سيرة إلكيا الهراسي

كتابة:
سيرة إلكيا الهراسي

سيرة إلكيا الهراسي

مولده ونشأته

هو أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ الهَرَّاسِي، طلب العلم منذ صغره فرَحل إلى في البلاد وتعلم الفقه على أيدي العلماء وبرع فيه، وكَثُرَ طلابه حتى صاروا علماء وكان من الفصحاء ومن ذوي الغنى في المال، وكان ذو هيبة ووقار، له مؤلفات عدة مدحها العلماء، ولُقِبَ بشمس الإسلام،[١] وفي اللغة العجمية -أي غير العربية- إلكيا هو: الكبير القدر المقدم بين الناس،[٢] وهي بلغة الفرس.[٣]

وُلِد في مدينة طبرستان في الخامس من ذي القعدة سنة أربعمئة وخمسين من الهجرة، ونشأ فيها حتى بلغ سن الثامنة عشر، وأخذ الفقه على مشايخ بلده فنشأ في حب العلم وطلبه.[٤]

طلبه للعلم

نشا في بلدته طبرستان فطلب العلم وتفقّه على مشايخها، ثم انتقل وهو في شبابه إلى نيسابور إلى مدرسة "سرهنك" ودرس عند شيخه الإمام الجويني ولازمه حتى توفي -رحمه الله تعالى- سنة 478 هـ، فانتقل بعدها إلى مدينة بيهق، وقد امتلأ علما حتى صار فيها قاضيا ومُكرّما عند السلطان، وبعد ذلك انتقل إلى بغداد.[٥]

كان إلكيا الهراسي من المُجتهدين في طلب العلم، فقد ذكر السُبْكي شيئا من اجتهاده، حيث قال: "كَانَت فِي مدرسة "سرهنك" بنيسابور قناة لَهَا سَبْعُونَ دَرَجَة وَكنت إِذا حفظت الدَّرْس أنزل الْقَنَاة وأعيد الدَّرْس فِي كل دَرَجَة مرّة فِي الصعُود وَالنُّزُول، قَالَ: وَكَذَا كنت أفعل فِي كل درس حفظته،[٦] وقال السبكي: "وَفِي بعض الْكتب أَنه كَانَ يُكَرر الدَّرْس على كل مرقاة من مراقي درج الْمدرسَة النظامية بنيسابور سبع مَرَّات، وَأَن المراقي كَانَت سبعين مرقاة".[٦]

تدريسه في المدرسة النظامية 

لما خرج من "بيهق" دخل بغداد سنة أربع مئة وثنين وتسعين هجريا، ثم في سنة أربع مئة وثلاث وتسعين تولى التدريس في المدرسة النظامية، وكان عظيم الجاه موقَرا مدرسا يَرحل إليه الطلبة ويلازموه حتى يتخرجوا من عنده، واستمر في التدريس فيها حتى توفي -رحمه الله تعالى-.[٣]

والمدارس النظامية: هي التي بناها الوزير أبو علي الطوسي الملقب بنظام الملك، وهو أول من أنشأ المدارس فاقتدى به الناس، وشرع في عمارة مدرسته ببغداد سنة سبع وخمسين وأربعمائة،[٧] وافتتحها الخليفة العباسي في حفل كبير، وقد اعتنى أهل التاريخ في ذكرها وذكر من ترأسها من العلماء لما لها من أثر عظيم في نشر العلم ومنهم صاحبنا العلامة "الكيا الهراسي"، وكذلك يذكرون من تتلمذ فيها وصار من العلماء الكبار.[٨]

وفاته

في عصر يوم الخميس بداية شهر المحرم سنة خمس مئة وأربع للهجرة توفي الشيخ إلكيا الهرَّاسي في بغداد، ودفن في المقبرة التي فيها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي -رحمهما الله تعالى-، وممن حضر الصلاة عليه والدفن العالمان الجليلان: الشيخ أبو الحسن الدامغاني قاضي القضاة والشيخ أبو طالب الزينبي، ووقفا عند قبره، وقال الشيخ ابن الدامغاني شعرا متمثلا به:[٩]

وما تغني النوادب والبواكي

وقد أصبحت مثل حديث أمس

وقال الشيخ الزينبي:

