شرح قصيدة سرنديب للبارودي

كتابة:
شرح قصيدة سرنديب للبارودي

نص قصيدة سرنديب للبارودي

قال الشاعر محمود سامي البارودي:[١]

أَسَلَّةُ سَيْفٍ أَمْ عَقِيقَةُ بَارِقِ

أَضَاءَتْ لَنَا وَهْنَاً سَمَاوَةَ بَارِقِ

لَوَى الرَّكْبُ أَعْنَاقَاً إِلَيْهَا خَوَاضِعَاً

بِزَفْرَةِ مَحْزُونٍ وَنَظْرَةِ وَامِقِ

وَفِي حَرَكَاتِ الْبَرقِ لِلشَّوْقِ آيَةٌ

تَدُلُّ عَلَى مَا جَنَّهُ كُلُّ عَاشِقِ

تَفُضُّ جُفُوناً عَنْ دُمُوعٍ سَوَائِلٍ

وَتَفْرِي صُدُورَاً عَنْ قُلُوبٍ خَوَافِقِ

وَكَيْفَ يَعِي سِرَّ الْهَوَى غَيْرُ أَهْلِهِ

وَيَعْرِفُ مَعْنَى الشَّوْقِ مَنْ لَمْ يُفَارِقِ

لَعَمْرُ الْهَوَى إِنِّي لَدُنْ شَفَّنِي النَّوَى

لَفِي وَلَهٍ مِنْ سَوْرَةِ الْوَجْدِ مَاحِقِ

كَفَى بِمُقَامِي فِي سَرَنْدِيبَ غُرْبَةً

نَزَعْتُ بِهَا عَنِّي ثِيَابَ الْعَلائِقِ

وَمَنْ رَامَ نَيْلَ الْعِزِّ فَلْيَصْطَبِرْ عَلَى

لِقَاءِ الْمَنَايَا وَاقْتِحَامِ الْمَضَايِقِ

فَإِنْ تَكُنِ الأَيَّامُ رَنَّقْنَ مَشْرَبِي

وَثَلَّمْنَ حَدِّي بِالْخُطُوبِ الطَّوَارِقِ

فَمَا غَيَّرَتْنِي مِحْنَةٌ عَنْ خَلِيقَتِي

وَلا حَوَّلَتْنِي خُدْعَةٌ عَنْ طَرَائِقِي

وَلَكِنَّنِي بَاقٍ عَلَى مَا يَسُرُّنِي

وَيُغْضِبُ أَعْدَائِي وَيُرْضِي أَصَادِقي

فَحَسْرَةُ بُعْدِي عَنْ حَبِيبٍ مُصَادِقٍ

كَفَرْحَةِ بُعْدِي عَنْ عَدُوٍّ مُمَاذِقِ

فَتِلْكَ بِهَذِي وَالنَّجَاةُ غَنِيمَةٌ

مِنَ النَّاسِ وَالدُّنْيَا مَكِيدَةُ حَاذِقِ

أَلا أَيُّهَا الزَّارِي عَلَيَّ بِجَهْلِهِ

وَلَمْ يَدْرِ أَنِّي دُرَّةٌ فِي الْمَفَارِقِ

تَعَزَّ عَنِ الْعَلْيَاءِ بِاللُّؤْمِ وَاعْتَزِلْ

فَإِنَّ الْعُلا لَيْسَتْ بِلَغْوِ الْمَنَاطِقِ

فَمَا أَنَا مِمَّنْ تَقْبَلُ الضَّيْمَ نَفْسُهُ

وَيَرْضَى بِمَا يَرْضَى بِهِ كُلُّ مَائِقِ

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَنْهَضْ لِمَا فِيهِ مَجْدُهُ

قَضَى وَهْوَ كَلٌّ فِي خُدُورِ الْعَوَاتِقِ

وَأَيُّ حَيَاةٍ لاِمْرِئٍ إِنْ تَنَكَّرَتْ

لَهُ الْحَالُ لَمْ يَعْقِدْ سُيُورَ الْمَنَاطِقِ

فَمَا قُذُفَاتُ الْعِزِّ إِلَّا لِمَاجِدٍ

إِذَا هَمَّ جَلَّى عَزْمُهُ كُلَّ غَاسِقِ

يَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّنِي ثُرْتُ خَالِعاً

وَتِلْكَ هَنَاتٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَلائِقِي

وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِبَاً

رِضَا اللَّهِ وَاسْتَنْهَضْتُ أَهْلَ الْحَقَائِقِ

أَمَرْتُ بِمَعْرُوفٍ وَأَنْكَرْتُ مُنْكَراً

وَذَلِكَ حُكْمٌ فِي رِقَابِ الْخَلائِقِ

فَإِنْ كَانَ عِصْيَاناً قِيَامِي فَإِنَّنِي

أَرَدْتُ بِعِصْيَانِي إِطَاعَةَ خَالِقِي

وَهَلْ دَعْوَةُ الشُّورَى عَلَيَّ غَضَاضَةٌ

وَفِيهَا لِمَنْ يَبْغِي الْهُدَى كُلُّ فَارِقِ

بَلَى إِنَّها فَرْضٌ مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ

عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ مَسُوقٍ وَسَائِقِ

وَكَيْفَ يَكُونُ الْمَرْءُ حُرَّاً مُهَذَّباً

وَيَرْضَى بِمَا يَأْتِي بِهِ كُلُّ فَاسِقِ

فَإِنْ نَافَقَ الأَقْوَامُ فِي الدِّينِ غَدْرَةً

فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ غَيْرُ مُنَافِقِ

عَلَى أَنَّنِي لَمْ آلُ نُصْحَاً لِمَعْشَرٍ

أَبَى غَدْرُهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا قَوْلَ صَادِقِ

