سمات الشعر الوجداني

كتابة:
سمات الشعر الوجداني

نشأة الشعر العربي

ظهَرَ الشعر العربي منذ بداية العصر ما قبل الإسلام، فكان لكل عصر حدوده ومبادئه وأحكامه التي تُفرض على الشعر، فتتعدد أغراض الشعر العربي تبعًا لذلك، وكان شعر الغزل العذري وغيره من الأغراض منتشرة في العصر الجاهلي، وبعد ظهور الإسلام تبدّلت تلك الأغراض بفرض الحُكم الإسلامي، فقلَّ الهجاء وكثر المديح، وانعدم الغزل الفاحش وتطوَّر الغزل العذري وظهر في سمات الشعر الوجداني، وما يميز الشعر العربي أنه التزم بالوزن والقافية في مجمل أنماطه، وفي مختلف أغراضه على مرِّ العصور، وفي بعض المحاولات المُعاصرة في العصر الحديث حَوْل أوزان الشعر وخلوها من القافية، إلا أن هذه المحاولات جعلت الشعر يسقط في مجال النثر؛ لأن أبرز ما يفرق النثر عن الشعر هو الوزن.[١]

أغراض الشعر العربي ومميزاته

في الحديث عن سمات الشعر الوجداني لا بُدّ من معرفة أن الشعر الوجداني يُعتبر من أحد أغراض الشعر العربي، تلك الأغراض الكثيرة والتي من بينها، الهجاء، والمديح، والرثاء الذي كان من أهم فنون الشعر العربي فكان شعر الرثاء ومن أشهر شعراء الرثاء الخنساء، أما عن غرض الغزل فهو يُشبه شعر الوجدان فكلاهما ينهضا من شعور الشاعر وعواطفه وحُبّه للطرف الآخر معية غزله به، واكتسب الشعر على مر العصور مميزات متعددة من بينها الوز، فالشعر إن لم يكن موزونًا لا يُسمى شعرًا، كذلك اعتمد الشعر بالتفعيلة وهي وحدة الوزن الموسيقي، ومن المميزات أيضًا سمة التدوير وهي أن يأتي في الشعر جزء من التفعيلة في آخر البيت، ويأتي جزء منها في بداية البيت التالي، وفي الالتزام بالقافية اكتسب الشعر الجرس الموسيقي العذب، والإبداع في التعبير بواسطة استعمال الصور الشعرية التي تعمق التأثير بالفكرة التي يطرحها الشاعر وتلك الميزة كانت من أهم سمات الشعر الوجداني، إضافة إلى اللجوء إلى الرمزيَّة التي يموّه بها الشاعر على مشاعره الخاصة أو ميوله المختلفة، وتحتاج الرمزية إلى دراسات خاصة لمعرفة ماذا يقصد الشاعر، ولمعرفة التحليل الصحيح للقصيدة كاملة.[٢]

مفهوم الشعر الوجداني

إنّ الشعر العربي هو كل ما كُتب ليعبر عن حالات نفسيَّة وإنسانيَّة مختلفة، فكان الشعر يُكتب باللغة العربيَّة تلك اللغة التي التزمت بأوزان وقوافي معينة ضمن دراسات مختصة عُنونت بعِلم بحور الشعر العربي، أما عن مفهوم كلمة وجدان فكانت تُستخدم غالبًا لتُعبر عن الضمير أي العواطف، فنحن نقول شخص وجداني، أي أن عواطفه وأفكاره القلبيَّة تتحكم به أكثر من أفكاره الواقعيَّة والعقليَّة، والوجدان هو الإدراك في مجمله، فيقال وجدَ فلان الضالة أي بمعنى أدركها، فكان الشعر الوجداني ينطلق من العاطفة تلك التي تتمحور حول الحُب والعطف والحزن وكلّ ما هو ضمن دائرة الشعور، واكتسب الشعر الوجداني مسمى آخر وهو الشعر الغنائي وذلك لما يربط بينهما كمية التعبير الصادقة عن العواطف الفائضة لدى الشعراء فكانت تلك العواطف هي النقطة التي تُحدد سمات الشعر الوجداني، والعاطفة هي الوجه الآخر لمعرفة سمات الشعر الوجداني، فحمل الشعر الغنائي مسمى الشعر الوجداني، فأصبح الشعراء يتغنون بالوجدان ضمن أبيات وقوافي محددة.[٣]

