رسالة إلى صديقتي في المدرسة

كتابة:
رسالة إلى صديقتي في المدرسة

رسالة إلى صديقتي في المدرسة

صديقتي الغالية:

أكتبُ إليكِ رسالتي هذه لأستذكرَ معك أجملَ سنين العمر التي قَضَيناها معًا في صفوفِ مدرستنا الجميلة، يا من كنتِ تشاركينَني كل لحظاتي الطفوليّة البريئة ونحن ننهل العلم في مراحلنا الدراسية المختلفة، فمنذ أن التقينا أوّل مرةٍ في صفوف المرحلة الابتدائية، ونحن معًا نتشارك في أوقات الدّرس والامتحانات والرحلات، حتى أنّنا كنا نتشاركُ لحظات المشاكسة مع زميلاتنا وصديقاتنا الأخريات، لنصنع في مخزون ذاكرتنا أجمل ما يُمكن للإنسان أن يتذكره في عمره، فالمدرسة كانت بيتنا الثاني الذي نخطو خطواتنا إليه بكلّ الحب والمرح والتفاؤل.

صديقتي الجميلة: كلّما جلستُ لأتذكّرَ أيامَنا معًا عندَما كنّا ننتظر قدوم بداية العام الدراسي بكلّ شغف، تكادُ عيوني تمتلئُ بالدموع من فرط شوقي لتلك الأيام؛ لأنّها كانتْ بحقّ أجمل أيّام العمر، فقد تعرّفت فيها عليكِ وعلى نخبة من أروع الصديقات اللواتي سيبقينَ في الذاكرة إلى آخرِ العمر، كما لن أنسى أبدًا كيف كنّا مثالًا يُحتذى لكلّ طالبات المدرسة، خصوصًا عندما كنّا نقرأ كلماتِنا الطفوليّة على الإذاعة الصباحيّة، وعندما كنا ننتظم في طابور الصباح ونحن نمسح عن وجوهنا النعاس ونملأها بالأمل، كما لن أنسى كيف كان الخوف والقلق يُساورنا قبل كل امتحانٍ واختبار، وكيف كنّا نخاف معلماتنا بسذاجة طفولية، خصوصًا إن تقاعسنا عن أداء الواجب.

كانت الطريق المؤدّية غلى المدرسة أجمل الطرق واطولها رغم قصرها، وكانت أيادينا تتشابك معًا ونحن نتوجه إلى مدرستنا بعيونٍ يملأها شغف الطفولة والحياة، ولا انسى كيف أننا كنا نُخبئ وجوهنا خجلًا غن رأينا إحدى معلماتنا في الشارع، كما لن أنسى كيف أننا كنّا نُسابق الوقت لنصل إلى مدرستنا كي لا يطالنا عقاب المتأخرات من الطالبات، فقد كانت تلك الأيام أيامًا مليئة بالطاقة والحبّ والحياة، ويكفي أن أحلامنا فيها كانت أحلامًا طازجة، ليس فيها أي تصنع أو مراءاة، كما كانت أحلامًا شهية تجلس أمامنا كلّ ليلة لتأخذنا إلى البعيد.

صديقتي الغالية: ستظلّ أيام دراستنا معًا هي أروع الأيام، وإن سألوني عن أمنياتي يومًا فإنني أتمنى لو استطعنا إعادة يومٍ واحد من تلك الأيام الخصبة الغنية بكلّ أسباب الفرح، لكنّها حكمة الله التي تمشي على الأزمنة والأماكن، وكيف أن كلّ لحظة من لحظات حياتنا ما هي إلّا مشروع لذكرى في المستقبل، ويكفي أن المدرسة أهدتني أجمل وأقرب صديقة لأتذكّرَ معها كلّ ذكريات المدرسة والمعلمات والصديقات والزميلات، ولو كانَ لساحاتِ المدرسة صوتٌ لنطقت بعدد خطواتِنا فيها.


