رهاب النخاريب هل هو حقيقي؟

كتابة:
رهاب النخاريب هل هو حقيقي؟

هل تُعاني من الرهاب؟

لعل أوّل ما جال بخاطرك عند قراءة كلمة الرهاب؛ هو صديق تعرفه يخاف من القطط، أو آخر يرتعب من مُشاهدة الدم، أو رؤية عمليّة سحب عيّنة من الدم أمامه، وليس الأمر نادرًا في الحقيقة، إذ أنّ 10% من مجموع الأفراد حول العالم يُعانون من رُهاب أمرٍ مُحدّد، حتّى أنّه صُنّف الاضطراب النفسيّ الأكثر شيوعًا وانتشارًا بين الناس، ويُعرَف الرهاب (Phobia) بأنّه الشعور بالقلق الكبير والخوف الشديد من التواجد في ظرف أو حالة مُعيّنة، أو بتواجد غرضِ مُعيّن أو شيءٍ ما، لدرجة تدفع الفرد للابتعاد عمّا سبّب الخوف له وتجنّبه قدر الإمكان، مع بعض التأثير الذي لا يُمكن إنكاره على حياته المهنيّة والاجتماعيّة، وفق نوع الرهاب الذي يُعاني منه، فماذا عن رُهاب النخاريب؟[١]


رهاب النخاريب

استُخدم مُصطلح رُهاب النخاريب للمرّة الأولى عام 2005، ومُنذ ذلك الحين لم يجد الأطباء والاستشارييون فعلًا ما إذا كانت هذه الحالة مرضًا بحدّ ذاتها أم تأثرًا بمُشكلة من نوع ما، وعلى الرغم من أنّ الدليل التشخيصيّ والاحصائيّ للاضطرابات النفسيّة (DSM-5) لم يشمله من ضمن أنواع الرهاب المُحدّدة، إلا أنّ ذلك لا يعني عدم وجوده ومُعاناة المُصابين منه، ويُعرف رُهاب النخاريب (Trypophobia) بأنّه الخوف الشديد المُرتبط برؤية الثقوب أو الحُفر، أو الأنماط المُتكرّرة الموجودة على شكل مُتراصّ شديد الترتيب؛ كرؤية صورة مُقرّبة لمسامات وجه أحدهم، أو النظر إلى غطاء سرير مليء بالدوائر.

وتجدر الإشارة إلى أنّ مُصادفة أيٍّ من مُحفزّات هذا الرهاب تتسبّب الشعور بالقلق وعدم الراحة، أو حتّى الشعور بالغثيان، بالإضافة إلى زيادة التعرّق، والحكّة في الجسم، وقد ينجم عنها في بعض الأحيان الإصابة بنوبات الهلع، لذا فالأمر أكثر من مُجرّد عدم تفضيل لهذه الأشكال، وهو في الحقيقة يتطلّب الانتباه من المُصاب ومن حوله.[٢]


ما هي أعراض رهاب النخاريب؟

تظهر الأعراض المُصاحبة لإصابة أحدهم برُهاب النخاريب وقت مُشاهدته للثقوب، أو الأشكال النمطيّة المُرتّبة بطريقة النقاط المُتراصّة، وتتضمّن العلامات والأعراض الآتية:[٣]

  • الشعور بعدم الراحة.
  • رجفة أو رعشة في الجسم.
  • الشعور بالغثيان.
  • التعرّق.
  • الإصابة بالقشعريرة.
  • الشعور بالنَمَلان، وكأنّ هناك حشرات صغيرة تمشي على الجلد.
  • الشّعور بالإنزعاج البصري، فيشعر المُصاب كأنّ هناك ضغط على العين أو تشويش، وكأنه يُبصر هلوسات.
  • الإصابة بنوبات الهلع.


ما هي أسباب رهاب النخاريب؟

في الحقيقة لم تُحدّد أسباب واضحة لإصابة البعض برهُاب النخاريب، وإنّما توجد مجموعة من الفرضيات والتوقّعات حيال ذلك، والتي تتضمّن كُلًا ممّا يأتي:[٤]

  • أن يكون رُهاب النخاريب نابعًا من القلق الاجتماعيّ عند المُصاب، مما يجعله يرى النقاط أو الأنماط كالوجوه أو العيون المُتحملقة حوله والتي تنظر إليه، وهو ما يدفعه للهلع والخوف الشديد بطبيعة خوفه من العلاقات والروابط الاجتماعيّة في الأساس.
  • ارتباط رُهاب النخاريب بردود فعل الجسم الدفاعيّة المُختلفة، التي تحدث عند مواجهته لبعض المخاطر ومصادر الأذى المُشابهة لهذه الأنماط والثقوب؛ كالضفادع السّامة، والأسماك المنتفخة (Puffer fish)، أو ما يظهر على الجلد كردّ فعل للإصابة ببعض الأمراض؛ مثلما يحدث عند الإصابة بالحصبة أو الجدريّ.
  • الخوف من تدرّج الظلال في الصور التي تحتوي على الثقوب أو الأنماط المُتراصّة، إذ يُعتقد بأنّ مثل هذه الصور تبعث طاقة بصريّة ذات تفاعل غير مُريح لدى البعض.