نشأة الشعر الوجداني

في الحديث عن سمات الأدب الوجداني لا بُدّ من الولوج إلى معرفة نشأة هذا الأدب، فارتبطت نشأة الشعر الوجداني بالموسيقى والغناء ومن هنا سُمي بالشعر الغنائي، وقد اختلف القدامى والمحدثون في تحديد الشعر الغنائي فانطلق الفريق الأول من شكله الخارجي، والفريق الثاني من المضمون، وفي نشأة الشعر الوجداني أصبح الشعراء القدامى يتغنون به فيرتبون أبيات الشعر الغنائي بطريقة تيسر لهم إنشاده، في حين يرى البعض أن التعبير عن ما في قلب الإنسان من عواطف وأحاسيس ينسج ذلك بدون إرادة قصائد غنائيَّة تنبع من صميم قلب الشاعر لتصل إلى قلب المتلقي، وبذلك فمن سمات الشعر الوجداني قدرة تأثيره بالمتلقي فيشبع فيه الشعور الداخلي والقدرات اللفظية والبلاغية.[٤]

سمات الشعر الوجداني

من أبرز ما يظهر في سمات الشعر الوجداني هي أنه ينقل العواطف على هيئة حروف مكتوبه، فظهر الشعر الوجداني تعبيرًا صادقًا عن الذاتيَّة والوجدان، وبذلك اتجه شعراء الشعر الوجداني إلى اتباع المدرسة الرومانسية، تلك المدرسة التي صبغت على الشعر الوجداني علامتها، ومن سمات الشعر الوجداني بذلك هي ظهور ذاتيَّة الشاعر وبوح إحساسه، وفرار الشاعر من الواقع ولجوءه إلى الطبيعة ومناجاتها، وتمتاز أفكار الشاعر الوجداني بالأصالة والتجديد والتحليق في عالم الفلسفة والعمق الوجداني، ومن سمات الشعر الوجداني أيضًا أن أصحابها يلجؤون إلى الخيال إلى حدٍّ بعيد فالشعر عندهم لغة العاطفة والوجدان والخيال، ويمتاز هذا الشعر بالصور الشعريَّة الممتدة وبالتعبير الغني الذي يمتاز بالإيحاء والألفاظ الحيَّة التي تنبض بالرقة والعذوبة، ومما يُلتمس في القصيدة الوجدانيَّة هي الوحدة العضويّة البارزة، حيث تسود وحدة المقطع لا وحدة البيت، فتكون وحدة الجو النفسي للقصيدة متناسقة مع مواقفها، وبذلك كان من أبرز سمات الشعر الوجداني هو القرب النفسي، ممّا جعل هذا الشعر يتفوق بالصدق والتعبير الفريد.[١]

الأدب والرؤية الوجدانية

إنّ الأدب الوجداني الغنائي هو تعبير مباشر عن مشاعر الإنسان من حب وحنين وكره وعذاب، وتمتاز سمات الشعر الوجداني في الأدب بالانفعال العاطفي وتوهّج الذات، وباب الشعر الوجداني هو باب شديد الاتساع فمعظم الشعر الرومانسي هو شعر وجداني؛ وذلك لأن عواطف النفس الإنسانيَّة تتجدد بتجدد الأيام والحياة، والشعر الغنائي الوجداني، يعني التعبير عن العواطف الخالصة في مجالاتها المختلفة، من فرح وحزن وحب وبغض، وما إلى ذلك من المشاعر الإنسانيَّة، ويُعد الشعر الوجداني من أقدم ألوان الشعر في الأدب العربي، فقد كان الشعراء القدامى يعبرون تعبيرًا خالصًا عن هذه المشاعر المُصورة لذات الشاعر ومشاعره، وكثيرًا ما يسبغ الشاعر الوجداني على موضوعه شيئًا من ذاته، وهو يعمد إلى التشخيص، فيجعل الطبيعة تشاركه آلامه وأفراحه حتى ليندمج بها أو تندمج به في كل موحد، وبذلك استند الأدب في نهوضه على الوجدان وعلى تتطور تلةك الرؤي الوجدانيَّة عبر الأدب عامة والشعر خاصة.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب "الشعر العربي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 05-11-2019. بتصرّف.
  2. "شعر (أدب)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-11-2019. بتصرّف.
  3. إبراهيم أنيس- عبد الحليم منتصر- عطية الصوالحي- محمد خلف الله أحمد (2004)، المعجم الوسيط (الطبعة الرابعة)، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية، صفحة 1013. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حسين علي الهنداوي، موسوعة المرصد الأدبي (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار هنداوي، صفحة 285. بتصرّف.
5981 مشاهدة
للأعلى للسفل
×