سورة تعدل ثلث القران

كتابة:
سورة تعدل ثلث القران

فضائل سور القرآن

لكلِ سورة أو آية من سور وآيات القرآن الكريم ميّزة وأهميّة تجعل لها قدراً بين سور وآيات كتاب الله -عزّ وجلّ- ولعلّ ذلك دليل ظاهر على إعجاز القرآن الكريم وبلاغته وفصاحته، وأنّه صالح لكلّ زمان ومكان، ومن بين سور وآيات القرآن العظيم التي لها عظيم الأهميّة والتي عُني بها أهل التفسير وعلماء القرآن وغيرهم من أهل العلم سورة الإخلاص، حيث رُوي في الحديث الصحيح الذي يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنَ)،[١] وقد عزى العلماء الكرام أسباب ذلك إلى عدّة أمور سيتم بيانها في المقالة الآتية.


سورة تعدل ثلث القرآن

جاءت العديد من نصوص الحديث النبوي الشريف الصريحة التي تُشير إلى أنّ السورة التي تعدل قراءتها قراءة ثلث القرآن هي سورة الإخلاص، ومن تلك الأحاديث ما أورده البخاري في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- حيث روى: (أنَّ رجلاً سمع رجلاً يقرأُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يُردِّدُها، فلمّا أصبح جاء إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فذكر ذلك لهُ، وكأنَّ الرجلَ يتقالُّها، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: والذي نفسي بيدِهِ، إنّها لتعدلُ ثُلثَ القرآنِ).[٢]

إنّ الحديث السابق يُظهر أهميّة سورة الإخلاص ومكانتها وأنّها لو كانت صغيرة من حيث عدد الكلمات والآيات إلّا أنّ لها منزلةً عظيمةً في كتاب الله تعالى، ويرجع سرُّ مكانتها وعظمتها إلى أنّها جمعت بين ثناياها أنواع التوحيد الثلاثة؛ وهي: توحيد الألوهيّة وتوحيد الربوبيّة وتوحيد الأسماء والصفات الخاصّة بالله تعالى، فهي تعادل قراءة القرآن لأجل ذلك، وممّا يدلّ على أهميّتها ومكانتها كذلك أنّه يستحبّ قراءتها وتكرارها في مواطن كثيرة في اليوم والليلة، فيُستحبُّ قراءتها مع أذكار وأوراد الصباح والمساء، كما يُسنُّ قراءتها بقصد طلب الاستشفاء عند المرض، أو لرقية من كان به أو ببعض أهله مرض ما أو نحو ذلك، ويُشرع قراءتها كذلك عقب الصلوات الخمس وخلالها وقبل النوم وبعد الاستيقاظ وفي جميع أوقات اليوم والليلة.[٣]


أسماء سورة الإخلاص

لسورة الإخلاص عدّة أسماء، مع أنّ المشهور في تسميتها والمتعارف عليه أنّ اسمها سورة الإخلاص فقط، وهي سورة مكيّة كما نقل أغلب المفسرون ذلك، أمّا أسماء سورة الإخلاص ومعانيها فهي على النحو الآتي:[٤]

  • سورة الإخلاص؛ وقد سميت بسورة الإخلاص لأنّ محور الحديث فيها يرجع إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وتنزيهه عن جميع النقائص، وتبرأته عن الشرك، كما أنّها تُخلّص المسلم الذي يقرأها بيقين من الشّرك، وبالتالي تخلّصه من النار.
  • سورة التفريد؛ لأنّها تُفرد الله -تعالى- بالخلق والعبادة.
  • سورة التوحيد؛ لأنّها تشتمل على توحيد الله تعالى.
  • سورة النّجاة؛ لأنّ من قرأها يُصبح ولياً من أولياء الله الصالحين.
  • سورة الولاية؛ لأنّ قارئها يعدُّ من أولياء الله.
  • سورة الأساس؛ لأنّها اشتملت على أساس الدين الإسلامي أو أصوله التي هي توحيد الله -تعالى- بأنواعه.


