محتويات
نص القصيدة
يقول محمود سامي البارودي:
تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ
- فَبَاتَ سَقِيماً لا يُعِيدُ وَلا يُبْدِي
سَقِيماً تَظَلُّ الْعَائِدَاتُ حَوَانِياً
- عَلَيْهِ بِإِشْفَاقٍ وَإِنْ كَانَ لا يُجْدِي
يَخَلْنَ بِهِ مَسَّاً أَصَابَ فُؤَادَهُ
- وَلَيْسَ بِهِ مَسٌّ سِوَى حُرَقِ الْوَجْدِ
بِهِ عِلَّةٌ إِنْ لَمْ تُصِبْهَا سَلامَةٌ
- مِنَ اللهِ كَادَتْ نَفْس حَامِلِهَا تُرْدِي
وَمِنْ عَجَبِ الأَيَّامِ أَنِّي مُولَعٌ
- بِمَنْ لَيْسَ يَعْنِيهِ بُكَائِي وَلا سُهْدِي
أَبِيتُ عَلِيلاً في سَرَنْدِيبَ سَاهِرَاً
- أُعَالِجُ مَا أَلْقَاهُ مِنْ لَوْعَتِي وَحْدِي
أَدُورُ بِعَيْنِي لا أَرَى وَجْهَ صَاحِبٍ
- يَرِيعُ لِصَوْتِي أَوْ يَرِقُّ لِمَا أُبْدِي
وَمِمَّا شَجَانِي بَارِقٌ طَارَ مَوْهِناً
- كَمَا طَارَ مُنْبَثُّ الشَّرَارِ مِنَ الزَّنْدِ
يُمَزِّقُ أَسْتَارَ الدُّجُنَّةِ ضَوْؤُهُ
- فَيَنْسِلُهَا مَا بَيْنَ غَورٍ إِلَى نَجْدِ
أَرِقْتُ لَهُ وَالشُّهْبُ حَيْرَى كَلِيلَةٌ
- مِنَ السَّيْرِ وَالآفَاقُ حَالِكَةُ الْبُرْدِ
فَبِتُّ كَأَنِّي بَيْنَ أَنْيَابِ حَيَّةٍ
- مِنَ الرُّقْطِ أَوْ في بُرْثُنَيْ أَسَدٍ وَرْدِ
أُقَلِّبُ طَرْفِي وَالنُّجُومُ كَأَنَّها
- قَتِيرٌ مِنَ الْيَاقُوتِ يَلْمَعُ فِي سَرْدِ
وَلا صَاحِبٌ غَيْرُ الْحُسامِ مَنُوطَةٌ
- حَمَائِلُهُ مِنِّي عَلَى عَاتِقٍ صَلْدِ
إِذَا حَرَّكَتْهُ رَاحَتي لِمُلِمَّةٍ
- تَطَلَّعَ نَحْوِي يَشْرَئِبُّ مِنَ الْغِمْدِ
أَشَدُّ مَضَاءً مِنْ فُؤَادِي عَلَى الْعِدا
- وَأَبْطَأُ نَصْرِي عَلَى الشَّوْقِ مِنْ فِنْدِ
أَقُولُ لَهُ وَالْجَفْنُ يَكْسُو نِجَادَهُ
- دُمُوعاً كَمُرْفَضِّ الْجُمَانِ مِنَ الْعِقْدِ
لَقَدْ كُنْتَ لِي عَوْنَاً عَلَى الدَّهْرِ مَرَّةً
- فَمَا لِي أَرَاكَ الْيَوْمَ مُنْثَلِمَ الْحَدِّ
فَقَالَ إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ سَوْرَةَ الْهَوَى
- وَأَنْتَ جَلِيدُ الْقَوْمِ مَا أَنَا بِالْجَلْدِ
وَهَلْ أَنَا إِلَّا شِقَّةٌ مِنْ حَدِيدَةٍ
- أَلَحَّ عَلَيْهَا الْقَيْنُ بِالطَّرْقِ وَالْحَدِّ
فَمَا كُنْتُ لَوْلا إِنَّنِي وَاهِنُ الْقُوَى
- أُعَلَّقُ فِي خَيْطٍ وَأُحْبَسُ في جِلْدِ
فَدُونَكَ غَيْرِي فَاسْتَعِنْهُ عَلَى الجَوَى
- وَدَعْنِي مِنَ الشَّكْوَى فَدَاءُ الْهَوَى يُعْدِي
