شرح قصيدة رفيقة الدرب للجواهري

كتابة:
شرح قصيدة رفيقة الدرب للجواهري

الجواهري

محمد مهدي الجواهري شاعر عراقي شهير، من أهم الشعراء العرب في العصر الحديث ولُقب بشاعر العرب الأكبر، ولد في عام 1899م في مدينة النجف الأشرف ونشأ فيها، وترعرع في أسرة أدب وعلم ودرس اللغة العربية وعلومها وحفظ أشعار الأقدمين وخصوصًا أشعار المتنبي، تميزت قصائده بجزالة النسج وجمال الديباجة، حيثُ التزم بالشعر التقليدي العمودي في أشعاره، وتناول مواضيع الثورة على الأوضاع السياسية والاجتماعية السيئة بالإضافة إلى التجارب الشخصية والمناسبات والمدح، عمل بالتدريس في أوقات من حياته وتارة في الصحافة وأصدر عدة جرائد، له ديوان شعر ضخم، توفي في دمشق بعيدًا عن وطنه في عام 1997م عن عمر يناهز 98 عامًا، وهذا المقال سيتحدث عن شرح قصيدة رفيقة الدرب للجواهري.[١]

شرح قصيدة رفيقة الدرب للجواهري

تناول الشاعر محمد مهدي الجواهري في قصائده العديد من المناسبات والمواضيع الاجتماعية والتجارب الشخصية مقتديًا بشعره بالشعراء العرب قديمًا، وفي قصيدة رفيقة الدرب يحاول الشاعر أن يطرقَ تجربةً غايةً في الأهمية وهي فقدان زوجته ورفيقة حياته، وما ترك من آثار عميقةً في نفسه، ليحوِّل الألم وقسوة الفاجعة إلى قصيدة عملاقة جسَّدت ما هاجَ في نفسه من حزن وأسى، وفيما يأتي شرح الأبيات بعد إدراج قصيدة رفيقة الدرب:[٢]

حُييَّتِ أُمَّ فُراتٍ إنَّ والدة

بمثلِ ما أنجبَتْ تُكنى بما تَلِد

تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها بُدّاً

وإنْ قامَ سدًّا بيننا اللَحد

بالرُوح رُدِّي عليها إنّها صِلةٌ

بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَسد!

خَلعتُ ثوبَ اصطِبارٍ كانَ يَستُرنُي

وبانَ كِذبُ ادِعائي أنَّني جَلِد

بكَيتُ حتَّى بكا من ليسَ يعرِفُني

ونُحتُ حتَّى حكاني طائرٌ غَرِد

كما تَفجَّرَ عَينًا ثرَّةً حجَرٌ

قاسٍ تفَجَّرَ دمعًا قلبيَ الصَلد

ناجيتُ قَبرَكِ استوحي غياهِبَهُ

عن ْحالِ ضيفٍ عليهُ مُعجَلًا يفد

كُنَّا كنبَتةِ رَيحانٍ تخطَّمَها

صِرٌّ، فأوراقُها مَنزوعَةٌ بَدد

غَّطى جناحاكِ أطفالي فكُنتِ لهُمْ

ثغرًا إذا استيقَظوا، عِينًا اذا رقَدوا

شتى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها

فهلْ يكونُ وَفاءً أنني كمِد
  • البيت الأول: يبدأ الشاعر قصيدته هنا بإلقاء التحيَّة على زوجته الفقيدة أم فرات، ويؤكدُ أنَّ الأم تسمَّى بمن تلدُ وتُكنَّى بهم.
  • البيت الثاني: وهذه التحية التي أبثُّها لكِ يجب أن ألقيها عليك لأنها تعبر عن حرقتي وحبي، حتى لو فرَّق بيننا القبر.
  • البيت الثالث: وأطلب منكِ أن تردي التحيةَ بروحك، فالأرواح صلة الوصل بين المحبين حيثُ لا ينفع الجسد في الحب.
  • البيت الرابع: لقد نزعتُ عني ثوب الصبر الذي كنتُ أرتديه، وظهر كذبي بأنَّني كنتُ صبورًا على فراقك.
  • البيت الخامس: ومن كثرةِ بكائي عليكِ صار يبكي معي الجميعُ حتَّى من لا يعرفني، ومن كثرة ما نحتُ حزنًا صارت الطيور المغردة تنوح معي.
  • البيت السادس: ومثلما ينبع الماء الغزير من الحجر الصلب تفجر ونبع الدمع في قلبي القاسي.
  • البيت السابع: لقد خاطبت قبرك لأسال ظلمته أعماقه عن أحوال الضيف الذي أتاه مسرعًا.
  • البيت الثامن: كنت أنا وأنت مثل نبتة ريحان ضربتها رياح عاصفة وبعثرت أوراقها في كل الجهات.
  • البيت التاسع: لقد كنت حنونةً رقيقةً على أولادي، تتبسمين لهم كل صباح وترعاهم عينك وهم نيام.
  • البيت العاشر: لكِ عليَّ حقوق كثيرة لم أستطع أداءها، فهل يكون حزني وكمدي عليك وفاءً لها.

معاني الأبيات في قصيدة رفيقة الدرب

أظهر الشاعر في أبيات قصيدة رفيقة الدرب حالته المنفعلة حزنًا وألمًا على زوجته، وعبَّر عن ذلك بأسلوب فنِّيٍّ بديع، حيثُ ألقى التحية عليها وناداها بكنيتها وهو يشعر بوجوب إلقاء هذه التحية التي لم يمنع القبر من وصولها، ثمَّ يخلع ثوب الصبر معبرًا عن جزعه لتلك الفاجعة وهي صورة فريدة في التعبير عن الألم، ومن جماليات التعبير في الأبيات بكاء كل الناس مع الشاعر حتى من لا يعرفه لكثرة بكائه، وفيما يأتي سيتم إدراج معاني الأبيات:[٣]

  • الشوق والحب الذي ظهر من خلال إلقاء التحية على الزوجة وقد سماها الشاعر بكنيتها تحبُّبًا.
  • الإصرار على التحية رغم البعد الذي سببه الموت.
  • الحزن والألم من خلال البكاء الطويل والنواح المرير.
  • قلة الصبر بعد أن تخلى الشاعر عن الصبر وظهر كذبه بأنه صلبٌ وجلدٌ.
  • التحسُّر على الزوجة وحنانها ورقتها على أولاده.
  • العرفان والاعتراف بحقوق الزوجة التي لم يؤدها الشاعر.

المراجع

  1. "محمد مهدي الجواهري"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
  2. "ناجيت قبرك ..."، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
  3. "الجواهــريّ، حيـنَ تقتلهُ الاحـزان!!!"، www.diwanalarab.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-4-2020. بتصرّف.
45478 مشاهدة
للأعلى للسفل
×