وبالإضافة لما سبق؛ وُجد أنّ بعض الأفراد أكثر عُرضة للإصابة برُهاب النخاريب من غيرهم، وذلك في حال كان لديهم واحد أو أكثر من عوامل الإصابة الآتية:[٤]

  • النساء أكثر عُرضة للإصابة بهذا الاضطراب من الرجال.
  • وجود تاريخ عائليّ للإصابة برُهاب النخاريب.
  • تزامن إصابة الفرد بواحد أو أكثر من الأمراض والاضطرابات النفسيّة الآتية:
    • القلق الاجتماعيّ.
    • الاكتئاب.
    • اضطراب ثُنائي القطب.
    • اضطراب القلق العام.
    • اضطراب الوسواس القهريّ.
    • اضطراب الهلع.


كيف يتم علاج رهاب النخاريب؟

لا يوجد حتّى الآن علاج مُعيّن مُخصّص لرُهاب النخاريب، وتعتمد الخيارات العلاجيّة على التعامل معه ومع أعراضه كأحد أنواع الرهاب، باللجوء إلى العلاجات البسيطة التي تعتمد على مُساعدة الفرد لنفسه، بالإضافة إلى بعض العقاقير والأدوية العامّة التي يصرفها الطبيب للبعض في بعض الأحيان، وفيا يأتي توضيح لكلٍّ منها على حدة:

العلاجات التي تعتمد على الفرد

ومثل هذه العلاجات لا تعني بالضرورة أن يُحاول الفرد مُعالجة نفسه بنفسه أو بمعزل عن الآخرين، فقد يحتاج الكثيرون لمُساعدة أفراد عائلتهم أو حتّى الأطباء النفسيين؛ حتّى يؤتي العلاج نفعه ويُقلّل من تأثير رُهاب النخاريب على حياة المُصاب، ويكون ذلك بتجربة بعض الاستراتيجيات، التي تتضمّن الآتي:[٥]

  • العلاج السلوكيّ المعرفيّ (CBT)، الذي يكون بمُساعدة المُعالِج النفسيّ أو الطبيب النفسيّ، ويهدف إلى تحديد الأفكار والمواقف التي تتسبّب بشعور الفرد بالضيق، والتعامل معها لتقليل تأثيرها عليه، ومُساعدته في مُمارسة حياته الطبيعيّة قدر الإمكان.
  • تقنيات الاسترخاء، التي تعتمد على أداء بعض التمارين، أو باتّباع العلاجات والطرق المرئيّة التي تُساعد مُشاهدتها على الاسترخاء وتقليل التوتّر والقلق.
  • الانضمام لمجموعات علاج الذات، التي تضمّ أفرادًا آخرين، يُساعدون بعضهم البعض في تخطّي ما يجدونه من عوائق نتيجة رُهاب النخاريب.
  • العلاج بالتعرّض (Exposure therapy)، وهو من أساليب العلاج المُتّبعة في التعامل مع بعض المشاكل النفسيّة، ويقتضي بتعريض الفرد لما يخاف منه أو ما يُسبّب الرّهاب له، ولكن بالتدريج وتحت إشراف ومُتابعة الطبيب.
  • تعديلات على نمط الحياة، ويتضمّن ذلك مُمارسة التمارين الرياضيّة بانتظام، وتناول الأطعمة الصحيّة، والنوم لعدد ساعات كافٍ، مع تقليل تناول المشروبات المُنبّهة والتي تحتوي على الكافيين.

العلاجات الدوائيّة

التي تتضمّن بعض الأدوية والعقاقير الموصوفة من قبل الطبيب؛ لعلاج بعض حالات رُهاب النخاريب أو السيطرة على أعراضه لدى أفراد مُعيّنين، ويُذكر من هذه العلاجات ما يأتي:[٥]

  • حاصرات قنوات البيتا.
  • مُضادات الاكتئاب.
  • المُهدّئات العصبيّة.


أمثلة على النخاريب المسببة للرهاب

أما بالنسبة للأشكال أو الأشياء والأنماط التي تُعدّ من مُحفّزات رُهاب النخاريب؛ فيُذكر منها ما يأتي:[٣]

  • الفقاقيع.
  • الفراولة.
  • الحيوانات والحشرات المُختلفة التي لها جلد أو فرو مُنقّط.
  • الرّمان.
  • خليّة النحل.
  • الرسوم التي تحوي عيونًا مُتجمّعة مع بعضها البعض.
  • براعم بذور اللوتس.
  • رغوة الألمنيوم المعدنيّة.
  • المرجان.
  • تكاثف قطرات الماء على الأسطح الباردة.
  • الشمّام أو الكنتالوب.


المراجع

  1. Albert Wabnegger, Daniela Schwab, Anne Schienle (2019-07-19), "The hole story: an event-related potential study with trypophobic stimuli", link.springer.com, Retrieved 2020-08-07. Edited.
  2. Kendra Cherry (2020-03-12), "Trypophobia or the Fear of Holes", www.verywellmind.com, Retrieved 2020-08-07. Edited.
  3. ^ أ ب Annamarya Scaccia (2017-07-20), "Everything You Should Know About Trypophobia", www.healthline.com, Retrieved 2020-08-07. Edited.
  4. ^ أ ب Jennifer Casarella (2020-06-22), "Trypophobia", www.webmd.com, Retrieved 2020-08-07. Edited.
  5. ^ أ ب Lori Smith (2018-01-04), "Is trypophobia real?", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2020-08-07. Edited.
4318 مشاهدة
للأعلى للسفل
×