زوجي لا يصلي إليك أهم الطرق لإقناعه بالالتزام بالصلاة

أهمية الصلاة

إنّ للصلاة أهمية كبرى في الدين الإسلامي فهي عمود الدين، والركن الثاني في أركان الإسلام، وفيها تتجلى العبودية في أعظم مظاهرها، فعندما يضع العبد رأسه على الأرض ليسجد لله سبحانه يكون في أشرف مقام وأفضل مرتبة، فالعبودية لله هي رفعة والسجود ووضع أشرف الأعضاء على الأرض لا يجوز إلّا لله تعالى، فهو وحده المستحق للعبادة، وقد قال رسول الله في فضل السجود: "أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ"،^[١] كما أنّ الصلاة هي وسيلة عظيمة لاستقامة الإنسان وصلاحه وقد أخبر سبحانه بأنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر،^[٢] وهي تُنظّم حياة الإنسان حيث إنّه يؤديها في كلّ أوقاته وفي جميع أيامه ولا تسقط بحال من الأحوال إلّا عند غياب العقل، ولكل صلاة وقت مخصّص لأدائها ولو حافظ المسلمون على هذا التنظيم على الصعيدين الفردي والجمعي لارتقوا بأنفسهم وازدهرت مجتمعاتهم، ولكن للأسف الكثير من المسلمين اليوم غير ملتزم بصلاته، وسيّبيّن هذا المقال أهم الطرق لإقناع الزوج للالتزام بالصلاة.^[٣]

أهم الطرق لإقناع الزوج بالالتزام بالصلاة

تواجه الكثير من النساء اليوم مشكلة خطيرة تهدّد استقرار بيتها وتجعلها في حيرة وقلق دائم، وهذه المشكلة هي عدم التزام الزوج بالصلاة أو عدم انتظامه بها والبعض يُصلي فقط في شهر رمضان وآخرون لا يصلّون أبدًا، وقد تكون المرأة قد تزوّجته وهي تظن أنّه يُصلّي ثمّ اتضح لها بعد مدّة من الزواج أنّه لا يُصلي إلّا نادرًا وكثيرة هي الأوقات التي يُفوّتها والصلوات التي يُضيّعها، في حين أنّ بعض النساء قد تتزوّج ولا تكون قضية الصلاة من القضايا المهمّة لديها ولا يكون من شروطها أن يكون زوجها محافظًا على صلاته، ثمّ يهديها الله تعالى وتعرف أهمية الصلاة وتُدرك عظيم الخطر في قلّة التزام الزوج بالصلاة، فتلجأ إلى جميع الطُرق التي تجعل زوجها ملتزمًا بصلاته محافظًا عليها، وتسأل أهل العلم والفتيا عن ذلك، خصوصًا وأنّ بعض النساء لا يُفضّلن الانفصال عن أزواجهن بسبب وجود الأبناء، أو لأنّها لا تملك مأوًى ومنزل تأوي إليه حال انفصالها، وقد تكون علاقتها بزوجها جيدة لولا وجود هذه الآفة العظيمة وهي ترك الصلاة.^[٤]

القدوة الحسنة

ومن النصائح التي يحسن اتباعها لمساعدة الزوج على الالتزام بالصلاة، أن تجعل المرأة من نفسها قدوةً لزوجها في المحافظة على الصلوات الخمس والمواظبة على السنن والنوافل بأكمل الهيئات وأتم الخشوع، ولا بدّ للمرأة أن تُحسن معاملة زوجها وتسعى لأن تكون بمنظر حسن على الدوام، وأن تُحسن ترتيب بيتها وتهتم بجميع التفاصيل التي تزيد من إصغاء الرجل لزوجته وجعله يستمع لكلامها ويُفكّر في نصائحها بشكل جاد، ولهذا أثر كبير في تحسين شخصية الزوج وتغيير طباعه جميعها ومن أهم هذه الطباع ما يتعلّق بالجانب الديني كعادة التقطيع في الصلاة، حيث إنّ الله تعالى قد خلق المرأة وأعطاها صفات اللين والرقّة أمّا الرجل فطبعه قاس وخشن ولكنّه يتأثر بلين المرأة ورقّتها ولطفها.^[٤]

