زهير بن أبي سلمى
زهير بن أبي سُلمى ربيعة بن رياح المزني من قرية مزينة، وهو أحدُ أبرز شعراء العصر الجاهلي، وقد عَدّهُ النقاد واحدًا من الشعراء الثلاثة المتقدّمين على باقي الشعراء مع امرئ القيس والنابغة الذبياني، وُلد زهير عام 520م في نجد، وعاش مع أخواله في غطفان، كان زهير شاعرًا حكيمًا، وتُشير أشعاره إلى أنَّه لم يكن يعبد الأصنام كأقرانه في الجاهلية، فقيل كان يؤمن بملة إبراهيم، كان أبوه شاعرًا وكانت أخته الخنساء الشاعرة المعروفة، وكان ابنه الشاعر كعب بن زهير صاحب قصيدة البردة، وقد تُوفِّي 608م، وهذا المقال سيتناول شرح قصيدة حكم شعرية لزهير، والحديث عن معاني هذه القصيدة أيضًا. [١]
شرح قصيدة حكم شعرية
زهير بن أبي سلمى الحكيم الشاعر، صاحب الحوليّات، أحد شعراء الجاهلية وشاعر من شعراء المعلقات السبع، عاش زهير طويلًا وخاض تجارب كثيرة في هذه الحياة، فكان أحد حكماء عصره، وكتب كثيرًا من شعر الحكمة، وهذا شرح قصيدة حكم شعرية للشاعر زهير بن أبي سُلمى، والتي يقول فيها: [٢]
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
يبدأ زهير بن أبي سُلمى قصيدته ككلِّ الشعراء الجاهليين، الذين كانوا يقفون على أطلال المحبوبة في مطالع قصائدهم، فيتساءل عن ديار أم أوفى، وهنا يشير الشاعر إلى أنّ السنوات مرت حتَّى لم تعد أم أوفى تعرفه وتعرف عهده بها، وحومانة الدراج والمتثلم هذه أسماء أماكن وأسماء الديار اليت كانت تسكنها أم أوفى والتي كان يقف الشاعر على أطلالها.
ثمَّ يتابع زهير بالوصف، فيقول إنَّه رأى الحُمُر الوحشية الحوراء، والظباء تمشي في ديار أم أوفى التي عفت ودرست رسومها وهاجر أهلها، ورأى صغار هذه الحيوانات تنهض خلف أمهاتها، وهذا دليل على استقرار الحيوانات في هذه المنطقة ودليل على طول الفترة الزمنية التي غادر فيها أهل أم أوفى هذه المنطقة.
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها أَلا عِم صَباحًا أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ
يقول إنَّه وقف على أطلال هذه الديار -ديار أم أوفى- بعد عشرين سنة، فعرف الديار بعد جُهد وتعب شديدين، وبعد أن ظنَّ الدار غير الدار والبلاد غير البلاد. فلما عرف الديار سلَّم على أهلها ودعا له بالسلامة والأمن، سلَّم على الربع الذي غادر منذ زمن بعيد.
سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ
يَمينًا لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
في هذين البيتين ينتقل الشاعر إلى غرض القصيدة الرئيس، وهو مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف، وهذان الرجلان هما من أوقفا الحرب بين عبس وذبيان، فيقول: لقد سعى رجلان في صلاح هذا الخطب. ثمَّ يقسم الشاعر بالبيت الذي طاف حوله الرجال من القبائل العربية، يقسم بقداسة هذا البيت. ثمَّ يقول أقسم يمينًا بالبيت وقداسته، لقد كنتما يا هرم بن سنان والحارث بن عوف خير رجلين في فعلكما هذا، فقد حقنتم الدماء وتداركتم الناس.
تَدارَكتُما عَبسًا وَذُبيانَ بَعدَما تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعًا بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
ثمّ يقول: لقد تداركتما قبيلتي عبس وذبيان بعد أن أعلن كلٌّ منهما الحرب على الآخر، وقُلتما إنَّ السلم أفضل من الحرب ولو احتاج دفع المال حتَّى يكون فلا بأ؛ لأن الحرب مجلبة للدم والهلاك، فأصبحتم خير الناس في عملكم هذا بعيدين كلَّ البعد عن العقوق والذنوب والآثام.
معاني قصيدة حكم شعرية
جديرٌ بالذكر بعد شرح قصيدة حكم شعرية أن يتم المرور على أبرز ما جاء في هذا النص من معانٍ، وفي هذا السياق لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سُلمى شاعر من الحكماء، وأحد أشهر من كتب شعر الحكمة حتَّى أصبحت أشعاره على كلِّ لسان، تُضرب بها الأمثال ويستشهد الناس بما فيها من معانٍ قيمة، وفي نص حكم شعرية أظهر الشاعر وأكَّد على قضية الوقوف على الأطلال التي بدأت عند امرئ القيس وتابع بعده الشعراء العرب الجاهليون، فوقف زهير على أطلال أم أوفى، ووصف غياب أهلها وخلوَّ الدار من الناس، في قوله: [٣]
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
ثمَّ وصف حال هذه الديار بعد ستين سنة، وهذا من الأشياء التي كان يُكثر منها شعراء الجاهلية في مطالع قصائدهم، حيث قال:
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
وبعد هذه الوقفة المعتادة، كان الشعراء الجاهليون ينتقلون من المقدمة الجاهلية الطللية إلى غرض القصيدة الرئيس، وهذا ما فعله زهير بن أبي سُلمى، حيث انتقل إلى مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف الذين كان لهما اليد الأولى في إيقاف الحرب بين عيس وذبيان، فقال:
يَمينًا لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
تَدارَكتُما عَبسًا وَذُبيانَ بَعدَما تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
ولم يخلُ شعر زهير من الحكمة، فقد أوضح في نصه هذا حكمة عابرة ولو كانت مضمنة تضمينًا خفيًا بعض الشيء، فهو يقول:
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعًا بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
وفي هذين البيتين يسرد زهير حكمة عابرة، وهي إنَّ على الناس أن يتداركوا الحرب ويسعوا إلى إيقافها بشتى الوسائل فهي تجلب الخراب والهلاك والموت، وإنَّ من يسعى بين الناس بالسلم فهو خال من العقوق والذنوب.
المراجع
- ↑ زهير بن أبي سلمى, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 19-02-2019، بتصرّف
- ↑ أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 21-02-2019، بتصرّف
- ↑ أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ, ، "www.aldiwan.net"، اطُّلِع عليه بتاريخ 21-02-2019، بتصرّف