محتويات
شرح قصيدة ليلى الأخيلية في رثاء توبة
شرح قصيدة ليلى الأخيلية في رثاء توبة فيما يأتي:
شرح المقطع الأول
أيا عَيْنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ
- بسَحٍّ كَفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ
لِتَبْكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَةٍ نِسْوَةٌ
:::بماءِ شُؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ[١]
في هذا المقطع نجد أنّ الشاعرة ولجت موضوع القصيدة ولبها مباشرة دون أي مقدمات، فنراها تتحدث في رثاء محبوبها توبة المعروف بمجنون ليلى، وهذا الأمر مباح عند العرب في موضوع الرثاء، إذ يجوز للشاعر أن يدخل بالموضوع مباشرة دون مقدمة غزلية أو طللية.
ونجد أنّ الشاعرة تطالب عينها بالبكاء على توبة بن حُميِّر، وأن يكون هذا البكاء مدرارًا مثل جدول نهر متفجر ينبعث منه الماء بسرعة وغزارة، فالشاعرة تعاني من ألم الحزن على توبة، ولا تجد سبيلا إلا البكاء عليه بكاءً شديدًا، حتى تُطفئ لوعتها وحزنها.
ولا تكتفي الشاعر أن تبكي على توبة وحدها، بل نراها تطالب نسوة بني خفاجة أن يبكين معها عليه، فهو رجل يستحق بكاءً وعويلاً على فقده، إذ نال حب ليلى الأخيلية، وهام به وجُن وهام على وجهه في البراري، فهو مثالٌ للعاشق المتيم.
شرح المقطع الثاني
سَمِعْنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ
- ولا يَبْعَثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ
كأنَّ فَتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَسِرْ
- بِنَجْدٍ ولَمْ يَطْلُعْ مَعَ المُتَغَوِّرِ
ولَمْ يَرِدِ الماءَ السِّدامَ إذا بَدا
- سَنا الصُّبْح في بادِي الجَواشي مُوَّرِ
ولَمْ يَغْلِبِ الخَصْمَ الضِّجاجَ ويَمْلأ
- الجِفانَ سَدِيفاً يَوْمَ نَكْباءَ صَرْصَرِ
ولَمْ يَعْلُ بالجُرْدِ الجِيادِ يَقُودُها
- بسُرَّةَ بَيْنَ الأَشْمَساتِ فأَيْصُرِ[١]
ونرى الشاعرة في هذه الأبيات تتحدث عن موت توبة ولحظة وصول نبأ موته، وكيف أنّ هذا النبأ أصبح ذكرى مخلدةً في وجدانها، فقد شكل موت توبة صدمةً عاطفيةً لها، وصار تذكره يثير الحزن والألم في قلبها، حتى أنّ الشاعرة تعلن لنا أن التذكر هو سبب كل حزن وألم.
ومن ثم نجد أنّ الشاعرة تعبر لنا بتعبير أعمق عن مدى حزنها على توبة، فتصفه بأنه فتى الفتيان، فقد كان سيدًا في نظرها، إلا أنّه اليوم ميت وكأنّه لم يكن في هذه الحياة، فالشاعرة تعاني من أزمة تجاه الموت، فهو يزيل كل أثر مادي للإنسان من الحياة، ولا يبقى إلا الذكرى له في قلوب أحباب.
وبعد أن أظهرت الشاعرة مدى حزنها وألمها على توبة، نراها تنتقل إلى ذكر صفاته ومآثره في الحياة، فقد كان من أفضل الفرسان وأعفهم نفسًا فلا يشرب إلا من الماء الزلال الصافي، فهو شجاع يدخل إلى حمى أي قبيلة، ويشرب من واحتها، بالإضافة إلى أنّه كان بارعًا في ركوب الخيل، وفارسًا شجاعًا غلب الخصوم القوية، ولم يهرب من المعارك.
