سبب نزول سورة البروج
إنّ الله -تعالى- أنزل آيات القرآن الكريم لحكم عظيمة وفوائد مرجوّة؛ وقد رافق يا أحبائي كثيراً من آيات وسور القرآن الكريم سبب نزولها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنّكم لتعلمون جميعاً كيف قابل كفّار قريش دعوة نبيهم محمد -عليه الصلاة والسلام-، وكيف صدّوا عن دينه، وكيف واجهوه بشتى أنواع من العذاب.[١]
وحتّى لا يُصاب حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالحزن والأسى من موقف قومه، أراد الله -تعالى- أن يواسيه، وأن يخفّف عنه ما يشعر به تجاههم، ولذلك قام الله -تعالى- بضرب مثال له من الأمم السابقة، فكما كان أهل قريش في مكة؛ كان مثلهم قوم في نجران يسمّون أصحاب الأخدود، فالسبب الرئيسي لنزول سورة البروج هو مواساة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتصبيره عمّا يجد من أذى الكفار.[١]
وتتلخّص قصة أصحاب الأخدود بأنّهم كانوا على دين النصرانية الحقّة، وكان أحد ملوكهم في مدينة حِمير يُقال له ذو نواس كان مشركاً، وأراد أن يصدّ الناس عن دينهم، لكنهم رفضوا وتمسّكوا بدينهم ومعتقداتهم، فخيّرهم بين الرجوع عن دينهم، أو أن يُحرقهم في النار.[١]
وحفر لهم أخدوداً عظيماً، وأشعل فيه النيران وجمع الناس، وأخذ يُخيّرهم واحداً تلو الآخر، لكنّهم تمسّكوا بدينهم، ولم يقبلوا أن يرتدّوا عنه، فجعل يُلقيهم في النار واحداً تلو الآخر دون أن يشفق عليهم.[١]
فضل سورة البروج
إنّ سورة البروج فضلها عظيم وكبير، شأنها شأن ما تبقى من سور القرآن الكريم، التي تتصف كلها بالعظمة؛ والتي لها فضل يعود على المسلم في دنياه وفي آخرته، وقد كان لسورة البروج فضل خاص، وذلك لما روي أنّ رسول الله -صلىّ الله عليه وسلّم- كان يقرأ في صلاة العشاء بسورة البروج، وكان يأمر أصحابه بقراءتها في العشاء.[٢]
الدروس المستفادة من سورة البروج
يُستفاد من سورة البروج من خلال قراءتها وفهم آياتها، والتفكر في معانيها العديد من العبر والدروس التي تنفع المسلم في حياته، وفيما يأتي بيانها:[٣]
- يُظهر الله -تعالى- في السورة عظمته ومدى قدرته الفائقة في الكون، فهو خالق السماء ذات البروج والنجوم المتلألئة.
- تذكر الآيات ما جرى مع أصحاب الأخدود.
- تبيّن الآيات عاقبة كلّ من اتقى الله -تعالى-؛ وهي رضوانه والجنة الخالدة، وعاقبة من كفر به وعصاه فكانت عاقبته سخط الله -تعالى- عليه وخلوده في نار جهنم.
- ُتبيّن الآيات سنّة ثابتة من سنن الله في الكون، وهو أنّه يُهلك كلّ قوم طغوا وتجبّروا من الأمم السابقة، ومن اشتغلوا بفتنة المؤمنين والمؤمنات وصدّهم عن دينهم، وتضرب مثالاً لذلك عاقبة فرعون، وقوم ثمود وعاد.
- ترفع الآيات في خاتمة السورة قدر القرآن الكريم، وتبيّن أنّه كلام الله -تعالى- الذي لا لغو ولا باطل فيه.
المراجع
- ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 152-153. بتصرّف.
- ↑ ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 236. بتصرّف.
- ↑ جعفر شرف الدين، الموسوعة القرآنية خصائص السور، صفحة 170. بتصرّف.