شرح حديث (لا تقودوا الخيل بنواصيها فتذلوها)

كتابة:
شرح حديث (لا تقودوا الخيل بنواصيها فتذلوها)

شرح حديث (لا تقودوا الخيل بنواصيها فتذلوها)

عظّم الإسلام الخيل وأمر بتكريمها، ونهى عن إلحاق الأذى بها بأي شكل من الأشكال؛ لأنه يسطع بها جلال الفروسية في الحروب، فقد خلقها الله بصفات الحسن تسمو هيبتها في طلعة الفارس فيزدان رونقه وتزيد بسالته في الحرب.

وقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يُعتنى بها بتكريمها، فقالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا تَقُودُوا الْخَيْلَ بِنَوَاصِيهَا فَتُذِلُّوهَا)،[١] ولقد صنف الإمام أبي داود هذا الحديث في المراسيل، لذلك يقوم مقامه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الخَيلُ مَعقودٌ في نَواصيها الخَيرُ والنَّيْلُ إلى يومِ القيامةِ، وأهْلُها مُعانونَ عليها، فامْسَحوا بِنَواصيها، وادْعوا لها بالبَرَكةِ، وقَلِّدوها، ولا تُقَلِّدوها بالأَوْتارِ، وقال عَليٌّ: ولا تُقَلِّدوها الأَوْتارَ).[٢]

حفظ الخيل وصونها والوصية بها

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرغب العرب في الخيل وأكرمهم لها، فكان شديد العناية بها، حتى إنه كان يأنس بصهيلها وينهي عن استنتاج كرائمها من حمار أو هجين لا يشبه أصُلُهُ أصولها؛ لغيرته عليها، وإشفاقاً عليها من فساد أنسالها.[٣]

ولقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدم قيادة الخيل بنواصيها من شعر رأسها؛ لأن في ذلك أذية لها وإهانة ومذلة، وذلك لفضائل الخيل التي خلقت لأجلها، ولقد نهى عن تقليدها بأوتار الجاهلية؛ فقد كانوا يعلقون التمائم لحمايتها من الحسد، فأمر بالأوتار المباحة من القلائدَ والحُلِيَّ، ولا تَجعَلوا في رِقابِها الخُيوطَ الَّتي كانت تُتَّخَذُ تَمائمَ، أو لا تَجعَلوا في رِقابِها أوتارَ الأقواسِ الحربيَّةِ؛ حتَّى لا تَختنِقَ بها عندَ الرَّعيِ وغيرِه.[٤]

فضائل الخيل

خلق الله الخيل لفضائل عظيمة جليلة؛ لإعانة الناس في الكثير من جوانب الحياة، ومن هذه الجوانب ما يأتي:[٥]

القوة والعزة والمنعة

لم تكن تُرى القوة والعزة والمنعة بسواها، وكانت العرب يعدونها أغلى المال في الجاهلية، وكانوا يعدونها أغلى من الإبل؛ لأنهم كانوا يدافعون على ممتلكاتهم بها، ويحمون نساءهم بها، ويغاورون أعدائهم، وينالون المغانم بها، ويسافرون بين البلدان بها.

وكانت هي وسيلة النقل الأفضل عندهم، فقد كانوا يميزونها عن الإبل، قال الله -تعالى-: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ).[٦]

الخيل أَصبر البهائم

الخيل أكثر البهائم شدّة في التحمل فإنها قادرة على قطع الكثير من الأميال بدون تعب بخلاف الإبل، هذا غير قدرتها على حمل الكثير من الأثقال، لذلك فإن من أعظم صفات الخيل شموخها بالأصولية، وكما أنها أخف الدواب، وكلها مئوية في العلف والمشرب عند ضيق الأمر في ذلك، إذ إنها تستطيع تحمل الجوع والعطش يوماً كاملاً بدون مشقة.

اتخاذها للركوب والزينة

قال الله -تعالى-: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٧] وهنا بيّن الله -تعالى- أن تكون للركوب والزينة، وهذا يدل أن العرب كان يتباهون في خيلهم عند ركوبهم لها، ويفخرون بها.

المراجع

  1. رواه أبي داود، في المراسيل لأبي داود، عن الوضين بن عطاء، الصفحة أو الرقم:293، مرسل.
  2. رواه شعيب الارناؤوط، في تخريج المسند، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:14791، حسن لغيره.
  3. إبن هذيل، حلية الفرسان وشعار الشجعان، صفحة 7. بتصرّف.
  4. محمد عبد القادر الجزائري، نخبة عقد الأجياد في الصافنات الجياد، صفحة 3. بتصرّف.
  5. إبن هذيل، حلية الفرسان وشعار الشجعان، صفحة 6. بتصرّف.
  6. سورة الأنفال، آية:60
  7. سورة النحل، آية:8
6114 مشاهدة
للأعلى للسفل
×