سمات عباد الرحمن

كتابة:
سمات عباد الرحمن

عباد الرحمن

عباد الرحمن هم قوم جمعوا محاسن الأخلاق وتخلّوا عن قبيحها، إذ اختاروا طريقهم بعيداًَ عن الضلالات الدنيوية، وأقاموا حياتهم على الشرائع الإسلامية؛ فجسّدوا الصفات التي يريد الله للناس أن يتصفوا بها، وسعوا في الأرض فيما فيه تحقيق لغاية الخلقية من عمارٍ للأرض وبحثٍ عن المطالب المادية والروحية، وعلموا أنّ الإخلاص هو باب للفتح والعطايا فأخلصوا في علاقتهم مع الله ومع الناس من حولهم، حيث أن جُلَّ من اتّصفوا بسمات عباد الرحمن كانت لديهم الجاهزية صدقاََ في القلب، وسعياََ في الجسد، وعلم الله أنّهم أهل لرحمته فخصَّهم بها.[١]

سمات عباد الرحمن

في انتساب كلمة عباد إلى الرحمن تشريفٌ يتطلّب أن يكون الإنسان لائقًا به، وعليه أتى الإسلام السمح في الكتاب والسنة بسمات تزيد من مكانة المسلم في دنياه وآخرته، سمات تتجلّى بها معالم الإنسانية ليرى الإنسان أنّه هو قصد الإسلام في كل زمان ومكان، فسمات عباد الرحمن هي سمات تجعل من قيادة المسلم لحياته قيادة آمنة مطمئنة ترقى بها أحواله إلى أحسن حال، وتجعل في المسلم جاهزية على حمل الأمانة التي كُلِّف بها منذ الأزل، وتتجوهر سمات عباد الرحمن فيما يأتي:

  • التواضع: حيث قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}،[٢] فالتواضع هو الخُلُق الذي ترقى به الأمم، ويشق به طريق الرفعة، فما تخلَّق به إنسان إلّا وزاده جمالاً وعزة، فعباد الرحمن تجمَّلت أحوالهم به، فهم في تواضع دائم في حركاتهم وسكناتهم.
  • السكينة والوقار: السكينة هي الخُلُق الذي ينبع من السلام الداخلي فيعكس جمالاً على الخارج، فعباد الرحمن يسكنون إلى أنفسهم مطمئنين، يألفون ويؤلفون، ولديهم وقار يُرفِّعهم عن سفاسف الأمور؛ فلا يردوا الإساءة بإساءة، وإنّما يتقبلون السيء ويأخذوا بيده، ويحسنوا للمحسن كما ويشدون على يده، حيث قال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}.[٢]
  • الوقوف بين يدي الله: حيث قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}،[٣] فُضِّلَ عباد الرحمن بوصلهم مع الله ليلاً حيث الناس نيام؛ إذ تتجلّى لهم لذة الأُنس به، فقيامهم بين يديه هو سبيلهم لشكره -تعالى- على أنعمه وطلب مرادهم واستمداد النفحات الإلهية التي تنير لهم دروبهم وتهون عليه مشاق الحياة.[٤]
  • الخوف والرجاء: فعباد الرحمن يطيرون بجناحي الخوف والرجاء؛ خوفهم من بُعدهم عن طريق الله، ورجاؤهم في رحمته وعفوه وعدم الضياع بعد الوصول، وفي خوفهم من الله وتذكرهم للآخرة رادع لهم واستحياء من أن يهون عليهم أمر الله، لذلك وصفهم الله في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}،[٥] فعباد الرحمن يحاسبون أنفسهم قبل أن يُحاسبوا، ويزنوا أعمالهم قبل أن تُوزن مع تسليمهم الكامل لله ويقينهم برحمته.
  • الاعتدال والوسطيَّة: تُعدّ الوسطية ركيزة من الركائز الأساسية التي قام عليها الإسلام، فقد أشار القرآن مُربيًا على الاعتدال والتوازن في النواحِ المادية والمعنوية، ونص على أن الأمة الإسلامية أُمَّة وسطٌ، وعليه جاء الاعتدال في الإنفاق، فعباد الرحمن هم أهل دراية بمعايير القوامة في الإنفاق؛ فلا يبالغون في الإسراف فيدخلوا باب التبذير، ولا يجحدون في الإسراف فيدخلوا باب التقتير.[٦]
  • التوحيد: عندما تشرفت العبيد بالانتساب إلى الرحمن كان شرطًا أساسيًا لسلامة دواخلهم هو التوحيد، فعباد الرحمن تنادي جميع ذراتهم بتوحيد الله وإفراده في العبودية دون غيره.
  • حفظ النفس: فمن أهم مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ النفس البشرية، وعليه فعباد الرحمن يحفظون أنفسهم ولا يعتدوا على أنفس الخلائق بغير حقّ.
  • حفظ الفرج: حيث إنّ الزنا من الكبائر التي نهى الله عنها وتوعد بالعذاب لمن أتى بها، لذا فعباد الرحمن في دوام تحصينٍ لأنفسهم عن كل ما حرم الله من الكبائر وغيرها.
  • الصدق: إنّ الصدق من أجلِّ سمات عباد الرحمن، فهم في صدق دائم مع الله ومع أنفسهم ومع الآخرين، أقاموا حياتهم بالصدق بعيداً عن اللغو وأهله.

التحقق بسمات عباد الرحمن

إنّ القصد من التحقق بسمات عباد الرحمن ليس دافع دينيّ فحسب، بل هو نهج لحضارة إنسانية ربانية تتجلى فيها جميع الأخلاقيات التي ترقى بالبشرية، لحضارة أقامها الله في النفس البشرية وأقام معها صانعيها؛ ألا وهم عباد الرحمن، حيث إنّهم المُصطفون الذين يرحم الله أهل الأرض بهم؛ لصبرهم وبذلهم جُلَّ حياتهم في سبيل إحياء المبادئ الحق، وهي هدف سامٍ لا يأت به إلَّا من كابد لأجله وتحمّل عناء الطريق إليه، ففي التحلي بتلك الخصال؛ رُفعة وسكينة في الدنيا والآخرة، وأجيال قادة مهداة فيهم الهداية والرحمة للعالمين.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب "صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة الفرقان، آية: 63.
  3. سورة الفرقان، آية: 64.
  4. "قيام الليل.. فضله ثمراته.. وما يعين عليه"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  5. سورة الفرقان، آية: 65.
  6. "الاعتدال في حياة المسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
4075 مشاهدة
للأعلى للسفل
×