شرح قصيدة من فضائل النفس لأبي الفتح البستي

كتابة:
شرح قصيدة من فضائل النفس لأبي الفتح البستي

أبو الفتح البستي

هو أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين بن محمد بن عبد العزيز البستي، وُلد عام 941م في مدينة بست، وتقع بست في يومنا في أفغانستان، وإلى هذه المدينة نِسبتُهُ، وذكر أنّ أبا الفتح ينحدر من أصل عربيّ، حيث يقول أبو الفتح أنّ نسبته إلى عبد شمس، كان مجدًا حتى قيل عنه إنه أوحد عصره في الفضل والعلم والشعر والكتابة، عمل معلمًا ثم كاتبًا في بلاط الدولة الغزنوية، توفي في بخارى سنة 1010م، وقد اُلفَ عن حياته كتابًا بعنوان "أبو الفتح البستي حياته وشعره" ونُشر هذا الكتاب عام 1980، عُرف شعر أبي الفتح بشعر الحكم والفضائل والأخلاق، ومن قصائده المشهورة قصيدة من فضائل النفس التي سوف تُشرح في هذا المقال.[١]


شرح قصيدة من فضائل النفس لأبي الفتح البستي

أبو الفتح في قصيدة "من فضائل النفس" كان واعظًا يخاطب السامع أو المتلقي بأسلوب إيعازي، والإيعاز هو من وسائل الوعظ والإرشاد، وقد تناول الشاعر أبو الفتح في قصيدته مجموعة من الفضائل التي لا بدَّ للإنسان التحلّي بها، وقد استند إلى أقوال الشعراء السابقين والمعاصرين، وضمّن قصيدة من فضائل النفس معانيَ من القرآن الكريم، وقد اشتُهر أبو الفتح بقصائد الحكم والوعظ، شأنه شأن كثير من الشعراء المشهورين بالوعظ مثل أبي العتاهية، وفيما يأتي شرح لأبيات قصيدة من فضائل النفس:

أحسنْ إلى الناس تستعبد قلوبھم

فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ

يُخاطب الشاعر المخاطَب في مطلع قصيدة من فضائل النفس بأسلوب إنشائي طلبي صيغته الأمر، وذلك لأهمية الأمر الذي يذكره أيو الفتح، فيقول للمخاطب: الإحسان يملك القلوب ويأسرها، فكثيرًا ما ملك الإحسان قلوب الناس، وكأنّ أبا الفتح يقول: وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان

وإن أساء مسيء فلیكن لك في

عروض زلته صـــــفح وغفرانُ

يقول الشاعر: إذا ألحق أحد بك الضرر فالتمس لسهوته عذرًا، وكن صاحب أخلاق عالية واصفح عنه، فالمغفرة والعفو أولى من العقاب.

وكن على الدھر معوانًا لذي أمل 

یرجو نداك فإن الحــــر معوانُ

يستمر أبو الفتح بمخاطبه المتلقي بأسلوب الإيعاز، ويقول له: لا بدَّ أن تكون مساعدًا لكل من يأمل في مساعدتك وكرمك، فإن الشخص الحر كثير المساعدة للآخرين.

یا خادم الجسم كم تشقى بخدمته؟

أتطلب الربح مما فیه خسرانُ ؟

هنا الشاعر جاء بالاستفهام والغرض منه الاستغراب، فهو يستغرب من الشخص الذي يكون خادمًا لجسده، وكأن الشاعر يقول: يا أیھا المجد الساعي في خدمة جسده وتحصیل ملذاته وشھواته، أنت بھذا عبد لهذا الجسد، وإن ما تجھد فیه ھو من الخسارة ولیس من الربح في شيء، فعجبًا لك تُنشد الربح فیما فیه الخسارة مؤكدة.

من یزرع الشر یحصد في عواقبه

ندامة ولحصدالزرع إِبـــــــانُ

في هذا البيت يكمل الشاعر خطابه قائلًا: من يزرع سيحصد مازرع، فيا زراع الشر لن تحصد غير ما زرعت، واعلمْ أن لكل بذرة زرعتها وقت لحصادها، وإن تأخر لكنك ستحصد، ولن تحصد غير الندم والخسران، فمن يزرع الشوك لا يحصد به العنبا.

لا تحسبن سرورًا دائمًا أبــــدًا

من سره زمن ساءته أزمانُ

يكمل الشاعر خطابه الذي ألبسه ثوب النصح قائلًا: لا يوجد سرور دائم فكل شيء له نهاية، فهذه حال الدنيا كل يوم في حال، فاعمل خيرًا وكن محسنًا، والشطر الثاني من هذا البيت اقتبسه أبو الفتح من قول أبي البقاء الرندي:

هي الأيام كما شاهدتها دولٌ

من سرّه زمن ساءته أزمانُ

والشاعران يتحدثان عن الفكرة ذاتها أن لا شيء دائم على حاله في هذه الدنيا.

دع التكاسل في الخيرات تقبلها

فليس يسعد بالخيرات كسلانُ

يحث الشاعر سامعه على المثابرة في العمل، فمن يعمل خيرًا يحصد الخيرات، ولن يسعد بهذه الخيرات من تكاسل وتواكل على الآخرين.

واشدد یدیك بحبل اللـه معتصمًا

فإنه الركن إن خانتك أركانُ

يؤكد الشاعر فكرته مستفيدًا من معنى الآية: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[٢] أي توكل على الله واعتصم بحبله، فإن الاعتصام بالله هو الشيء الذي لا يخيب ظنك فيه، فاتكل على الله وحده ولا تتكل على أحد سواه.

معاني المفردات في قصيدة من فضائل النفس

الشاعر أبو الفتح في قصيدة من فضائل النفس أجاد في تقديم الحكمة، وقد استخدم الأسلوب الواضح السهل، ولا بدَّ للوعظ والنصح والحكم أن يُكتب بأسلوب سهل يفهمه السامع، ومع أنَّ الشاعر كان أسلوبه سهلًا إلا أن قصيدة من فضائل النفس كانت ذاخرة بالمعاني النبيلة، والصفات القويمة، والخصال الإسلامية الخالصة، مضمنًا معاني كثيرة في قصيدته، فأخذ الحكمة من كل مكان وحاول جمعها في قصيدة من فضائل النفس، ولعل قلة شرح المفردات يعود إلى بساطة القصيدة كما أُسلف، وفيما يلي شرح لبعض المفردات:

  • الإحسان: نقيض الإساءة، وهو فعل الخير.[٣]
  • زلته: سهوته.[٤]
  • نداك: كرمك وعطاؤك وخيرك.[٥]
  • معوان: كثير العون والمساعدة للناس.[٦]
  • إبـــــــان: وقت وحين محدد.[٧]
  • الركن: الشيء القوي الذي يستند إليه الإنسان.[٨]

المراجع

  1. "أبو الفتح البستي"، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-04-10. بتصرّف.
  2. سورة آل عمران، آية:103
  3. "تعريف و معنى إحسان في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  4. "تعريف و معنى زلة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  5. "تعريف و معنى ندى في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  6. "تعريف و معنى معوان في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  7. "تعريف و معنى إبان في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
  8. "تعريف و معنى الركن في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-13. بتصرّف.
8775 مشاهدة
للأعلى للسفل
×