شرح المقطع الثالث
وصَحْراءَ مَوْماةٍ يَحارُ بها القَطا
- قَطَعْتَ عَلى هَوْلِ الجِنانِ بِمِنْسَرِ
يَقُودُونَ قُبّاً كالسَّراحِينِ لاحَها
- سُراهُمْ وسَيْرُ الرّاكِبِ المُتَهَجِّرِ
فَلَمَّا بَدَتْ أَرْضُ العَدُوِّ سَقَيْتَها
- مُجاجَ بَقِيّاتِ المَزادِ المُقَيَّرِ
ولَمّا أَهابُوا بالنِّهابِ حَوَيْتَها
- بخاظِي البَضِيعِ كَرُّهُ غَيْرُ أَعْسَرِ
مُمَرٍّ كَكَرِّ الأنْدَرِيّ مُثابِرٍ
- إذا ما وَنَيْنَ مُهَلِبِ الشَدِّ مُحْضِرِ
فألْوَتْ بأعْناقٍ طِوالٍ وَراعَها
- صَلاصِلُ بِيضٍ سابغٍ وسَنَوَّرِ
أَلَمْ تَرَ أنَّ العَبْدَ يَقْتُلُ رَبَّهُ
- فَيَظْهَرُ جَدُّ العبدِ مِنْ غَيْرِ مَظْهَرِ
قَتَلْتُمْ فَتىً لا يُسْقِطُ الرَّوْعُ رُمْحَهُ
- إذا الخَيْلُ جالَتْ في قناً مُتَكَسِّرِ
فَيا تَوْبَ للهَيْجا ويا تَوْبَ للنَّدى
- ويا تَوْبَ لِلْمُسْتَنْبحِ المُتَنَوِّرِ
أَلا رُبَّ مَكْرُوبٍ أَجَبْتَ ونائِلٍ
- بَذَلْتَ ومَعْرُوفٍ لَدَيْكَ ومُنْكَرِ
فأحْرَزْتَ مِنْهُ ما أَرَدْتَ بقُدْرَةٍ
- وسَطْوَةِ جبّارٍ وإقدامِ قَسْوَرِ[١]
في هذا المقطع تتحدث الشاعرة عن مقتل توبة، ففي البداية تحكي لنا الشاعرة عن كون توبة غزا ديار أعدائه، فقد هاجمهم وهو مكرٌ عليهم فقتل منهم الكثير، وصب الرعب في قلوبهم، إلا أنّهم تمكنوا منه، وتكاثروا عليه وقتلوه، فكان مثل السيد العظيم الذي قتلته العبيد.
ونرى الشاعرة تحقر أعداء توبة، فهم مثل العبيد في نظرها، ونراها تعيب عليهم قتله فهو فتى صاحب سيادة ومكانة وفارس لا يترك رمحه إلا بعد أن يموت، ومن ثم نجد أن الشاعرة تعود للبكاء عليه، وتختم قصيدتها بالثناء على توبة، وذكر شجاعته فعلى الرغم من موته، إلا أنه مات ميتةً مشرفة تليق بالجبابرة والفرسان الأشداء.
معاني الكلمات المهمة في القصيدة
إنّ هذه القصيدة تنتمي لأنموذج من نماذج الشعر العربي القديم، إذ تختزل القصيدة ألفاظًا معجمية غريبة تحتاج إلى توضيح، وهي كالآتي:[٢]الكلمة | المعنى |
المتغور | المنفجر[٣] |
السدام | الماء الذي تغير لطول ركوده[٤] |
سديفًا | لحم السنام[٥] |
السراحين | الخارجين في الصباح الباكر[٦] |
خاظي | الغليظ الصلب[٧] |
الأفكار الرئيسة في القصيدة
تناولت هذه القصيدة موضوعًا واحدًا بين طياتها وهو رثاء توبة، إلا أنها تفرعت لأفكار عدة هي كالآتي:
- تحدثت الشاعرة عن استقرار ذكرى توبة في قلبها، فهي ذكرى حزينة لن تنساها أبدًا.
- تحدثت الشاعرة عن مآثر توبة وصفاته الحسنة.
- تحدثت الشاعرة عن مقتل توبة وافتخارها به وبشجاعته.
الصور الفنية في القصيدة
استحضرت الشاعرة بعض الصور الفنية والتشبيهات في قصيدتا وهي كالآتي:
- شبهت الشاعرة في البيت الأول عينها في بكائها على توبة بجدول الماء الغزير المنهمر.
- شبهت الشاعرة توبة في البيت الثاني عشر بالفارس الشجاع المكر على الأعادي.
المراجع
- ^ أ ب ت " أيا عين بكي توبة بن حمير"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022.
- ↑ "معجم المعاني الصفحة الرئيسية"، معجم المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى المتغور"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى السدام"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى سديف"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى سراحين"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2022. بتصرّف.
- ↑ "معنى خاظي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/5/2022. بتصرّف.