شرح قصيدة (أرج الشباب)

كتابة:
شرح قصيدة (أرج الشباب)


شرح قصيدة (أرج الشباب)

فيما يأتي شرح لقصيدة أرج الشباب:


شرح المقطع الأول

فيما يأتي شرح المقطع الأول:

أرجُ الشبابِ وخمرُه المسكوبُ

لَيفوحُ من أردانِكُمْ ويطيبُ

ومنَ الربيعِ نضارةٌ بوجوهكم

تَنْدىَ ومن شهدِ الحياةِ ضريب

ومنَ الفُتوّةِ سَلْسَلٌ متحدرٌ

مما يفيضُ يكادُ يُترَعُ كوب

وَلأنتُمُ إن غاب نجمٌ يُقتدى

أو حُمَّ خَطبٌ حالِكٌ غِرْبيب

وتأزمت كُرَبٌ، وضاقت خطّةٌ

واستوحشتْ طرقٌ لنا ودُروب

سُرُجٌ تنير الخابطين، وأنْجُمٌ

نغدو على أضوائها وَنَؤُوب

تتجهّمُ الدُّنيا، ويعبسُ باسمٌ

منها، ويعتوِرُ الحياةَ قُطُوب

حتى إذا ابتسمَ "الشبابُ" تذوُّبَتْ

كالغيمِ في الصّحوِ الجميلِ يذوب

يا عاكفينَ على "الدُّروس" كأنَّهُم

غُلْبُ الصُّقورِ من الظَماء تلوب

والعازفين عن اللذائذِ همُّهمْ

"جَرَسٌ" يُدقُّ ومِنبرٌ وخطيب

تركوا مواعيدَ الحِسانِ وعندَهُم

بين المقاعدِ مَوْعدٌ مَضروب

أشهى من الوجهِ الجميلِ إليهمُ

وجهُ "الكتابِ" وَوُدُّهُ المخطوب[١]

يفتتح الشاعر قصيدته في هذا المقطع الذي يتغزل فيه بالشباب، ويفتخر بهم ويُعلي من شأنهم فهم أريج الوطن، ومستقبله المنشود، فيصفهم بأحلى الأوصاف ويشبههم بالربيع، لأن الربيع فصل الحياة والتكاثر والخصب، ومن ثمّ نجده يصفهم بالنجوم التي يُقتدى بها، فهم في نظره أصحاب إنجاز وقدوة، وذخيرة الوطن في الشدائد.


ومن ثم ينتقل الشاعر من غزله الممزوج بالمديح إلى التغني بهؤلاء الشباب العاكفين في مدارسهم وجامعاتهم، وناذرين أنفسهم للعلم، فرؤيتهم على هذه الحال حرك مشاعر الشاعر، ودفعه للافتخار والتغني بهم، فهم في دراستهم وجدِّهم سيبنون العراق وسيجعلونه يزدهر ويرفعونه إلى مصاف الدول المتقدمة.


بالإضافة إلى أن الشاعر يتعجب من ثباتهم وإصرارهم على القراءة والاستفادة، فقد واصلوا دراستهم على الرغم من حضور المغريات، فكان بإمكان أي واحد منهم الخروج في موعد مع فتاة حسناء، لكنهم آثروا البقاء والتعلم، وكان الكتاب امرأة حسناء لا يستطيعون التخلي عن رؤيتها، فهذ الأمر يثير العجب عند الشاعر.


شرح المقطع الثاني

فيما يأتي شرح المقطع الثاني:

إن العراقَ بلا نصيرٍ منكم

وبلا مُجيرٍ، مُقفِرٌ وجديب

عاشت سواعدُكُم فهن ضوامنٌ

أن يُسْتَرَدَّ من الحقوقِ سليب

وَزَكتْ عواطِفُكُمْ فأَيةُ ثروةٍ

منها نكافيءُ مُخلِصاً ونُثيب

وَلأْنتُمُ أنْتُمْ وليس سواكمُ

أملُ البلادِ وذُخْرُها المطلوب

وَلأْنتُمُ إذ لا ضمائرَ تُرْتَجَى

للرافدَيْن، ضمائرٌ وقلوب

ولأنتُمُ إن شوّشتْ صفحاتِنا

مما أُجِدَّ نقائصٌ وذُنوب

الطّاهرونَ كأنهمْ ماءُ السّما

لم يَلْتَصِقْ دَرَنٌّ بِهِمْ وعيوب[١]

في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يتحدث عن العراق وعلاقته بهؤلاء الشباب، فيصف العراق من دونهم بأنه بلا نصير وسيكون فقيرًا قاحلاً لخلوه من الكفاءات العلمية التي تُعمِّرهُ، فالشاعر يثير عاطفة فئة الشباب، ويلهب حسهم الوطني، وليعزز هذا الحس نراه يمتدحهم، ويثني عليهم ويعتبرهم بأنهم أنصار الحق الذي سينهي كل ظلم للناس ويعيد كل حق لصاحبه.

ومن ثم يؤكد الشاعر أنّ الشباب أهم ثروة في العراق، فكل ثرواته الطبيعية بلا قيمة إن لم يكن هنالك طاقات شبابية تديرها وتنتفع منها، فهم أمل البلاد، والسبيل لرفعته وتطوره، إذ إنهم فئةٌ طاهرة مثل طهارة ماء المطر، فسيصينون العراق ويحمونه، ويستمرون في بنائه.


