سورة الجاثية
سورة الجاثية واحدةٌ من سور مثاني القرآن المكيّة في جميع آياتها ما عدا الآية الرابعة عشر؛ إذْ نزلت في المدينة، ويبلغُ عدد آياتها سبعًا وثلاثين آيةً، نزلت بعد سورة الدخان وقبل سورة الأحقاف، وترتيبُها من حيث النزول الرابعة والستّون، أمّا ترتيبها في المصحف العثمانيّ فالخامسة والأربعون، وتقع في الربعيْن السابع والثامن من الحزب الخمسين من الجزء الخامس والعشرين، وتُفتتح آياتها بالحروف المقطعة "حم" لتكون واحدةً من السُّور القرآنية المعروفة بالحواميم أو سُور آل حم، وموضوعها الرئيس الحديث عن يوم القيامة وما فيه من الأهوال إلى جانب المواضيع العقائدية المرتبطة بتوحيد الألوهية، وهذا المقال يسلط الضوء على سورة الجاثية.
سبب تسمية سورة الجاثية
سُمّيت هذه السورة بهذا الاسم لورود كلمة جاثية في آياتها في معرض الحديث عن يوم القيامة وما فيه من الأهوال الجِسام حتى يجثوَ الناس على رُكبهم من شدة تلك الأهوال في انتظار الحساب والجزاء، وهذا اللفظ لم يتكرّر في سورةٍ أخرى قال تعالى: "وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"[١]، كما عُرفت في كتب التفسير باسم حم الجاثية تمييزًا لها عن باقي السورة المبدوءة بالحروف المقطعة حم، كما تُسمّى سورة شريعة لورود هذا اللفظ في آياتها دون سواها من سُور القرآن الكريم قال تعالى: "ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"[٢]، وتُعرفُ أحيانًا باسم سورة الدهر لورود كلمة الدهر فيها قال تعالى: "وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ"[٣] لكن هذا الاسم قد يُسبّب الالتباس لورود كلمة الدهر أيضًا في افتتاحية سورة الإنسان قال تعالى: "هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ"[٤]. [٥][٦]
سبب نزول سورة الجاثية
ذكرَ أهل العلم في كتبِ التفسير فيما يتعلّق بأسباب نزول السُّور والآيات أنّ سورة الجاثية لم يرد في سبب نزولها شيئًا، إنّما الثابت لديهم سبب نزول آيةٍ منها وهي قولُه تعالى: "قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّـهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"[٧] فقد نزلت في عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بحسب رواية ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- حيث أخبر أنّ يهوديًّا من أهل المدينة يُدعى "فنحاص" قال: احتاج ربُّ محمدٍ حينما نزل قوله تعالى: "مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا"[٨][٩]؛ فغضب عمر غضبًا شديدًا واستلّ سيفه يرد الفتك باليهودي؛ فنزل جبريل -عليه السلام- على الرسول بهذه الآية. [١٠]
فضل سورة الجاثية
أخبر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن مكانة السُّور القرآنية التي تبدأ بالحروف المقطّعة حم؛ فقد أسماها الصحابة آل حم -آل تعني العائلة أو المجموعة- كونَها تنتمي إلى عائلةٍ واحدةٍ مكوّنةٍ من سبع سُورٍ هي على الترتيب: غافر وفصّلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية وأخيرًا الأحقاف، وقال عنها: "آل حم" ديباج القرآن، وقال أيضًا: "إذا وقعت في "آل حم" فقد وقعت في روضاتٍ أتأنق فيهن" والتأنق يعني: التدبّر والتأمل والفَهم العميق لمعاني الآيات، كما أطلق ابن عباس على سور الحواميم، ومنها سورة الجاثية لباب القرآن، فقال: "إن لكلّ شيء لبابًا ولباب القرآن "آل حم" أو قال: الحواميم".
أمّا عدا ذلك من الفضل المتعلِّق بهذه السورة فلا أصلَ له كفضلِ قراءتها قبل النوم للستر يوم القيامة والمباعدة عن النار، وقد وردت أحاديث موضوعة حولها ومنها: "مَنْ قرأ حم الجاثيةِ ستر اللهُ عورتَه" [١١]، كما أنّ الألباني في تحقيقه حول فضائل سور القرآن الكريم لم يورد فضلًا يتعلّق بقراءة سورة الجاثية أو أيًّا من آياتها. [١٢][١٣]
المراجع
- ↑ {الجاثية: الآية 28}
- ↑ {الجاثية: الآية 18}
- ↑ {الجاثية: الآية 24}
- ↑ {الإنسان: الآية 1}
- ↑ تفسير القرآن التحرير والتنوير سورة الجاثية،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-09-2018، بتصرف
- ↑ ما فسره الزركشي من سورة الجاثية،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-09-2018، بتصرف
- ↑ {الجاثية: الآية 14}
- ↑ {البقرة: الآية 245}
- ↑ {الحديد: الآية 11}
- ↑ علوم القرآن أسباب النزول سورة الجاثية،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-09-2018، بتصرف
- ↑ الراوي: أبي بن كعب، المحدث: ابن حجر العسقلاني، المصدر: الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 254، خلاصة حكم المحدث: موضوع
- ↑ تفسير القرآن تفسير ابن كثير سورة غافر،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-09-2018، بتصرف
- ↑ فضائل سور القرآن الكريم كما حققها العلامة الألباني - رحمه الله -،, "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 28-09-2018، بتصرف