سبب نزول سورة الضحى
نزلت سورة الضحى في فترةٍ تأخر فيها نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد أشاع المشركون الشائعات الكاذبة بسبب تأخر الوحي، فجاءت هذه السورة لتسكت ألسنتهم، وتُبشر النبي -صلى الله عليه وسلّم- برضا ربه عنه، فساقت جانباً من نِعم خالقه عليه، وتُرشد الأمة بالمداومة على مكارم الأخلاق.[١]
وقد جاء في الحديث: (أَبْطَأَ جِبْرِيلُ علَى رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فَقالَ المُشْرِكُونَ: قدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ)،[٢] فأنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى).[٣]
وفي هذا الحديث يخبر الصحابي جندب بن عبد الله أن جبريل -عليه السلام- الملك المُوكل بالوحي، احتُبس عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- فلم يقم ليلتين أو ثلاث، وجَزع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لذلك جزعاً شديداً، وجاءت امرأة من المشركين يُقال إنها أم جميل امرأة أبي لهب، فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، فأنزل الله -تعالى-: (وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إذَا سَجَى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلَى).[٤]
تعريف سورة الضحى
سورة الضحى من أوائل السور المكية، وعدد آياتها إحدى عشرة آيةً، وكان نُزولها بعد سورة الفجر وقبل سورة الشرح، وترتيبها بالرسم القرآني السورة الثالثة والتسعون،[١]وتناولت هذه السورة شخصية النبي الأعظم محمد -صلى الله عليه وسلّم-، وما حباه الله به من الفضل والإنعام في الدنيا والآخرة؛ ليشكر الله على نِعمه الجليلة عليه.
وبيّنت الآيات عِناية الله بنبيه الأمين في أول أمره وآخره، وابتدأت السورة الكريمة بالقَسم على جلالة قدر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وأن ربه لم يهجره، كما زعم المشركون، وأنه عند الله عظيم الشأن، وبشرّته بالعطاء الجزيل في الآخرة، وما أعدّه الله -تعالى- له من كرامات ومنها الشفاعة العظمى، وذكَّرته بما كان عليه بالصغر، من اليُتم والفقر والضياع، فآواه الله وأغناه، وأحاطه بعنايته.[٥]
وخُتمت السورة بوَصايا للرسول -صلى الله عليه وسلّم- بعدم نسيان نِعم الله عليه؛ فيعطف على اليتيم فلا يظلمه ولا يحقره، ويرحم السائل الذي يسأل عن حاجة وفقر فلا يزجره بل يعطه أو يرده ردا جميلاً، ويرشد العباد إلى طريق الرشاد.[٥]
وسُمّيت سورة الضحى باسم فاتحتها؛ حيث أقسم الله بوقت الضُحى، وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس، ولأنّها نزلت بشأن النبي -صلى الله عليه وسلّم- فافتتحت بالضحى.[٦]
مناسبة السورة لما قبلها
جاءت سورة الضحى بعد سورة الليل، وهي متصلة بها من وجهين كما يأتي:[٦]
- ختمت سورة الليل بوعد من الله -تعالى- بإرضاء الأتقى في الآخرة، في قوله -تعالى-: (وَلَسَوْفَ يَرْضَى)،[٧] وقال -تعالى- في سورة الضحى مؤكداً وعده لنبيه -صلى الله عليه وسلّم- (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى).[٨]
- ذكر -سبحانه وتعالى- في سورة الليل (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)،[٩] وأتبعها في سورة الضحى بالنّعم التي أنعمها -عز وجل- على سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.
المراجع
- ^ أ ب محمد سيد طنطاوي، التفسير الوسيط لطنطاوي، صفحة 425. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جندب بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1797، صحيح.
- ↑ سورة الضحى، آية:1-3
- ↑ أبو الحسن الواحدي، أسباب النزول ت زغلول، صفحة 482. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد علي الصابوني، صفوة التفاسير، صفحة 545-546. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 279. بتصرّف.
- ↑ سورة الليل، آية:21
- ↑ سورة الضحى، آية:5
- ↑ سورة الليل، آية:17