رسالة تصف صديقتي في المدرسة

صديقتي الحبيبة

رفيقة أيَّامي وذكرياتي، وشريكتي في المقعد الخشبيِّ، والتَّفاصيل الجميلة أنت، واللَّحظات الدَّافئة عشتها معك، يا من شاركتِني ضحكاتي وكفكفت دمعاتي وهوَّنت عليَّ الهموم، معك أشعر أنِّي مع ذاتي فأنتِ بعضٌ منها، وحين أنظر إليكِ أحسُّ أنَّنا روحٌ في جسدين، فكلماتنا متشابهةٌ وضحكاتنا واحدةٌ وأفكارنا واحدةٌ، وكم من مرَّةٍ سبقتنِي إلى كلمةٍ أردتُ قولها وكم من مرَّةٍ شعرتُ بهمٍّ لم تقوليه حتى، وكم من سقطةٍ سقطتها فأعنتني في القيام، وكم من مأزقٍ تعاوننا على تجاوزه معًا؟


لحظاتي جميلةٌ معك، بابتسامتِكِ الوديعة وقلبِك الطَّيِّب ووفائك الكبير لي، ومَن لي سواكِ أبثُّ له همِّي وأأمّنه على سرِّي، يا بئر أسراري ومأواي في الشَّدائد، وحين تضيق الدُّنيا في عيني فلست أذكر من البشر غيرك، ولا يحسن التَّخفيف عنِّي سواك، بوجهك الوضَّاء أستعيد أيَّامنا معًا، فيزيد حبِّي لكِ يومًا بعد يومٍ، فإنِّي لا أستبدل بكِ أحدًا من البشر، ولا يغنيني عن صحبتنا صديقٌ، ولا يؤنسني رفيقٌ، فلستِ مجرَّد صديقةٍ فقط، بل إنَّك أختي الَّتي لم تلدها أمِّي، فليست روابط الدَّم بأعزَّ من صداقةٍ تُبنى على المواقف الجميلة والذِّكريات الدَّافئة، وقد كنت خير سندٍ لي في الشَّدائد وخير داعمٍ في لحظات الضّعف، وهذه روابط تجمعنا أكثر من أيِّ أختين في الدَّم.


تعلمين كم أحبُّكِ، فقلوبنا على صلةٍ دائمةٍ ببعضها البعض، فلا تشعر إحدانا بشيءٍ إلَّا وتلمس الأخرى شعورها، تعلمين كم أتمنَّى لكِ السَّعادة، وأن أرى وجهكِ الجميل سعيدًا وأرى قوامك الممشوق راقصًا من الفرح، فإنَّ سرورك هو سروري ولا يكتمل هنائي إلَّا بمشاركتك ومباركتكِ لهذا الهناء، فقد اعتدنا على أن نكون يدًا واحدةً منذ أن جمعتنا المدرسة، تعاوننا على النَّجاح وتقاسمنا شطائر الجبن، وتبادلنا الأقلام، وركضنا ولعبنا، ورسمنا أحلامنا معًا، فصارت حياتانا حياةً واحدةً نتقاسمها معًا. فكم أنا محظوظةٌ بكِ، وإنَّ أجمل هديَّة أعطتني إيَّاها المدرسة هي صداقتنا، وأغلى نعمةٍ رزقني إيَّاها الله هي صحبتنا الصَّالحة الَّتي تدفعني دائمًا لأكون أفضل.


أسأل الله لروحك الرَّاحة، ولقلبك السَّعادة، ولصحبتنا الدَّوام، وأرجو أن يباركَ لنا في هذه الصُّحبة ويجعلها نافعةً، وأن يديم اللِّقاء بيننا فلا يطالنا فراقٌ، حتى نبقى سندًا لبعضنا وعونًا على الأيَّام ونُكمل طريقنا نحو النَّجاح، ونبلغ المجد معًا، وإنِّي يا صديقتي أفخر بنجاحكِ كما لو كان نجاحي، وأُباهي بكِ أمام النَّاس كما أباهي بنفسي، وأتمنّى أن أراكِ في أحسن حالٍ ما دمتُ حيَّةً، وإنَّك لو طلبتِ الرُّوح لهانت لكِ، ولو كان لي أن أفديكِ بنفسي لفديتُك، فإنَّ الوفاء لا يردُّ إلَّا بالوفاء، ولقد لمستُ من دعمكِ ومحبَّتكِ ما فاضَ به قلبي، وأغناني عن أيِّ صديقٍ، فإنْ لم يكن لي في الحياة صديقةً سواكِ فقد اغتنيتُ بكِ عمَّن سواكِ.



لقراءة المزيد من الكلمات، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أجمل كلام لصديقتي المقربة.

4326 مشاهدة
للأعلى للسفل
×