ربع عيِّنات الجلد المعرَّضة للشمس لديها طفرات في الـ DNA

كتابة:
ربع عيِّنات الجلد المعرَّضة للشمس لديها طفرات في الـ DNA

ان التعرض لأشعة الشمس من شأنه أن يرفع من خطر الإصابة بسرطان الجلد وحدوث طفرات في الجلد، حيث وجدت هذه الدراسة أن ربع عينات الجلد المعرضة للشمس لديها طفرات في الشيفرة الوراثية، إليكم التفاصيل.

ظهر العنوان العريض لأخبار BBC موجها كلامه لمحبي التشمّس في العطل: "أكثر من رُبع مساحة الجلد لشخص في مُنَتَصفِ عُمره قد بدأت بخطواتها الأولى نحو السرطان".

يتألف ضوء الشمس من الأشعة فوق البنفسجية (UV)، ويعتبر التعرض لمستويات منخفضة من الأشعة فوق البنفسجية مفيداً للصحة – حيث يساعد ضوء الشمس الجسم على إنتاج فيتامين D.

لكن التعرض لفترات طويلة يمكن أن يُحدث تغييراً (يؤدي إلى طفرة) في الشيفرة الوراثية DNA للخلايا. تتراكم هذه الطفرات مع مرور الوقت، وتحوّل خلايا الجلد إلى خلايا سرطانيّة، والتي يمكن أن تؤدي إلى سرطان الجلد الميلانومي واللا ميلانومي.

كجزء من دراسة أُجريت حول سرطان الجلد، حلّل الباحثون طبقات الجلد المُزالة من الأجفان لأربعة أشخاص تراوحت أعمارهم ما بين 55 - 73 عاماً، ولديهم تاريخ متفاوت من التعرض لأشعة الشمس (لكن دون تاريخ للإصابة بالسرطان) لمعرفة ما هي طفرات الشيفرة الوراثية التي قد تراكمت عندهم.

وكانتِ المٌفَاجئة أن مِئات الخلايا الطبيعية تَحمِلُ طفرات DNA مُرتَبِطة بالسرطان، تُسمى "النَسائل الطافِرَة-mutant clones"، في كل 1 سم مربّع من الجلد، وهناك الآلاف من طفرات الـ DNA  في الخلايا.

استندت النتائج على خلايا جلديّة مأخوذة من أجفان أربعة أشخاص فقط، لذلك من غير المعروف ما إذا كان نفس الأمر يحدث في بقية مناطق الجلد الأُخرى، أو عند أشخاص آخرين، أو ما هي نسبة الطفرات في الخلايا التي يمكن أن تتطور وتقود في نهاية الأمر إلى سرطان الجلد.
 

من أين بدأت هذه القصة؟

أُجريت الدراسة من قِبَل باحثيِن من معهد ويلكوم ترست سنجر The Wellcome Trust Sanger Institute في المملكة المتحدة، وبتمويل من ويلكم ترست ومجلس البحوث الطبية.

ونُشر في المجلة الطبية المُحكمة، ساينس Science.

ذكرت الـ BBC والديلي ميل Daily Mail القصة على نحو دقيق وكررت أفضل الطرق لتقليل خطر الإصابة بسرطان الجلد.
 

ما نوع البحث الذي أجري؟

هذه دراسة جينية تبحث في تغيّرات الـشيفرة الوراثية لخلايا الجلد الطبيعية لمعرفة نسب ارتباطها بحدوث السرطان.

سرطان الجلد هو أحد أكثر أشكال السرطان شيوعاً، هناك نوعان رئيسيان من سرطان الجلد:

  • سرطان الجلد اللا ميلانومي non-melanoma skin cancer – حيث يتطور السرطان ببطء في الطبقات العليا من الجلد؛ يوجد أكثر من 100,00 حالة جديدة من السرطان اللا ميلانومي سنوياً في المملكة المتحدة.
  • سرطان الجلد الميلانومي melanoma skin cancer – هو الشكل الأكثر شدة من سرطان الجلد؛ يوجد حوالي 13,000 حالة ميلانوما جديدة تشخّص كل عام في المملكة المتحدة و2,000 حالة وفاة.

يسبب الإشعاع الناتج عن التعرض الشديد للشمس أضراراً في DNA الخلايا الجلدية. عندما تتراكم مجموعات معينة من الطفرات، يمكن أن تتحول الخلايا إلى سرطانيّة، وتتكاثر وتنمو بشكل عشوائي غير قابل للسيطرة.

يَعرِف الباحثون كثيراً من طفرات سرطان الجلد، ولكنها غالباً درست باستخدام عينات من خلايا جلدية سرطانيّة. لا يعلم الباحثون ما هي مجموعة الطفرات اللازمة لتحويل خلايا الجلد السليمة إلى سرطان، أو في أي ترتيب يحدث ذلك.

بالنظر إلى المشكلة من جِهة أخرى، جَرَى البحث على خلايا الجلد السليمة لمعرفة الطفرات التي يمكن أن تتراكم في المرحلة ما قبل السرطانية.
 

ماذا تَضَمَّن البحث؟

حلّل العلماء الـDNA لخلايا الجلد السليمة المأخوذة من الجفن لأربعة أشخاص خلال جراحة تجميلية (‎رَأْبُ الجَفْن blepharoplasty‎). وبالنظر إلى طفرات الـ DNA اكتشفوا ارتباطها بالسرطان لاحقاً. وأفاد التقرير أن جلد الجفن المُّزال كان طبيعياً وخالياً من أية أضرار واضحة.

