شرح ضادية ابن زيدون

كتابة:
شرح ضادية ابن زيدون


شرح ضادية ابن زيدون

شرح المقطع الأول

يقول ابن زيدون في قصيدته الضاديّة:

أَثَرتَ هِزَبرَ الشَرى إِذ رَبَض

وَنَبَّهتَهُ إِذ هَدا فَاغتَمَض

وَما زِلتَ تَبسُطُ مُستَرسِلاً

إِلَيهِ يَدَ البَغيَ لَمّا انقَبَض

حَذارِ حَذارِ فَإِنَّ الكَريمَ

إِذا سيمَ خَسفاً أَبى فَاِمتَعَض

فَإِنَّ سُكونَ الشُجاعِ النَهوسِ

لَيسَ بِمانِعِهِ أَن يَعَضّ

وَإِنَّ الكَواكِبَ لا تُستَزَلُّ

وَإِنَّ المَقاديرَ لا تُعتَرَض

إِذا ريغَ فَليَقتَصِد مُسرِفٌ

مَساعٍ يُقَصِّرُ عَنها الحَفَض[١]


هذه القصيدة قد بعث بها الشاعر ابن زيدون إلى منافسه في حبّ ولادة وهو ابن عبدوس، فيقول له إنّه -أي ابن عبدوس- كمن يحاول إثارة الأسد بعد هدوئه، ويخبره بأن يكفّ عن محاولاته النيل من ابن زيدون فإنّ كرم أخلاقه يمنعه من الرد عليه، ولكنّه إذا لم يكف عن محاولاته إغاضة ابن زيدون فإنّه سوف يرد بما لا يُحمَد عقباه.


شرح المقطع الثاني

وَهَل وارِدُ الغَمرِ مِن عِدِّهِ

يُقاسُ بِهِ مُستَشِفُّ البَرَض

إِذا الشَمسُ قابَلتَها أَرمَداً

فَحَظُّ جُفونِكَ في أَن تُغَضّ

أَرى كُلَّ مُجرٍ أَبا عامِرٍ

يُسَرُّ إِذا في خَلاءٍ رَكَض

أُعيذُكَ مِن أَن تَرى مِنزَعي

إِذا وَتَري بِالمَنايا انقَبَض

فَإِنّي أَلينُ لِمَن لانَ لي

وَأَترُكُ مَن رامَ قَسري حَرَض

وَكَم حَرَّكَ العُجبُ مِن حائِنٍ

فَغادَرتُهُ ما بِهِ مِن حَبَض[١]


يقول ابن زيدون إنّ الفرق بينه وبين ابن عبدوس بعيد ولا مجال للمقارنة بينهما، وإنّ ابن زيدون كالشمس إن سطَعَ فلا ينبغي لابن عبدوس سوى أن يغضّ طرفه، ويهدّده ابن زيدون بأنّه إن غضبَ فإنّه يرمي سهامه في كلّ اتجاه، ويقصد بذلك شِعره، ويقول هو طيب مع الطيبين ولكنه مع الذين يريدون به سوءًا شديد البأس.


شرح المقطع الثالث

أَبا عامِرٍ أَينَ ذاكَ الوَفاءُ

إِذِ الدَهرُ وَسنانُ وَالعَيشُ غَضّ

وَأَينَ الَّذي كُنتَ تَعتَدُّ مِن

مُصادَقَتي الواجِبَ المُفتَرَض

تَشوبُ وَأَمحَضُ مُستَبقِياً

وَهَيهاتَ مَن شابَ مِمَّن مَحَض

أَبِن لي أَلَم أَضطَلِع ناهِضاً

بِأَعباءِ بِرِّكَ فيمَن نَهَض

أَلَم تَنشَ مِن أَدَبي نَفحَةً

حَسِبتَ بِها المِسكَ طيباً يُفَضّ

أَلَم تَكُ مِن شيمَتي غادِياً

إِلى تُرَعٍ ضاحَكَتها فُرَض[١]


يذكّر ابن زيدون هنا ابن عبدوس بصداقة قديمة على ما يبدو كانت تجمعهما قبل إعلانهما المنافسة على ولادة، فيقول ابن زيدون إنّ هذه المنافسة من ابن عبدوس لا تعكس الوفاء المُفتَرَض، ويعرّض ابن زيدون ببلاغة ابن عبدوس فيقول له لقد علّمتك البلاغة وفنون الأدب ولكنّك لا تشكر هذه اليد، ويعرّض كذلك بابن عبدوس فيصفه بالهرم وضَعف القوة وغير ذلك مما يمس الرجولة.


