سيرة ابن كثير

كتابة:
سيرة ابن كثير

ابن كثير

حفِل التاريخُ الإسلاميُّ بالعديدِ من العلماءِ والعظماء، وقد برعَ كلُّ عالمٍ منهم بعلمٍ من العلومِ الشرعيّةِ العديدة، ومن العلومِ التي اختصّ بها هؤلاء العلماء علمُ الفقه؛ الذي تأسّسَ على أيدِي كبارِ أهلِ العلم، بالإضافة إلى علم الأصول، الذي يُعدّ أساس علم الفقه، وعلم الحديث الذي يدرسُ النصوص المنقولة عن النّبي صلى الله عليه وسلم، ويُبيّن معانيها، ويُميّز صحيحها عن غيره، وعلمُ التفسير الذي يُعنى بشرحِ معاني آيات كتاب الله والمراد منها وتحليلها، وغير ذلك من العلومِ الشرعيّةِ، وقد كان من بينِ العلماءِ المسلمين الذين برَعوا في العلومِ الشرعيّةِ ابنُ كثير، فمن هو ابن كثير، وما العلوم الشرعيّة التي برع فيها؟


سيرة ابن كثير

النّسَبُ والمولد

  • نسبُ ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن كثير بن درع، الإمامُ القرشيُّ الحافظ، المُكنَّى بأبي الفداء، والمعروف بابن كثير، وهو من بني حصلة.[١]
  • مولدُ ابن كثير: وُلِد الإمام ابن كثير في سنة سبعمئةٍ وواحدٍ للهجرة، في قريةٍ اسمها مجدل وتسمّى أيضاً قرية مجيدل، وهي في مدينةِ بصرى، أمّا والده فهو الخطيب شهابُ الدين، وقد توفّي سنة سبعمئةٍ وثلاثة للهجرة في قريةِ المجدل، وكانت وفاتهُ بعدَ مولدِ ابنه إسماعيل بأعوامٍ قليلةٍ.[١]


النّشأةُ

تربّى الإمامُ ابنُ كثير على يدِ شقيقهِ الأكبر، حيثُ توفّى الله تعالى والده الخطيب شهاب الدينِ، وقد قالَ ابن كثير عن شقيقه الذي تربّى في كنفهِ: (كان لنا شقيقاً، وبنا رفيقاً شفوقاً). شهِد الإمامُ ابنُ كثير العديدَ من أحداثِ القرنِ الثامن الهجريّ؛ حيثُ كان الحُكم في تلك الفترةِ لدولةِ المماليك، ومن الأحداثِ التي حصلت في القرن الثامن هجوم التتار على الدولةِ الإسلاميّة، وانتشارُ المجاعاتِ وتواليها على الدولةِ الإسلاميّةِ، وانتشار الأوبئةِ والأمراض، وقد حصدت هذهِ الأحداث ملايينَ النّاس، كما حصلَت في القرنِ نفسه عدّة حروبِ؛ أبرزها حرب المسلمين مع الصليبيّين، وانتشرت المؤامرات والفِتن على الدولةِ بينَ الأمراءِ والوزراءِ، ومع كلِّ ما اكتنفه هذا العصر من الحروبِ، والفتنِ، والأمراضِ، والأسقامِ، إلّا أنّه كان عصر النشاطِ العلميّ المتمثِّل بانتشار المدارسِ، وازدهارِ التأليفِ.[١]


كانَ البيتُ الذي نشأ وتربّى فيه ابن كثير بيت دينٍ؛ حيثُ كانَ والده -رحمه الله- خطيباً، وقد كان لهذا الأمر أثرٌ ظاهرٌ في تميُّزِ ابن كثير -رحمه الله- ونبوغهِ، وقيل إنّ وفاة والد ابن كثير كانت في الرابعةِ من عمر ابن كثير، وفي روايةٍ أخرى في السابعة من عمره، وبعد وفاته انتقلت أسرته إلى مدينة دمشق، فاستقرَّت أُسرته بجوار المدرسةِ النوريةِ. ألَّف الإمامُ ابن كثير في صغرهِ كتاباً اسمه: أحكامُ التنبيه، وقد أُعجِب شيخه البرهان بالكتاب، وأثنى عليه.[٢]