رَأَوْا أَنْ يَسُوسُوا النَّاسَ قَهْرَاً فَأَسْرَعُوا

إِلَى نَقْضِ مَا شَادَتْهُ أَيْدِي الْوَثَائِقِ

فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الظُّلْمُ قَامَتْ عِصَابَةٌ

مِنَ الْجُنْدِ تَسْعَى تَحْتَ ظِلِّ الْخَوَافِقِ

وَشَايَعَهُمْ أَهْلُ الْبِلادِ فَأَقْبَلُوا

إِلَيْهِمْ سِرَاعاً بَيْنَ آتٍ وَلاحِقِ

يَرُومُونَ مِنْ مَوْلَى الْبِلادِ نَفَاذَ مَا

تَأَلَّاهُ مِنْ وَعْدٍ إِلَى النَّاسِ صَادِقِ

فَلَمَّا أَبَى الْحُكَّامُ إِلَّا تَمَادِيَاً

وَحَالَ طِلابُ الْحَقِّ دُونَ التَّوَافُقِ

أُنَاسٌ شَرَوْا خِزْيَ الضَّلالَةِ بِالْهُدَى

نِفَاقاً وَبَاعُوا الدِّينَ مِنْهُم بِدَانِقِ

فَجَاؤُوا إِلَيْهِمْ يَنْصُرُونَ ضَلالَهُمْ

بِخُدْعَةِ مُغْتَالٍ وَحِيلَةِ سَارِقِ

فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا فِي الْبِلادِ وَأَيْقَنُوا

بِعَجْزِ الْمُحَامِي دُونَهَا وَالْموَاثِقِ

أَقَامُوا وَقَالُوا تِلْكَ يَا قَوْمُ أَرْضُنَا

وَمَا أَحَدٌ مِنَّا لَهَا بِمُفَارِقِ

وَعَاثُوا بِهَا يَنْفُونَ مَنْ خِيفَ بِأْسُهُ

عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ تِلْكَ إِحْدَى الْبَوائِقِ

وَأَصْبَحَ وَادِي النَّيلِ نَهْبَاً وَأَصْبَحَتْ

إِمَارَتُهُ الْقَعْسَاءُ نُهْزَةَ مَارِقِ

فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ فَلا تَسَلْ

سِوَايَ فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْحَقَائِقِ

الأفكار الرئيسة في قصيدة سرنديب للبارودي

وردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة، وهي كالآتي:

  • الآلام التي يُعاني منها كل عاشق وتذكره لعشقه في آلاء الطبيعة.
  • شوق الشاعر إلى وطنه مصر وشعوره بالألم في الغربة عن وطنه.
  • بقاء الشاعر على فطرته وطبيعته مع تحول صروف الدهر وتغيرها.
  • عدم ركون الشاعر إلى المهانة وطلبه العلا دائمًا.
  • رغبة الشاعر في إقامة المعروف والنهي عن المنكر والوصول إلى الفضيلة في الحياة.
  • عدم قدرة الشاعر على احتمال الظلم والظالمين والمنافقين.

شرح المفردات في قصيدة سرنديب للبارودي

وردت في القصيدة مفردات عديدة غير مفهومة لا بُدّ من شرحها وبيانها، وهي كالآتي:
المفردات
المعاني
وامق
العاشقان اللذان يُحب كلّ واحد منهما الآخر دون خوف أو ريبة.[٢]
تفض
تنهي الأمر وتحسم الجدال.[٣]
رام
أراد وبغى وأحب.[٤]
النوى
البعد والغربة.[٥]
الضَّلالَةِ
ضد الهدى والرشاد.[٦]
الْبَوائِقِ
جمع بائقة، وهي الشر والداهية.[٧]

الصور الفنية في قصيدة سرنديب للبارودي

وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية التي لا بُدّ من الوقوف معها وبيانها، وهي كالآتي:

  • أَضَاءَتْ لَنَا وَهْنَاً

جعل الوهن مثل الشيء الذي يُضاء، فحذف المشبه به وأبقي على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.

  • وَكَيْفَ يَعِي سِرَّ الْهَوَى غَيْرُ أَهْلِهِ

جعل الهوى مثل الإنسان الذي له أهل، فحذف المشبه به وأبقي على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.

  • لِقَاءِ الْمَنَايَا

جعل المنايا مثل الإنسان الذي يُمكن لقاؤه، فحذف المشبه به وأبقي على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.

المراجع

  1. "أسلة سيف أم عقيقة بارق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/3/2022.
  2. "تعريف و معنى وامق في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
  3. "تعريف و معنى تفض في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
  4. "تعريف و معنى رام في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى النوى في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
  6. "تعريف و معنى الضلالة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
  7. "تعريف و معنى الْبَوائِقِ في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 6/4/2022. بتصرّف.
8598 مشاهدة
للأعلى للسفل
×