شرح المقطع الرابع

وَلَولا اختِصاصُكَ لَم أَلتَفِت

لِحالَيكَ مِن صِحَّةٍ أَو مَرَض

وَلا عادَني مِن وَفاءٍ سُرورٌ

وَلا نالَني لِجَفاءٍ مَضَض

يَعِزُّ اِعتِصارُ الفَتى وارِداً

إِذا البارِدُ العَذبُ أَهدى الجَرَض

عَمَدتَ لِشِعري وَلَم تَتَّئِب

تُعارِضُ جَوهَرَهُ بِالعَرَض

أَضاقَت أَساليبُ هَذا القَريضِ

أَم قَد عَفا رَسمُهُ فَاِنقَرَض

لَعَمري لَفَوَّقتَ سَهمَ النِضالِ

وَأَرسَلتَهُ لَو أَصَبتَ الغَرَض[١]


يتابع ابن زيدون هجاءه المبطَّن لابن عبدوس فيقول له لولا أنّه من الخاصة الذين يتبعون لابن زيدون لم يكن ليهتم لأمره، يريد من وراء ذلك تحجيم ابن عبدوس وبيان أنّه تابع له، وأنّ ابن زيدون هو من علّمه البلاغة والأدب، ولذلك يأخذ على ابن عبدوس أنّه يحاول تقليد ابن زيدون في الشعر، ويتهكَّم عليه ويسخر منه بسبب ذلك.


شرح المقطع الخامس

وَشَمَّرتَ لِلخَوضِ في لُجَّةٍ

هِيَ البَحرُ ساحِلُها لَم يُخَض

وَغَرَّكَ مِن عَهدِ وَلّادَةٍ

سَرابٌ تَراءى وَبَرقٌ وَمَض

تَظُنُّ الوَفاءَ بِها وَالظُنونُ

فيها تَقولُ عَلى مَن فَرَض

هِيَ الماءُ يَأبى عَلى قابِضٍ

وَيَمنَعُ زُبدَتَهُ مَن مَخَض

وَنُبِّئتُها بَعدِيَ اِستُحمِدَت

بِسِرّي إِلَيكَ لِمَعنىً غَمَض

أَبا عامِرٍ عَثرَةً فَاِستَقِل

لِتُبرِمَ مِن وُدِّنا ما اِنتَفَض

وَلا تَعتَصِم ضَلَّةً بِالحِجاجِ

وَسَيِّم فَرُبَّ اِحتِجاجٍ دُحِض[١]


يختم ابن زيدون في هذا المقطع بالقول إنّ ابن عبدوس كالذي يريد اقتحام بحر لم يخُضه أحد غيره، وهو حبّ ولادة التي يحميها ابن زيدون، ويقول إنّ اعتقاده بأنّ ولادة تبادله شيئًا من المشاعر ما هو إلّا سراب، أو كالذي يحاول قبض الماء بيده وما هو بقابض عليه، وأخيرًا يطلب منه أن يترك هذا الأمر فهو ليس أهلًا له.


الأفكار الرئيسة في ضادية ابن زيدون

من أهم الأفكار الرئيسة ورودًا في ضادية ابن زيدون ما يأتي:

  • تحذير ابن زيدون لابن عبدوس من الاقتراب من حماه وهي ولادة.
  • حديث ابن زيدون عن أخلاقه التي تمنعه من الرد على ابن عبدوس.
  • سخرية ابن زيدون من ابن عبدوس وتحذيره من محاولة الوصول إلى ولادة.


شرح الألفاظ في ضادية ابن زيدون

من الألفاظ التي تحتاج إلى شرح في ضادية ابن زيدون:
المفردة
معنى المفردة
هزبر
الهزبر هو الأسد الكاسر.
النهوس
النهوس هو العضوض.
البرض
البرض البئر قليلة الماء.
حرَض
الرجل الحرَض هو الشديد المرض.


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "أثرت هزبر الشرى إذ ربض"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/2/2022.
6382 مشاهدة
للأعلى للسفل
×