محتويات
سبب نزول آية (وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم)
هذه الآية تدل على الصفات والأخلاق العظيمة؛ التي كان يتحلّى بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووصفت أخلاق الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالعظيمة، وكان خُلقه القرآن، ووصف أنّه قرآن يمشي على الأرض.[١]
وفي ذلك حديث عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كان -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لا يدعوه أحدٌ من أصحابِه، ولا من غيرِهم إلَّا قال لبَّيْك)،[٢] ولم يكن أحدٌ أحسن ولا أفضل أخلاقاً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فلذلك أنزل الله -سبحانه وتعالى- هذه الآية.[١]
تفسير آية (وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم)
قال -تعالى- فيوصف نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- في سورة القلم : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[٣] وتفسير الآية نلخصه بما يأتي:
- منهم من فهمها حسب قول السيدة عائشة -رضي الله عنها-؛ عندما سألوها عن صفات وأخلاق النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأجابت أن خُلقه القرآن: (سُئِلَتْ عائِشةُ عن خُلُقِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فقالَتْ: كان خُلُقُه القُرآنَ).[٤][٥]
- ومنهم من فسّرها: أي كنت على دين عظيم من الأديان؛ وأحب دين من الأديان إلى الله -سبحانه وتعالى-.[٦]
- ومنهم من قال أن الخُلق العظيم أي: أدب عظيم؛ أي أدب القرآن وهو الإسلام، وأحكامه وشرائعه وأخلاقه التي تحلّى به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[٧]
- ومنهم من قال: أي رفقة بأمته -صلى الله عليه وسلم-، ومنهم من قال أنَّ الخُلق عظيم: أي كُنت على طبع كريم، ومنهم من قال إنه كان -صلى الله عليه وسلم- يستجيب لما أمره الله -سبحانه وتعالى-، ويمتنع عما ينهاه.[٨]
أمثلة على أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-
سنذكر بعض الأمثلة على خلق النبي الكريم فيما يأتي:
- كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- معروفٌ بأخلاقه قبل النبوّة والرسالة
فلقد كانت قريش تصفه بالصادق الأمين، وأيضاً عندما نزل عليه الوحي لأول مرّة؛ قالت له السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين -رضي الله عنها- ما يؤكد صفاته وأخلاقه: (فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ).[٩][١٠]
- حُسن خُلقه مع خادمه أنس بن مالك -رضي الله عنه-
وذلك عندما خدمه عشر سنين، فلقد قال عنه أنس -رضي الله عنه- في وصف تعامله -صلى الله عليه وسلم- له: (خدَمتُ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- عَشرَ سنينَ فما قالَ لي: أفٍّ قطُّ، وما قالَ لِشيءٍ صنعتُهُ لمَ صنعتَهُ، ولا لشيءٍ ترَكْتُهُ لمَ ترَكْتَهُ؟، وكانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- مِن أحسنِ النَّاسِ خُلُقًا).[١١][١٢]
- كان النبي- صلى الله عليه وسلم- هو الذي يبدأ بالسلام
وعندما يُصافحه أحدٌ بيده لا يُزيل يده؛ حتى يُزيل الرجل يده من يد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ وعندما يتكلم معه أحدٌ لا يصرف عنه وجهه إلا عندما ينتهي من كلامه؛ فهذا دليل على خُلقه في تعامله مع الآخرين.[١٣]
- كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- رحيماً
ولقد وصفه الله -سبحانه وتعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[١٤] وصفة الرحمة هذه تميّز بها في جميع أفعاله، ولم تشمل فقط في تعامله مع الصحابة، بل كانت حتى مع العدو ومع الحيوانات.[١٥]
ومن رحمته مع الحيوانات؛ عندما رأى طائراً يُرفرف، فقال من فجع هذه بابنها: (كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ؛ فانطلقَ لحاجتِهِ، فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ فأخَذنا فرخَيها؛ فجاءت تعرِشُ، فجاءَ النَّبيُّ فقالَ: مَن فجعَ هذِهِ بولدِها؟ ردُّوا ولدَها إليها).[١٦][١٥]
- عندما طُلب منه -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو على الكفار والمشركين؛ لم يقبل الدعاء عليهم
وأوضح لهم سبب بعثته للناس، فكما ثبت في الحديث الصحيح: (قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ علَى المُشْرِكِينَ قالَ: إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وإنَّما بُعِثْتُ رَحْمَةً)،[١٧] فهذه رحمته مع أعدائه، فكيف هي إذاً مع المؤمنين.[١٨]
- كان -صلى الله عليه وسلم- يُسهّل على الناس
ويجب أن يُخفف عنهم، فقد ثبت في الحديث الصحيح، عن عائشة -رضي الله عنها-: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا).[١٩][٢٠]
المراجع
- ^ أ ب الواحدي، كتاب أسباب النزول ت زغلول، صفحة 463. بتصرّف.
- ↑ رواه العراقي، في تخريج الإحياء، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:469، فيه حسين بن علوان متهم بالكذب.
- ↑ سورة القلم، آية:4
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:25813، صحيح.
- ↑ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم، صفحة 50. بتصرّف.
- ↑ القرطبي، شمس الدين، كتاب تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، صفحة 227. بتصرّف.
- ↑ الطبري، أبو جعفر، كتاب تفسير الطبري جامع البيان ط هجر، صفحة 149. بتصرّف.
- ↑ محمد إسماعيل المقدم، كتاب تفسير القرآن الكريم المقدم، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6982 ، صحيح.
- ↑ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، كتاب التفسير البياني للقرآن الكريم، صفحة 51. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني ، في صحيح الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2015، صحيح.
- ↑ محمد يوسف الكاندهلوي، كتاب حياة الصحابة، صفحة 307. بتصرّف.
- ↑ محمد يوسف الكاندهلوي، كتاب حياة الصحابة، صفحة 303. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:107
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 330. بتصرّف.
- ↑ رواه النووي ، في تحقيق رياض الصالحين، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:519 ، إسناده صحيح .
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2599، صحيح.
- ^ أ ب محمد جميل زينو، كتاب مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، صفحة 333. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:3560، صحيح.
- ↑ محمد جميل زينو، كتاب مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، صفحة 334. بتصرّف.