خَلِيلَيَّ هَذَا الشَوْقُ لا شَكَّ قَاتِلِي
- فَمِيلا إِلَى الْمِقْيَاسِ إِنْ خِفْتُمَا فَقْدِي
فَفِي ذَلِكَ الْوَادِي الَّذِي أَنْبَتَ الْهَوَى
- شِفَائِي مِنْ سُقْمِي وَبُرْئِيَ مِنْ وَجْدِي
مَلاعِبُ لَهْوٍ طَالَمَا سِرْتُ بَيْنَهَا
- عَلَى أَثَرِ اللَّذَّاتِ فِي عِيشَةٍ رَغْدِ
إِذَا ذَكَرَتْهَا النَّفْسُ سَالَتْ مِنَ الأَسَى
- مَعَ الدَّمْعِ حَتَّى لا تُنَهْنَهُ بِالرَّدِّ
فَيَا مَنْزِلاً زَقْرَقْتُ ماءَ شَبيبَتِي
- بِأَفْنَائِهِ بَيْنَ الأَرَاكَةِ والرَّنْدِ
سَرَتْ سَحَراً فَاسْتَقْبَلَتْكَ يَدُ الصَّبَا
- بِأَنْفَاسِهَا وَانْشَقَّ فَجْرُكَ بِالْحَمْدِ
وَزَرَّ عَلَيْكَ الأُفْقُ طَوْقَ غَمَامَةٍ
- خَضِيبَةِ كَفِّ الْبَرْقِ حَنَّانَةِ الرَّعْدِ
فَلَسْتُ بِنَاسٍ لَيْلَةً سَلَفَتْ لَنَا
- بِوَادِيهِ والدُّنْيَا تَغُرُّ بِمَا تُسْدِي
إِذِ الْعَيْشُ رَيَّانُ الأَمَالِيدِ وَالْهَوَى
- جَدِيدٌ وَإِذْ لَمْيَاءُ صَافِيَةُ الْوُدِّ
مُنَعَّمَةٌ لِلْبَدْرِ مَا فِي قِنَاعِهَا
- وَلِلْغُصْنِ ما دَارَتْ بِهِ عُقْدَةُ الْبَنْدِ
سَبَتْنِي بِعَيْنَيْهَا وَقَالَتْ لِتِرْبِهَا
- أَلا مَا لِهَذا الْغِرِّ يَتْبَعُنِي قَصْدِي
وَلَمْ تَدْرِ ذَاتُ الخَالِ وَالْحُبُّ فَاضِحٌ
- بِأَنَّ الَّذِي أُخْفِيهِ غَيْرُ الَّذِي أُبْدِي
حَنَانَيْكِ إِنَّ الرَّأْيَ حَارَ دَلِيلُهُ
- فَضَلَّ وَعادَ الْهَزْلُ فِيكِ إِلَى الْجِدِّ
فَلا تَسْأَلِي مِنِّي الزِّيَادَةَ في الْهَوَى
- رُوَيْداً فَهَذَا الْوَجْدُ آخِرُ مَا عِنْدِي
وَهَأَنَا مُنْقَادٌ كَمَا حَكَمَ الْهَوَى
- لأَمْرِكِ فَاخْشَيْ حُرْمَةَ اللهِ وَالْمَجْدِ
فَلَوْ قُلْتِ قُمْ فَاصْعَدْ إِلَى رَأْس شَاهِقٍ
- وَأَلْقِ إِذَا أَشْرَفْتَ نَفْسَكَ لِلْوَهْدِ
لأَلْقَيْتُهَا طَوْعاً لَعَلَّكِ بَعْدَها
- تَقُولِينَ حَيَّا اللهُ عَهْدَكَ مِنْ عَهْدِ
سَجِيَّةُ نَفْسٍ لا تَخُونُ خَلِيلَهَا
- وَلا تَرْكَبُ الأَهْوَالَ إِلَّا عَلَى عَمْدِ
وَإِنِّي لَمِقْدَامٌ عَلَى الْهَوْلِ وَالرَّدَى
- بِنَفْسِي وَفِي الإِقْدَامِ بِالنَّفْسِ مَا يُرْدِي
وَإِنِّي لَقَوَّالٌ إِذَا الْتَبَسَ الْهُدَى
- وَجَارَتْ حُلُومُ الْقَوْمِ عَنْ سَنَنِ الْقَصْدِ
فَإِنْ صُلْتُ فَدَّانِي الْكَمِيُّ بِنَفْسِهِ
- وَإِنْ قُلْتُ لَبَّانِي الْوَلِيدُ مِنَ الْمَهْدِ
وَلِي كُلُّ مَلْسَاءِ الْمُتُونِ غَرِيبَةٍ