الأسلوب الحسن

أمّا عن أسلوب الدعوة والتذكير فمن الأفضل أن يكون أسلوبًا هادئًا وبعباراتٍ منتقاة تُبيّن أهمية الصلاة وأنّها عمود الدين وأن تذكره بعقوبة تركها، والتذكير بأنّ الموت أقرب للإنسان من حبل الوريد، وقد يموت الإنسان وهو لم ينتظم بصلاته فماذا سيقول لله تعالى عندما يسأله عن عدم صلاته وكيف سينجي نفسه من عقابه، ولا بدّ للمرأة من أن تمدح زوجها وتُظهر له الفرح والحبور عندما ترى منه تحسنًّا وتطورًا في شأن الصلاة وإن لم يكن التزامه تامًّا بعد، مع ضرورة إضفاء جو من السعادة والسرور على البيت فكلّما كان الزوج سعيدًا مع زوجته وكلّما كان مرتاحًا في حياته معها فإنّ قبوله لحديثها سيكون أكبر.^[٤]

الدعاء

ومع هذا كلّه فيجب على المرأة أن تدعو الله باستمرار أن يهدي زوجها وتتحرّى أوقات الاستجابة وتدعو له أثناء السجود بالصلاح والاستقامة، مع الإلحاح بالدعاء وعدم الضجر من كثرته أو اليأس من الإجابة، وذلك لأنّ الله تعالى قادر على هداية الإنسان مهما بلغ من المعصية وارتكب من الذنوب والخطايا، كما أنّه يجدر بها أن لا تفقد الأمل بزوجها وأن تعمل على تيسير أسباب الصلاة والتذكير بأسلوب لطيف حتى يؤدّي الزوج الصلاة ومن ثمّ يعتاد عليها بحول الله وقدرته، كما أنّ لتواصل المرأة مع محارمها المحافظين على الصلاة والذين بينهم وبين زوجها مودّة وعلاقة متبادلة من الاحترام والحب، والطلب منهم بأن يتحدّثوا مع زوجها عن طريق زيارتهم له بشكل فردي ودعوته إلى الصلاة وتبيين خطر تركها وعدم المحافظة عليها، وإذا تمكنوا من اصطحابه معهم إلى المسجد فإنّ ذلك سيكون حسنٌ جدًا ولعلّ الله يقذف الإيمان في قلبه.^[٤]

الصحبة الصالحة

ويمكن للمرأة أن تتواصل مع صديقاتها الملتزمات ومن تعرف التزام أزواجهن وامتلاكهم أسلوب دعوي جيد، وتطلب منهنّ زيارتهم وأن يجلس أزواجهن معه ويقوموا بنصحه وإرشاده بأسلوبٍ حسن بعيد عن التعالي والتنفير، وإذا قام الرجل بمصاحبة الصالحين وأهل التقوى فإنّ هذا سيكون عظيم الأثر في نفسه وفي تقويم طباعه، وفي الأثر أنّ الإنسان على دين خليله، كما أنّ قراءة القرآن وسماعه والإكثار من ذكر الله يبعث في البيت الطمأنينة وفي النفوس السلام، حيث قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}،^[٥] وفي لزوم الاستغفار تفريج للكروب حيث أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ همٍّ فرجًا ومن كلّ ضيقٍ مخرجًا.^[٤]

التذكير بفضل الصلاة

ومن الوسائل النافعة في دعوة تارك الصلاة بشكل عام، تذكيره بفرضية الصلاة وأنّها أعظم ركن بعد الشهادتين، وتذكيره بفضائلها الجمّة فهي خير ما فرضه الله تعالى على عباده، وأفضل ما يتقّرب به العبد إلى ربّه، كما أنّها أوّل ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، والصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر، وفي السجود رفع للدرجات وتكفير للخطايا، فهذا من شأنه أن يُحبّب الصلاة إلى نفس الإنسان، ولعلّ الله أن يجعلها قرةً لعينه، كما كانت قرة عين للرسول الكريم، وإخباره بعقوبة تارك الصلاة فقد توعّد الله تعالى لتاركها بالعذاب الشديد، كما أنّ في تأخيرها كبيرة من الكبائر، حيث قال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}،^[٦] والغي هو وادي في جهنّم كما فسّره بذلك ابن مسعود رضي الله عنه.^[٧]