عقم النساء فما يلدن شبيهه

إن النساء بمثله عقيم

شيوخ إلكيا الهراسي

طلب إلكيا الهراسي العلم على عدد من الشيوخ العلماء، غير أن المراجع لا تذكر إلا أسماء قليلة منهم،[١٠] وعلى رأسهم:

  • إمام الحرمين أبو المعالي

عبد الملك بن يوسف الجويني وهو أبرز شيوخه على الإطلاق حتى قيل أنه تعلم علم الجويني وأخذ طريقته في التدريس وبقي ملازما للجويني تلميذا له حتى أصبح من العلماء البارزين، وصار من الذين يعيدون دروس الشيخ الجويني للطلاب الآخرين فأصبح تلميذا وأستاذا في نفس الوقت.[١١]

  • أبو علي الحسن بن محمد الصفار.[٦]
  • زيد بن صالح الآملي.[١٢]

ثم صار إلكيا الهراسي من العلماء المشار إليهم بالبنان يقصده الطلاب، وكان من رافعي منارة حفظ الحديث والمناظرة فيه، وهو فصيح اللسان بليغٌ مُناظرٌ كبيرٌ، وكان يناظر ويستدل بالأحاديث النبوية، وله مقولة مشهورة سارت بها كتب السير، وهي قوله: "إِذَا جَالَتْ فُرْسَانُ الْأَحَادِيثِ فِي مَيَادِينِ الْكِفَاحِ، طَارَتْ رُءُوسُ الْمَقَايِيسِ فِي مَهَابِّ الرِّيَاحِ".[١٣]

تلاميذ إلكيا الهراسي

تتلمذ له عدد كبير من طلبة العلم لاسيم،ا وقد كان قاضياً ومدرساً في "بيهق"، وجلس للتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، وقد ذكر السبكي وغيره عددا من تلامذة إلكيا الهراسي الذين تتلمذوا عليه، ولم يجمعهم السبكيُ في مكان واحد، وإنما ذكر ذلك عن كل واحد منهم في ترجمته ونذكر منهم:[١٤]

  • شيخ الإسلام شرف المُعمِرين أبو الطاهر: أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني السِّلَفي.
  • المحدث الرحالة سعد الخير بن محمد الأنصاري الأندلسي البلنسي.
  • أبي إسحاق إبراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور.[١٥]
  • عبد الْوَاحِد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق أَبُو الْفَتْح الباقرحي.[١٦]
  • عبد الله بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الْبَغْدَادِيّ خطيب الموصل[١٧]
  • شَافِع بن عبد الرشيد بن الْقَاسِم أَبُو عبد الله الجيلي.[١٨]
  • عبد الْبَاقِي بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الْغَزالِيّ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور.[١٩]

المراجع

  1. محمد الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 350. بتصرّف.
  2. أحمد ابن خلكان، وفيات الأعيان، صفحة 289. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أبو بكر ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعية، صفحة 288. بتصرّف.
  4. أحمد الزيات، مجلة الرسالة، صفحة 27. بتصرّف.
  5. أحمد الزيات، مجلة الرسالة، صفحة 28. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت عبد الوهاب السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، صفحة 232. بتصرّف.
  7. أحمد ابن خلكان، وفيات الأعيان، صفحة 129. بتصرّف.
  8. عبدالرحمن حبنكة، الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم، صفحة 590. بتصرّف.
  9. شمس الدين الذهبي، كتاب سير أعلام النبلاء، صفحة 282. بتصرّف.
  10. أحمد الزيات، مجلة الرسالة، صفحة 29. بتصرّف.
  11. عبدالرحمن حبنكة، الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها، صفحة 591. بتصرّف.
  12. محمد الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 351.
  13. إسماعيل بن كثير، البداية و النهاية، صفحة 173.
  14. عبد الوهاب السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، صفحة 232. بتصرّف.
  15. أحمد ابن خلكان، وفيات الاعيان، صفحة 289. بتصرّف.
  16. عبدالوهاب السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، صفحة 204. بتصرّف.
  17. عبدالوهاب السبكي، طبقات الشافعي الكبرى، صفحة 119. بتصرّف.
  18. عبد الوهاب السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، صفحة 101.
  19. عبدالوهاب السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، صفحة 142.
5219 مشاهدة
للأعلى للسفل
×