- إِذَا أُنْشِدَتْ أَفْضَتْ لِذِكْرِ بَنِي سَعْدِ
أَخَفُّ عَلَى الأَسْمَاعِ مِنْ نَغَمِ الْحُدَا
- وَأَلْطَفُ عِنْدَ الْنَّفْسِ مِنْ زَمَنِ الْوَرْدِ
مُخَدَّرَةٌ تَمْحُو بِأَذْيَالِ حُسْنِهَا
- أَسَاطِيرَ مَنْ قَبْلِي وَتُعْجِزُ مَنْ بَعْدِي
كَذَلِكَ إِنِّي قَائِلٌ ثُمَّ فَاعِلٌ
- فِعَالِي وَغَيرِي قَدْ يُنِيرُ وَلا يُسْدِي[١]
الأفكار الرئيسة في القصيدة
فيما يأتي أبرز الأفكار في قصيدة البارودي:"ترحل من وادي":
- حزْن الشاعر على بُعدِه عن دياره.
- وصْف الشاعر لحاله بعد مغادرته ديار الوطن.
- وصْف الشاعر ما يلاقيه في جزيرة سرنديب في المنفى عن الوطن.
- وصْف الطبيعة في سرنديب وتذكيرها إيّاه بموطنه.
- وصْف وادي الأراكة في وطنه ومدى شوقه له.
معاني المفردات في القصيدة
من معاني المفردات الواردة في قصيدة البارودي ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
الوجد | الوجد بمعنى الحزن.[٢] |
مسٌّ | الأذى الذي تُسبّبه الشياطين للبشر، قريب من الجنون.[٣] |
سهدي | السهد هو الأرق وعدم استطاعة النوم.[٤] |
موهِنًا | الموهِن الوقت نحو منتصف الليل.[٥] |
سَبَتْني | أسرتني.[٦] |
الدجنّة | الدجنّة الظلام والسواد.[٧] |
الصور الفنية في القصيدة
من أبرز الصور الفنية في قصيدة البارودي:
- تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ
شبّه الوجْد بشيء يُحمل مع الإنسان إذا سافر، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- حُرَقِ الْوَجْدِ
شبّه الوجد بالنار التي تُحرق، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- الشُّهْبُ حَيْرَى
شبّه الشهب بالإنسان الذي يحار، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
المراجع
- ↑ "ترحل من وادي الأراكة بالوجد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022.
- ↑ "تعريف و معنى الوجد في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى المس في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى السهد في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى موهنا في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022. بتصرّف.
- ↑ المعاني، "معنى مفردة السبي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 7/4/2022. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى دجنة في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2022. بتصرّف.