سبب نزول سورة الإخلاص وتفسيرها

وردت عدّة روايات في سبب نزول سورة الإخلاص، أشهرها ما يذكره العلماء من أنّ اليهود أو المشركين طلبوا من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يصف لهم الله -تعالى- بقولهم: (صف لنا ربّك؟) حينها نزلت سورة الإخلاص، ويُشير إلى معنى ذلك ما ورد في السنّة البنويّة المطهّرة من قول ابن عباس رضي الله عنه: (أنَّ اليهودَ أتوا النبيَّ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- فقالوا صِفْ لنا ربك الذي تعبدُ فأنزل اللهُ -عزَّ وجلَّ- قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إلى أخرها فقال هذه صفةُ ربي عزَّ وجلَّ)،[٥] أمّا تفسير كلماته وآياته فهي على النحو الآتي:[٦]

  • قل هو الله أحد؛ قُلْ: هي كلمة يُراد منها الخطاب وهي موجهة للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمعنى قل يا محمد، وتصدق كذلك على جميع أمته ممّن آمن بالله، هو: ضمير يعود على لفظ الجلالة الوارد في الآية؛ أي قل يا محمد أنت وأمتك الله أحد واحد لا ثاني له يشترك في العبادة، وهو متوحد بجلاله وكماله وعظمته، ليس كمثله شيء وليس له ندّ ولا شبيه، وليس له شريك، بل إنّه هو المتفرد بالخلق والإيجاد وله وحده تُستحق العبادة.
  • الله الصمد؛ أي أنّ الله -تعالى- هو الكامل في صفاته، وإليه يفتقر جميع الخلق وهذا المعنى من أفضل ما قيل في معنى الصمد، أمّا ابن عباس -رضي الله عنه- فيرى أنّ لفظة الصمد تعني: أن الله -تعالى- هو الكامل في علمه فلا أحد من الخلق يحوي جميع ما يعلمه الله كما أنّ الله لا يخفى عليه شيءٌ من العلوم، وهو -عزّ وجلّ- الكامل في حلمه، وهو الكامل في قدرته والكامل في حلمه؛ إلى آخر ذلك من الكمال الذي لا يليق إلّا بالله، وهو بهذا الكمال في غنى تام عن جميع المخلوقات، صغيرها وكبيرها عظيمها وحقيرها، وقيل: إنّ معنى الصمد أنّ الله -تعالى- هو من تصمد جميع الخلائق إليه وتلتجئ إليه لقضاء حوائجها، فجميع المخلوقات في افتقار دائم لله تعالى.
  • لم يلد ولم يولد؛ فالله -تعالى- ليس كمثله شيء، ولا مثيل له في الخلق، ولم يوجد بمعنى الولادة، فهو قديم ليس قبله شيء، كما أنّه لم يلد فالولادة صفة ملازمة للمخلوقات وهي تنافي الألوهيّة، فلا يلد إلّا من يحتاج إلى الولد، والله ليس بحاجة أحد، والذي يلد يكون فيه شيء من النقص لطلبه المولود ليعينه على مكابدة الحياة ومواصلة النّسل والبقاء، والله باقٍ بلا حاجة إلى نسل وهو غنيّ عن جميع ذلك، والقول بأنّ الله مولود يقتضى وجود والدة والقول بأنّه يلد يقتضي وجود صاحبة أو زوجة لتلد له، وكلّ ذلك بعيد عن الله، فالله غنيّ عن ذلك كلّه.


المراجع

  1. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 654، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 6643، صحيح.
  3. محمد كياد المجلاد (6-2-2018)، "فضل سورة الإخلاص"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-3-2018. بتصرّف.
  4. د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر المعاصر، صفحة 437، جزء 30. بتصرّف.
  5. رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري بشرح صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 13/369، إسناده حسن.
  6. "تفسير سورة الإخلاص"، www.ar.islamway.net، 6-4-2014، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2018. بتصرّف.
4459 مشاهدة
للأعلى للسفل
×