شرح قصيدة جميل بثينة ألا ليت أيام الصّفاء جديد

كتابة:
شرح قصيدة جميل بثينة ألا ليت أيام الصّفاء جديد


شرح قصيدة جميل بثينة ألا ليت أيام الصّفاء جديد

قال الشاعر جميل بثينة:[١]

أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ

وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ

فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ

قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ

وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها

وَقَد قُرِّبَت نَضوي أَمِصرَ تُريدُ

وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى

لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ

خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ

وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ

أَلا قَد أَرى وَاللَهِ أَن رُبَّ عُبرَةٍ

إِذا الدار شَطَّت بَينَنا سَتَزيدُ

إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي

مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ

وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ

تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ

فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً

وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ

جَزَتْكِ الجَوازي يا بُثَينَ سَلامَةً

إِذا ما خَليلٌ بانَ وَهُوَ حَميدُ

وَقُلْتُ لَها بَيني وَبَينَكِ فَاِعلَمي

مِنَ اللَهِ ميثاقٌ لَهُ وَعُهودُ

وَقَد كانَ حُبّيكُم طَريفاً وَتالِداً

وَما الحُبُّ إِلّا طارِفٌ وَتَليدُ

وَإِنَّ عَروضَ الوَصلِ بَيني وَبَينَها

وَإِن سَهَّلَتهُ بِالمُنى لَكَؤودُ

وَأَفنَيتُ عُمري بِاِنتِظارِيَ وَعدَها

وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ

فَلَيتَ وُشاةَ الناسِ بَيني وَبَينَها

يَدوفُ لَهُم سُمّاً طَماطِمُ سودُ

وَلَيتَهُمُ في كُلِّ ممسىً وَشارِقٍ

تُضاعفُ أَكبالٌ لَهُم وَقُيودُ

وَيَحسَبُ نِسوانٌ مِنَ الجَهلِ أَنَّني

إِذا جِئتُ إِيّاهُنَّ كُنتُ أُريدُ

فَأَقسِمُ طَرفي بَينَهُنَّ فَيَستَوي

وَفي الصَدرِ بَونٌ بَينَهُنَّ بَعيدُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ

وَهَل أَهبِطَن أَرضاً تَظَلُّ رِياحُها

لَها بِالثَنايا القاوِياتِ وَئيدُ

وَهَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً

وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ

وَقَد تَلتَقي الأَشتاتُ بَعدَ تَفَرُّقٍ

وَقَد تُدرَكُ الحاجاتُ وَهيَ بَعيدُ

وَهَل أَزجُرَن حَرفاً عَلاةً شِمِلَّةً

بِخَرقٍ تُباريها سواهِمُ قودُ

عَلى ظَهرِ مَرهوبٍ كَأَنَّ نَشوزَهُ

إِذا جازَ هُلّاكُ الطَريقِ رُقودُ

سَبَتني بِعَينَي جُؤذُرٍ وَسطَ رَبرَبٍ

وَصَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ وَجيدُ

تَزيفُ كَما زافَت إِلى سَلِفاتِها

مُباهِيَةٌ طَيَّ الوِشاحِ مَيودُ

إِذا جِئتُها يَوماً مِنَ الدَهرِ زائِراً

تَعَرَّضَ مَنفوضُ اليَدَينِ صَدودُ

يَصُدّ وَيُغضي عَن هَوايَ وَيَجتَني

ذَنوباً عَلَيها إِنَّهُ لَعَنودُ

فَأَصرِمُها خَوفاً كَأَنّي مُجانِبٌ

وَيَغفلُ عَنّا مَرَّةً فَنَعودُ

وَمَن يُعطَ في الدُنيا قَريناً كَمِثلِها

فَذَلِكَ في عَيشِ الحَياةِ رَشيدُ

يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها

وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ

يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بِغَزوَةٍ

وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ

لِكُلِّ حَديثٍ بَينَهُنَّ بَشاشَةٌ

وَكُلُّ قَتيلٍ عِندَهُنَّ شَهيدُ

وَأَحسَنُ أَيّامي وَأَبهَجُ عيشَتي

إِذا هيجَ بي يَوماً وَهُنَّ قُعودُ

تَذَكَّرتُ لَيلى فَالفُؤادُ عَميدُ

وَشَطَّت نَواها فَالمَزارُ بَعيدُ

عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل

إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ

فَما ذُكِرَ الخلّانُ إِلّا ذَكَرتُها

وَلا البُخلُ إِلّا قُلتُ سَوفَ تَجودُ

إِذا فَكَّرَت قالَت قَدِ اِدرَكتُ وُدَّهُ

وَما ضَرَّني بُخلي فَكَيفَ أَجودُ

فَلَو تُكشَفُ الأَحشاءُ صودِفَ تَحتُها

لبَثنَةَ حُبٌّ طارِفٌ وَتَليدُ

أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ ذي الوَدعِ أَنَّني

أُضاحِكُ ذِكراكُم وَأَنتِ صَلودُ

فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً

تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ

وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري

فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ


الأفكار الرئيسة في القصيدة

وردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة وهي كالآتي:

  • الحزن على أيام الشباب التي ضاعت والدهر الذي لن يعود وحب بثينة الذي ما زال يُعاني منه.
  • بكاء الشاعر على بُعد دياره عن ديار بثينة، ووعدها له بالزيارة لولا الوشاة.
  • إرث الشاعر لحب بثينة كابرًا عن كابر.
  • كذب الوشاة فيما نقلوه لبثينة من رغبة جميل بغيرها.
  • عذل النّاس لجميل والحال التي وصل إليها بسبب ذلك الحب.
  • تمني لقاء المحبوبة في يوم من الأيام.


شرح المفردات في القصيدة

من المفردات التي وردت في القصيدة ولا بدّ من شرحها ما يأتي:
المفردة
المعنى
الوجد
أي الحب الكبير والشغف العميق.[٢]
تليد
أي قديم جدًّا وأصيل.[٣]
صلود
شديد البخل.[٤]
وئيد
صوت الأقدام لمّا تطأ على الأرض.[٥]
ربرب
القطيع الذي يكون من الأبقار الوحشية أو من الظباء.[٦]


الصور الفنية في القصيدة

وردت في القصيدة صور فنية من أبرزها ما يأتي:

  • خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ

جعل الوجد مثل الإنسان الذي يتلقى منه الإنسان شيئًا، استعارة مكنية حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.

  • وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ

جعل الدهر مثل الشيء الذي يبلى، استعارة مكنية حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.

  • هَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً

استخدم كلمة ألقين للحديث عمّا يتعرض له من نوائب الدهر، وحمل الكلمة ما لا تحمل على سبيل المجاز.

المراجع

  1. "ألا ليت ريعان الشباب "، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022.
  2. "تعريف و معنى الوجد في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  3. "تعريف و معنى تَليدُ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  4. موقع المعاني (17/3/2021)، "تعريف وشرح مفردة صلود"، المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى وَئيدُ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
  6. "تعريف و معنى ربرب في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 8/3/2022. بتصرّف.
6768 مشاهدة
للأعلى للسفل
×