رخصة الفطر في رمضان

كتابة:
رخصة الفطر في رمضان

ما هي رخصة الفطر في رمضان؟

الرخصة في اللغة مأخوذة من الترخيص بمعنى الإذن في الأمر بعد النهي عنه، والرخصة من الله -تعالى- هي التخفيف عن عباده،[١] وفي الاصطلاح الشرعي لها تعريفات كثيرة منها أنّها: "صرفُ الأمر من عسرٍ إلى يسرٍ بواسطة عذر في المكلف"،[٢] ورخصة الفطر في رمضان هي إباحة الفطر فيه لبعض الأشخاص لوجود المشقة، وهو استثناء للحكم العام للصيام الذي يقتضي وجوب الصيام على كل من كان مسلمًا بالغًا عاقلًا يقيم في أرضه وكان صحيح البدن.[١]


لمن تعطى رخصة الفطر في رمضان؟

المريض "بشروط"

يجوز للمريض الأخذ برخصة الفطر في رمضان لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،[٣]، وهناك شروط للمرض ليتمكن الصائم من الأخذ برخصة الفطر، وقد ذكرها العلماء مجملة فقالوا إنّ المرض يجب أن يكون شديدًا؛ فمن الممكن أن يًاب الصائم بضرر أو مشقّة في حال صيامه، وكذلك فإنّهم قد قالوا إنّ المريض له أن يفطر إن كان الصيام يحول دون سرعة الشفاء أو أن يسبب تفاقم المرض، وقال بعض العلماء أيضًا إنّه إن كان المريض يخشى حدوث مرض بسبب الصيام فله الأخذ بالرخصة حينها.[٤]


هل من أمراض معينة تُمكن أصحابها عدم صيام رمضان؟ لمعرفة ذلك اطلع على الآتي: ما هو المرض المبيح للفطر في رمضان وأمراض تمنع أصحابها من الصيام في رمضان


وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك حالات للمرض في رمضان قد ذكرها العلماء من حيث ارتباطه بالصيام:[٤]


  • عدم وجود المشقة: فإن كان المرض لا يشق على الصائم ولا يسبب له الضرر فإن الصوم واجبٌ عليه ولا يجوز له أن يفطر.
  • وجود مشقة محتملة: وإن كان المريض يجد مشقة في الصيام إلا أنّ ذلك لا يُلحق به ضررًا، فالصيام في حقه مكروه لتركه رخصة الله -تعالى- التي تراعي الإشفاق على النفس البشرية.
  • وجود ما يُلحق الأذى: فإن كان المريض يلحق به ضرر من الصيام، فيكون صيامه عندها محرمًا لإلحاقه الضرر بنفسه؛ فالله -تعالى- يقول في القرآن الكريم: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}،[٥]، ويُعرف ضرر الصيام على المريض إما بعلمه هو بالضرر الذي يلحق به، وإمّا بإخبار طبيب عدل موثوق بعلمه.


وينبغي التنبيه بأنّ الضرر والمشقة إمّا أن يقدّرها المريض بنفسه، وإمّا أن يقرّر ذلك طبيب حاذق ثقة.[٤]


ما حكم إفطار المريض مرضًا خفيفًا؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: حكم إفطار المريض في رمضان


المسافر "بشروط"

يجوز للمسافر الأخذ برخصة الفطر في رمضان وذلك ضمن عدة شروط وهي ما يأتي:[٦]


  • أن يكون سفره طويلًا، وهو السفر الذي تقصر به الصلاة.
  • أن يكون سفره مباحًا، وأن يكون في غرض صحيح وهذا الشرط عند جمهور الفقهاء فلا يجيزون لمن سافر بمعصية أن يأخذ برخصة الفطر في رمضان؛ لأنّها رخصة تخفيف لا يستحقها العاصي، وذهب الحنفية إلى جواز الفطر لمن كان مسافرًا بمعصية لأن النصوص التي تبيح السفر مطلقة، ولأن الرخصة تتعلق بالسفر وليس في المعصية.


  • أن يكون قد شرع بالسفر وتجاوز المدينة وما يتصل بها من العمران في بلده قبل أن يطلع الفجر عند الجمهور، وذهب الحنابلة إلى أنّه إن نوى الصيام في بلده ثمّ سافر في أثناء اليوم طوعًا أو كرهًا فيجوز له الفطر.
  • أن يكون المسافر لا ينوي الإقامة في مكان واحدة لمدة أربعة أيام أو أكثر؛ إذ إنّ المدة التي تتجاوز الأربعة أيام تجعل صاحبها مقيمًا وليس مسافرًا وهذا مذهب المالكية والشافعية، وقال الحنابلة بأن يكون أكثر من أربعة أيام، وقال الحنفية بأن المدة التي يفطر بها المسافر خمسة عشر يومًا أو نصف شهر.


