زواج النبي من عائشة

كتابة:
زواج النبي من عائشة

رؤيا النبي بزواجه من السيدة عائشة

إنَّ رُؤيَا الأنبياء حقٌّ، وقد رأى النَّبيُّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- السيِّدة عائشة -رضيَ الله عنها- في منامِه، حيث ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (أُرِيتُكِ قَبْلَ أنْ أتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُ المَلَكَ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ، فَقُلتُ له: اكْشِفْ، فَكَشَفَ فإذا هي أنْتِ، فَقُلتُ: إنْ يَكُنْ هذا مِن عِندِ اللَّهِ يُمْضِهِ، ثُمَّ أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ، فَقُلتُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ، فإذا هي أنْتِ، فَقُلتُ: إنْ يَكُ هذا مِن عِندِ اللَّهِ يُمْضِهِ).[١][٢]


وتكرَّرت الرُّؤيا مرَّتين، فرأى -عليه الصلاة والسّلام- في المنامِ رجلاً يسوقُ له السيِّدةُ عائشةُ -رضيَ الله عنها- في قطعةٍ من حريرٍ، ويخبرُه أنَّها امرأتُه، وأمره بأن يكشفَها، فعلِمَ أنَّه وحيٌ ربانيٌّ،[٣] وكان ذلك الرّجلُ هو سيدُنا جبريل -عليه السّلام-، وجاءَه مرّتينِ بصورةِ السيِّدةِ عائشة -رضيَ الله عنها- في قطعةٍ من الحريرِ لونها أخضر، وأخبره أنَّها زوجتُه في الدُّنيا والآخرة.[٤]


زواج النبي من عائشة

تَزوَّجَ النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالسيِّدة عائشة -رضيَ الله عنها-، وكان عمرها تسع سنوات، وعقدَ عليها وعُمرها ستُّ سنوات في مكّةِ المكرّمةِ، وذهبت مع أهلها إلى المدينةِ المنوّرة، ونزلوا عندَ بني حرب من الخزرجِ، وكانت تلعبُ على الأرجوحةِ، فأتتها أمّ رومان وأخذتها ومسحت وجهها وشعرها بالماءِ عن آثارِ اللّعب، وكُان في المنزلِ نساءٌ من الأنصارِ، فسلَّمَتهَا إليهنَّ، وكان عندها حينئذٍ تسع سنوات.[٥]


وكان ذلك بعد وفاة السيِّدة خديجة -رضيَ الله عنها-، فحزن النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- عليها حُزناً شديداً، فجاءت خولة بنت حكيم -رضيَ الله عنها- وخيَّرت النبيّ -عليه السّلام بالزّواج من امرأةٍ بكرٍ أم ثيّبٍ، وأخبرته أنَّ الثيّب هي سودة بنت زمعة -رضيّ الله عنها-، والبِكر هي السيِّدة عائشة -رضيَ الله عنها-.[٦]


وذهبت خولة -رضيَ الله عنها- إلى بيتِ أبي بكر -رضيَ الله عنه- بعدَ أن عَرضَت ذلك على رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لتخطب السيِّدة عائشة -رضيَ الله عنها- له، فأخبرهَا أبو بكر -رضيَ الله عنه- أنَّ النبيّ -عليه السّلام- أخوه، فكيفَ يتزوجّها؟ فقد كانوا في الجاهلية قبل الإسلام لا يَتزوّجون بنات أخيهم بالتآخي؛ أيّ بالمؤاخاة، فأخبره الرّسول -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أخوه في الإسلامِ، وذلك يختلف عن الأخوة في الدّم، فلذلك يجوز للنبيّ -عليه السّلام- التزوّج بها.[٧]


حكمة زواج النبي من عائشة

كان لزواجُ النَّبيُّ محمَّد -صلّى الله عليه وسلّم- من نسائهِ حكم ربانيةٍ عديدة، ولزواجهُ بالسيِّدةِ عائشةَ -رضيَ الله عنها- حكم كذلك منها: القضاءُ على عادةِ التآخي، وهي عادةٌ جاهليّة تعني أنَّه إذا تآخى رجلين ليس بينهم صِلة الدَّم يُصبحان إخوة على الحقيقة، وبزواج النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من السيِّدة عائشة -رضيَ الله عنها- قضى هذه العادة الجاهليةِ.[٨][٩]


وكانت السيِّدةُ عائشة -رضيَ الله عنها- تمتازُ بذكائِها وقوَّةِ حِفظِها وصفاءَِ ذهنها، لذلك فهي أكثر أُمَّهات المؤمنين روايةً للحديثِ الشّريف، حيث روَت ألفين ومئتين وعشرة أحاديث،[٢] وقد صحّ عن أبى موسى الأشعري -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماًَ).[١٠][٨]


وأمَّا بالنّسبةِ لأبي بكرٍ فكانت أعظم رغبةٍ في نفسِه أن يكونَ النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- صهرَه، وقد تحقَّقت رغبتهُ، فزادَ ذلك من قوَّةِ الرابطةِ بينهما، وتوطَّدت صداقتُهما وأُخوَّتهما،[١١] ولا تكون العلاقةُ قويَّةُ والرابطةُ متينةٌ بين النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأبو بكر -رضيَ الله عنه- كما تكون بالمصاهرة.[١٢]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أمّ المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 7012، صحيح.
  2. ^ أ ب أكرم العمري (1415هـ)، كتاب السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (الطبعة السادسة)، المدينة المنورة-السعودية: مكتبة العلوم والحكم، صفحة 649، جزء 2. بتصرّف.
  3. محمد الصوياني (1424هـ)، كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (الطبعة الأولى)، جدة-السعودية: مكتبة العبيكان، صفحة 221، جزء 1. بتصرّف.
  4. شحاتة صقر، كتاب أمنا عائشة، الإسكندرية -مصر: دار الخلفاء الراشدين، صفحة 19، جزء 1. بتصرّف.
  5. أحمد أحمد غلوش (1424هـ)، كتاب السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي (الطبعةالأولى)، بيروت: دار الرسالة، صفحة 374. بتصرّف.
  6. سليمان الندوي (1424هـ)، كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها (الطبعة الأولى)، دمشق-سوريا: دار القلم، صفحة 44-45. بتصرّف.
  7. محمد الصوياني (1424هـ)، كتاب السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة (الطبعة الأولى)، جدة-السعوديه: العبيكان، صفحة 222، جزء 1. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ملك غلام مرتضى، كتاب تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، المدينة المنورة: مجلة الجامعة الإسلامية، صفحة 155-157، جزء 59. بتصرّف.
  9. سليمان الندوي(1424هـ)، سيرة السيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-(الطبعة الأولى)، دمشق: دار القلم، صفحة 54-55. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 3883، صحيح.
  11. محمد الطيب النجار، كتاب القول المبين في سيرة سيد المرسلين، بيروت: دار الندوة، صفحة 405. بتصرّف.
  12. محمد أبو زهرة (1425هـ)، كتاب خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، القاهره- مصر: دار الفكر العربي ، صفحة 1097، جزء 3. بتصرّف.
5097 مشاهدة
للأعلى للسفل
×