التَبييض والتَعقيم مِثل هيبوكلوريت الصوديوم، وقد يلجأ الكثيرون لاستخدام القواعِد الأخرى مِثل كربونات الكالسيوم للتقليل مِن حَرقة المعدة.

الاستخدامات الصناعية

يدخل حِمض الكبريتيك والذي يُعتبر المادة الكيميائِية الأكثر انتشارًا في العالم في تَصنيع المنظفات والأسمدة الفوسفاتية، كما يستخدم حِمض النتريك أساسًا في صِناعة المتفجرات، بينما يُستخدم حمض الهيدروكلوريك في الصناعات الصلبة التي تتطلب تَنظيف الصفائِح المعدنية قبلَ معالجتها.

الاستخدامات العلمية

استخدمت الأحماض والقواعِد مِن قِبل الكيمائيين الأوائل ككواشِف، نَظرًا لكون النتائِج التي تتركها بَعد انتهاء التفاعل غالبًا ما تكون مرئية ويُمكن ملاحظتها كالمِلح. في حِين يتتبع العلماء المعاصرون الرَقم الهيدروجيني للتربة والمسطحات المائية تَجنبًا لأي ضرر قَد يلحق بالنظام البيئي، ويراقب الرقم الهيدروجيني أيضًا داخِل جِسم الكائِن الحَي للحفاظ عَلى التوازن البيولوجي فيه. 

تدخل القواعد والأحماض في العديد من الاستخدامات المنزلية مثل الأدوية والمنظفات، أو الاستخدامات الصناعية مثل الأسمدة والمتفجرات، أو الاستخدامات العلمية مثل دراسة البيئات المائية والتربة.


ماذا ينتج عند وضع الحمض والقاعدة معًا؟

ينتُج مِن تفاعل الحمض مع القاعدة الملح والماء، ويُعرَف بهذا التفاعل باسم تفاعل التعادُل (Neutralisation Reaction)، فعند تفاعل حَمض الهيدروكلوريك (HCl) مَع هيدروكسيد الصوديوم (NaOH)؛ يتحِد أيون الهيدروجين (H+) مِن الحمض مع أيون الهيدروكسيد (OH-) من القاعِدة لتكوين جزيء الماء (H2O)، ويتكون كذلك المِلح (NaCl) مِن اتحاد أيون الصوديوم (Na+) مَع أيون الكلور(Cl-) عَلى النَحو الاتي:[٩]

NaOH + HCl → NaCl + H2O


المراجع

  1. "Acids and Bases", Explorable, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Overview of Acids and Bases", The LibreTexts libraries, 22/8/2020, Retrieved 23/6/2021. Edited.
  3. "LIMITATIONS: THE THEORIES (of Arrhenius & Bronsted-Lowry)", Sites - Google, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  4. "Acids and Bases", Byjus, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب Chris Deziel (27/4/2018), "General Characteristics of Acids & Bases", Sciencing, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  6. "15.1: Classifications of Acids and Bases", The LibreTexts libraries, 14/3/2021, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  7. ^ أ ب Jen Moreau, "Concepts and Types of Acid and Base", Science Aid, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  8. Doug Johnson (26/4/2018), "Uses of Acids & Bases", Sciencing, Retrieved 22/6/2021. Edited.
  9. "Acid-base reactions", Siyavula, Retrieved 22/6/2021. Edited.
3693 مشاهدة
للأعلى للسفل
×