مراعاة حال المدعو

ولا بدّ من مراعاة حال المدعوّين فكل إنسان تنفع معه طريقة معيّنة في الوعظ والدعوة، ويجب الابتعاد عن العنف والأسلوب القاسي والتوبيخ مع صغار السن والمراهقين ودعوتهم وأمرهم بالصلاة بتدرّج ورويّة، فهذا من الحكمة التي يجب أن يتحلّى بها الآباء والمربّين والأزواج،^[٨] أمّا إذا لمس الإنسان من نفسه تقصيرًا في أمر الصلاة فممّا يعينه على الالتزام بالصلاة أن يضبط المنبه على أوقات الصلوات جميعها وأن يسعى إلى الصلاة بمجرد سماع الأذان وترك جميع الشواغل فليس هناك ما هو أهم من الصلاة، ويمكن أيضًا أن يحفظ المسلم آيات من القرآن ليُصلّي بها فيُجدّد صلاته كلّما جدّد السور التي يقرأ بها.^[٩]

حكم البقاء مع زوج تارك للصلاة

تلجأ المرأة إلى جميع الأساليب وتتبع كل النصائح وتفعل الكثير من الأمور لتجعل زوجها يلتزم ويحافظ على صلاته، وقد يستمع لها في الكثير من الأحيان ويستقيم بفضل الله وكرمه، ولكنّه قد يُصّر على موقفه ويُعاند ويرفض الصلاة وأداء هذه الفريضة العظيمة، وهنا يُطرح سؤال في غاية الأهمية، وهو: ما حكم البقاء مع زوج تارك للصلاة، وقد أجاب أهل العلم عن هذا السؤال، وقالوا بأنّ تارك الصلاة عمدًا كافر ومن الأدلّة على كفره قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ."،^[١٠] والكثير من الأحاديث والأدلّة الأخرى التي تُبيّن خطورة ترك الصلاة، وفصّل البعض فيمن ترك الصلاة كسلًا ومن تركها جحودًا، وقالوا بأنّ الأول كفر ولكنّه ليس كفرًا أكبر، أمّا الثاني فهو كفر أكبر بإجماع أهل العلم.^[١١]

وبناءً على حكم ترك الصلاة فقد قال العلماء بحرمة بقاء المرأة مع زوج لا يُصلّي، فالواجب عليها أن تسعى لوعظه ونصحه بالعودة إلى الصلاة، وباستخدامها لكافة الأساليب، ثم إن لم يستجب مطلقًا، فيجب أن تمنع نفسها عنه، فإن لم يستجب فترفع أمرها لولي الأمر، وتجب مفارقته واعتزاله وأن تبغضه لله، وأن تذهب إلى المحكمة وتُطالب ولاة الأمر بالتفريق بينهما لأنّه ارتكب إثمًا عظيمًا وهو كفر أكبر عند كثير من أهل العلم، فإن كان أمر تركه للصلاة ظاهرًا فتقام البيّنة على ذلك ثمّ يُستتاب حتى يعود إلى دينه فإن لم يتب ويقوم بالصلاة فإنّ المحكمة تُفرّق بينهما.^[١١]

المراجع

1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:482، حديث صحيح.
2. ↑ "أهمية الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.
3. ↑ " الصلاة وحياة المسلم"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.
4. ^ ^{أ ب ت ث ج} "كيف أتعامل مع زوجي الذي لا يصلي ولا أرغب بالطلاق فماذا أفعل؟"، islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.
5. ↑ سورة الرعد، آية:28
6. ↑ سورة مريم، آية:59
7. ↑ "الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة والتعامل مع المبتدع"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.
8. ↑ "كيف أحبب الصلاة والعبادة إلى أخي؟ "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.
9. ↑ "تسعة أسرار للحفاظ على الصلاة"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.
10. ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:82، حديث صحيح.
11. ^ ^{أ ب} "حكم البقاء مع زوج لا يصلي"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-02. بتصرّف.