يقولُ ابنُ العمادِ -رحمه الله- في وصفِ الإمام ابن كثير: (وكان كثير الاستحضارِ، قليل النسيان، جيّد الفهمِ، حَفِظَ كتاب التنبيه، ومختصر ابن الحاجب، ثمَّ أقبل على الحديث، فاشتغل بمطالعة متونه ورجاله، فسمع الموطّأ للإمام مالك، والجامع الصحيح للإمام البخاري، والجامع الصحيح للإمام مسلم، وسُنن الدارقطني، وشيئاً من السُّنن الكبرى للبيهقي، وسمع مسند الشافعي، وغير ذلك من المصنّفات الحديثيّة، وهو لا يزال في مقتبل العمر)، وقد برع الإمام ابن كثير في شتّى أصنافِ العلوم الشرعيّة؛ كالفقهِ، والتفسيرِ، والنحو، والحديث وغيرِ ذلك.[٢]


الوفاةُ

توفيَّ الإمام ابن كثير -رحمه الله- في شهر شعبان سنة 774هـ، وقد أصابه العمى في آخرِ حياته، أمّا مكان دفنه فقد دُفن بجوار الإمامِ ابن تيمية في مقبرة الصوفيّة التي تقع في مدينةِ دمشق.[٢]


علم ابن كثير

الشيوخ

تتلمذ الإمامُ ابن كثير -رحمه الله- على أيدي العديدِ من العلماءِ الأجلّاء، ومن أبرزهم:[٣]

  • الإمامُ الحافظُ يوسف المزّي. ‏
  • الإمامُ الحافظ الذهبيّ، أبو عبدُ الله محمد بن أحمد‏.‏
  • الإمامُ أحمد بن تيمية.‏
  • الشيخُ ابن الشُّحنة، أبو العبّاس أحمد الحجّار.
  • الإمامُ محيي الدين الشيبانيّ، واسمه يحيى.
  • الإمامُ شمس الدين محمد الشيرازيّ.
  • الإمامُ الحافظُ شمسُ الدين محمود الأصبهاني.
  • الإمامُ عفيفُ الدين إسحاق بن يحيى الآمدي الأصبهاني.
  • الشيخُ بهاءُ الدين القاسمُ بن عساكر.


التلاميذ

تتلمذ على يدي الإمامِ ابن كثير العديد من التلاميذ النُّجباء، الذين سطعَ نجمهم وبرزَ في مجالاتٍ شتّى، ومن هؤلاء التلاميذ:[٣]

  • الإمامُ الحافظُ علاء الدين، المعروف بابن حجّيّ، وهو أحدُ فقهاءِ المذهب الشافعيّ.
  • الشيخُ محمد بن محمد بن خضر القرشيّ.
  • شرفُ الدين مسعود الأنطاكيّ النحويّ.
  • الإمام الجزريّ؛ شيخُ علمِ القراءات، واسمه محمد بن أبي محمد.
  • محمد بن إسماعيل بن كثير، ابن الإمام ابن كثير رحمهما الله‏.‏
  • الإمامُ ابن أبي العزّ؛ وهو من فقهاءِ المذهب الحنفيّ.
  • الإمامُ الحافظ أبو المحاسن الحسينيّ.


المصنّفات

للإمامِ ابن كثير -رحمه الله- العديد من الإسهامات العلميّة الفريدة، التي ما تزال تتوارد بين يدي النّاس حتى هذا اليوم؛ وهذا يدلُّ على مكانتها العلميّة وأهميتها، ولعلَّ أبرز تلك الأعمال كتابُه في تفسيرِ القرآن المسمّى بتفسيرِ القرآنِ العظيم، وفيما يأتي أسماءُ بعض الكتب التي أنجزها الإمامُ ابن كثير رحمه الله:[٢]

  • تفسيرُ القرآنِ العظيم.
  • كتابُ طبقاتِ الفقهاءِ.
  • كتابُ مناقب الشافعيّ.
  • كتابُ البداية والنهاية.
  • كتابُ اختصار علومِ الحديثِ.
  • كتابُ التكميل في معرفةِ الثقاتِ، والضعفاءِ، والمجاهيلِ.
  • كتابُ تخريجِ أحاديث مختصر ابن الحاجب.
  • رتّب ابن كثير -رحمه الله- مسند الإمام أحمد على الحروفِ الهجائيّة، كما ضمَّ إليهِ زوائد الطبرانيّ.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ابن كثير (1419هـ)، تفسير ابن كثير (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة: 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث محمد بن عبد الله العبدلي (1-9-2014)، "ابن كثير ومنهجه في التفسير"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2017. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "ترجمة الحافظ ابن كثير"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2017. بتصرّف.
5988 مشاهدة
للأعلى للسفل
×