ما حكم الصيام في السفر لمسافة أقل من 80؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: حكم الإفطار في السفر


الكبير في السن "بشروط"

لا خلاف بين الفقهاء على جواز الأخذ برخصة الإفطار بالنسبة للكبير في السن الذي يجهده الصيام ويشق عليه مشقة شديدة.[٧]


ولكن هل من تأثير لصيام رمضان على كبار السن؟ لمعرفة ذلك اقرأ الآتي: هل يؤثر الصيام على المسنين


الحامل والمرضع "بحالات"

إن الصيام واجب على الحامل والمرضع، إلا أنّه يجوز لهما الأخذ برخصة الفطر في رمضان في إحدى حالتين:[٨]

  • أن يكون الصيام يلحق بهما مشقة أو ضررًا غير معتاد بالنسبة لهما.
  • أن يكون الصيام يشكل خطرًا على الجنين بالنسبة للحامل أو على الطفل بالنسبة للمرضع.


كيف يؤثر الصيام على الحامل والمرضع؟ لمعرفة الإجابة اقرأي الآتي: هل يؤثر الصيام على المرضع ورضيعها؟ وهل يؤثر الصيام على المرأة الحامل في الشهور الأولى؟


ما الأفضل: الأخذ برخصة الفطر أم الصيام؟

إذا كان في الصيام ضرر على الإنسان فإن صيامه حرام إذ يقول -تعالى- في سورة النساء: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}،[٩]، فالأفضل للصائم أن يأخذ بالأيسر له، فالله -تعالى- قد نهى الإنسان أن يلحق ضررًا بنفسه،[١٠] وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا"،[١١]، فيبين هذا الحديث أنّ السنّة هي ألّا يتكلّف الإنسان المشقة في الدين، والقاعدة الفقهية تقول: "المشقة تجلب التيسير"، فمتى وجدت المشقة كان الأخذ بالرخصة هو الأفضل.[١٢]


من أخذ برخصة الفطر في رمضان: هل عليه قضاء وكفارة؟

يختلف حكم الآخذ برخصة الفطر في رمضان بحسب حاله التي كان عليها وتفصيل ذلك فيما يأتي:[٨]


  • إذا كان سبب الأخذ برخصة الفطر في رمضان هو المرض؛ فإنه يلزمه قضاء الأيام التي أفطرها في حال شفائه من مرضه، إما إن كان مرضه لا يُرجى برؤه ولا يقدر على الصيام فإنّ عليه أنّ يدفع فدية الصيام عن كل يوم أفطر به؛ إذ إنّ الفدية تجب على من لا يستطيع الصيام بأيّ حال من الأحوال.[١٣]


  • إذا كان سبب الأخذ برخصة الفطر في رمضان هو السفر؛ فإن عليه قضاء الأيام التي أفطرها في سفره، ولا يلزمه شيء سوى ذلك.[٨]
  • إذا كان سبب الأخذ برخصة الفطر في رمضان هو الكبر، أي كإفطار الشيخ الكبير والمرأة المسنة فإن عليهما إخراج الفدية عن كل يوم أفطراه، ولا يلزمهما القضاء.[٨]


  • إذا كان سبب الأخذ برخصة الفطر هو وجود الحمل أو الرضاع بالنسبة للنساء ففي ذلك تفصيل، فإن كان سبب إفطار الحامل أو المرض هو خشية أن يلحق بهما ضرر فإن عليهما القضاء فقط، وإن كان سبب إفطار الحامل والمرضع في رمضان هو الخوف على الجنين أو الطفل، فإن عليهما القضاء والفدية؛ لأنّ الطفل قد انتفع بالإفطار مع أمه.[٨]


كما يمكنك التعرّف على من أفطر برمضان بعذر: فماذا عليه؟ بالاطلاع على هذا المقال: كفارة الإفطار في رمضان بعذر

المراجع

  1. ^ أ ب أحمد علي طه ريان، رخصة الفطر في سفر رمضان وما يترتب عليها من الآثار، صفحة 85. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 149. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:184
  4. ^ أ ب ت محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 2897. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:195
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 47-49. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، المجموعة الفقهية الكويتية، صفحة 66. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث ج "أحكام الصيام"، دار الإفتاء، 10/3/2021. بتصرّف.
  9. سورة النساء، آية:29
  10. ابن عثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، صفحة 329. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6126، حديث صحيح.
  12. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 324. بتصرّف.
  13. سعيد بن وهف القحطاني، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 119. بتصرّف.
4840 مشاهدة
للأعلى للسفل
×