استخدم الفريق جلد الجفن بسبب تعرضه لمستويات عالية نسبياً من أشعة الشمس ولأنه أحد مواقع الجسم القليلة التي يُزال منها الجلد الطبيعي.

تُجرى هذه العملية عند خسارة مرونة الجلد المرتبطة بالعمر، والتي يمكن أن تسبب تدلّي الجفن والذي يكون أحياناً شديداً بما يكفي لتشويش الرؤية، على الرغم من بقاء البَشَرَة طبيعيّة.

تعود عيّنات الجلد المقُدَّمة لثلاث نساءٍ ورجل واحد، بأعمار تراوحت ما بين 55 إلى 73 عاما. شخصان منهما تعرضا لنسبة قليلة من أشعة الشمس، واحد منهم تعرّض بشكل معتدل، وواحد لديه مستوى مرتفع من التعرض لأشعة الشمس. كان ثلاثة منهم من أصل أوروبي غربي وواحد من جنوب آسيا، وليس من الواضح كيف أجري تقييم التعرض للشمس.
 

ما هي النتائج الأساسية؟

وَجَدَ الباحثون كثيراً من الطفرات المرتبطة بالسرطان في الخلايا الطبيعية أكثر مما تَوَقعّوا. حدّدت التحاليل بدقة حوالي 3,760 طفرة.  طابق طِراز طفرات الشيفرة الوراثية "إلى حدٍ كبير" تلك المتوقعة عند التعرض لأشعة UV والتي شوهدت في سرطانات الجلد.

يتألف الحمض النووي DNA من شيفرات من تتالي أحرف معروفة بأزواج الأسس.  يُقَدِّر الفريق أن الأشخاص يملكون ما يقارب اثنان إلى ست طفرات لكل مليون زوج أسس في خلايا الجلد. كان هذا وفق قولهم أقل من عدد الطفرات التي يعثر عليها غالباً في سرطان الجلد، لكنه أعلى من الموجود في أورام صلبة أخرى.

عُمُومًا، قدَّرَوا أن حوالي 25% من خلايا الجلد تحمل نوعاً محدّداً من الطفرات المرتبطة بالسرطان تُسمّى طفرات NOTCH. وبينما هي ليست كافية لتسبب السرطان لوحدها، لكن إن تراكمت طفرات أُخرى فوق طفرات NOTCH، يمكن عندها أن تسبب السرطان في المستقبل.

كيف فَسَّر الباحثون النتائج؟

صَرَّح الدكتور بيتر كامبيل Dr Peter Campbell، رئيس قسم السرطان الجيني في سانجر، لموقع أخبار BBC: "أكثر الأشياء المثيرة للدهشة هي مجرد النسبة؛ أن ربع إلى ثُلث الخلايا تملك هذه الطفرات السرطانيّة وهذا أكثر من المتوقع، لكن هذه الخلايا تعمل بشكل طبيعي".

أضاف الدكتور بيتر كامبيل: "بالتأكيد سيغيّر هذا من تعرّضي للشمس، لكن لا أعتقد أن علينا أن نصاب بالذعر، الدافع من الرسالة أن هذه الطفرات تتراكم خلال الحياة، وأفضل وقاية هي الانتباه الكامل لأضرار التعرض لأشعة الشمس."

الخاتمة

تُشير الدراسة أن حوالي 25% من خلايا الجلد الطبيعية تملك طفرات DNA يُمكن أن تتطّور إلى سرطان الجلد في المستقبل، وكانت هذه النسبة أعلى مما تَوّقّع العلماء.

كان التحليل الجيني في الدراسة قويّاً، لكنه استَخدمَ عيّنات الجلد المأخوذة من أَربعةِ أَشخاص فقط، وهذا يَحِدُّ من تعميم النتائج على عامّة السكان، على سبيل المثال، يمكن أن تختلف النتائج بين الناس باختلاف الأعمار، والتعرض للشمس ولون الجلد، لذلك لا يمكن معرفة صحّة هذه النتائج بالنسبة لمعظم الناس.

وبالمثل، استَخَدم الباحثون خلايا الجفن فقط. قد يكون هناك شيء فريد من ارتباط أنسجة الجفن بمعدلات الإصابة بالطفرات أكثر من المتوّقع. ربما يكون صحيحاً أو غير صحيحاً بالنسبة لمناطق أُخرى من الجلد. في هذه اللحظة، ليس من المعروف إن كان تقدير واحد من كل أربعة تقديرات يمكن تطبيقه على مناطق الجلد الأُخرى.

الأخبار الجيدة أنّ هناك طرق بسيطة وفعّالة لتقليل خطر الإصابة بسرطان الجلد. أفضل طريقة للوقاية من كل أنواع سرطان الجلد هي تّجّنُّب التَعرّض الطويل لأشعة الشمس ومراقبة الشامات الجديدة أو المتغيّرة.

التعرّض للشمس لدقائق معدودة يمكن أن يساعد في الحفاظ على مستويات صحيّة من فيتامين D، وهو أمر أساسي لضمان سلامة العظام، لكن من المهم تجنب الحروق الشمسية، ولذلك ينصح بارتداء ملابس واقية للشمس مثل القبّعات الشمسية، والبحث عن الظِلّ، واستخدام الكريمات الواقية الشمسية SPF 30 على الأقل.

3435 مشاهدة
للأعلى للسفل
×