شرح المقطع الثالث

فيما يأتي شرح المقطع الثالث:

إنّا وقد جُزْنا المَدَى وتقاربتْ

آجالُنا وأمضّنا التجريب

وتحالفتْ أطوارُنا وتمازَجَتْ

ونبا بنا التَقريعُ والتأنيب

وتخاذَلَتْ خُطواتُنا من فَرْط ما

جَدَّ السُرى، والشدُّ والتقريب

لنَراكُمُ المثلَ العليَّ لأمّةٍ

ترمي إلى أهدافها وتُصيب

هي أُمّةٌ لم تحتضن آمالها

وغدا إلى أحضانِكُمْ ستؤوب

وغدا يُكفَّرُ والدٌ عما جنى

ظلما على يدِ ابنه ويتوب[١]

في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يقارن جيله والجيل السابق بهذا الجيل الجديد المليء بالنشاط، إذ أصبح كل أبناء جيل الشاعر كبارًا في السن، وقاربت آجالهم أن تنقضي ويرحلوا عن هذه الحياة، لكن اللافت في النظر أنّ الشاعر يقلل من شأن أبناء جيله، فهو جيل تربّى على التأنيب والنهر، فتقوقع على نفسه، ولم يقدم شيئًا أو إنجازًا بخلاف جيل الشباب الحالي.

ونجد أن الجواهري يدعو الشباب بألاّ يكونوا متخاذلين مثل جيله، بل يحفزهم على التجديد والابتكار والطموح، حتى يصيروا مضرب مثل في أمتهم العربية، وليغيروا هذه المعتقدات والعادات البالية في التربية التي تدعو للتخاذل والتقوقع، حتى يندم كل أبٍ على نَهْرِهِ وإحباطه لابنه.


شرح المقطع الرابع

فيما يأتي شرح المقطع الرابع:

فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فَجْرُهُ

منكم وكلُّ مُؤمَّلٍ لَقَريب

وِتَطلّعوا يُنِرِ الطريقَ أمامَكم

قَبَسٌ يشعُّ منارهُ، مَشبوب

وتحالفوا أنْ لا يُفّرِقَ بينكم

غاوٍ ولا يَنْدسَّ فيكُمْ ذيب

وتذكّروا المستعمرينَ فانَّهُمْ

سَوْطٌ على هذي البلادِ وحُوب

فتفهمّوا إنَّ العراق بخيره

وثرائه، لطَغامِهِمْ منهوب

وتميزوا فهناك وجهٌ سافرٌ

منهمْ، وآخرُ بالخنا محجوب

وسويّة في خِزيّةٍ مستعمرٌ

أو مَنْ يُقيمُ مقامَه ويُنيب

إياكُمُ أنْ تُخدعوا بنجاحكم

فيما هو المقروءُ والمكتوب

أو تَحْسَبوُا أن الطريقَ كعهدِكم

بين الصفوفِ "معبّدٌ" ورحيب

إن الحياة سيبلوَنَّ جهادَكم

منها نجاحٌ مرهِقٌ ورسوب

ومُسَهَّدينَ جزاهُمُ عن ليلِهِمْ

اللهُ، والتعليمُ، والتدريب

أضناهُمُ تعبٌ وخيرُ مجاهدٍ

مُضنى يُعَبِّئُ أمّةً "متعوب"[١]

في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يطالب الشباب لتحقيق آمالهم وأهدافهم في إعمار العراق بالصبر والمواظبة عليه، فهناك تحديات كبيرة عليهم مواجهتها ومقاومة الظروف، فينصحهم بضرورة الصبر وأن يكونوا يدًا واحدة متعاونين مع بعضهم بعضًا ضد الظروف الصعبة التي يعيشها العراق.

يطالب الشاعر شباب العراق بأن يبقوا حذرين من الاستعمار، فهو يرفض أن يكون للعراق دولة متقدمة، فهو يريد لها التخلف والتراجع حتى يبقى مسيطرًا على خيرات هذا البلد وما فيه، فنراه يحذرهم منه ومن عملائه الذين يريدون إجهاض مشاريع العراق، فطريق هؤلاء الشباب طريق صعب ولا يُسر فيه، وسيكون عملهم مكافئًا للجهاد في سبيل الله.


شرح المقطع الخامس

فيما يأتي شرح المقطع الخامس:

أأُخيَّ "عبودٌ" ولستَ بمُعوِزٍ

مدحاً ولكنَّ الجُحودَ مَعيب

إن كان مسَّك و "الحسينَ" كلالةٌ

أو كان نالكما عناً ولُغُوب

فلأنتما والشاعرون سويةٌ

كالشمع يَهدي غيرَه ويذوب

أُلاء غرسُكما فهل مِنْ غارسٍ

يزكو كهذا، غرسُه ويَطيب

وهلِ الخلودُ ألَذُّ مما أنتما

فيه، وأمرُ الخالدينَ عجيب

لا يحسبون وجودَهم ووجودُهم

قبلَ الوجودِ، وفوقه محسوب[١]

في هذا المقطع نجد أنّ الشاعر يخاطب شابين اسمهما عبود وحسين، ونراه يمدحهما ويثني عليهما، ويدعوهما إلى عدم الأخذ بأقوال الحاسدين، فنراه يطلب منهما التجاوز عن هذه الأقوال، فهما مثل الشمع الذي يحرق نفسه لإنارة الطريق لغيره، فأفضالهما كبيرة على الناس، حتى أنه يساويهما بالشعراء الكبار.

ومن ثم يتغنى الشاعر بأعمالهم وإنتاجهم، فيشير إلى أن ما يقدمونه من علم ومعرفة مثل الغرس الصالح الذي سينتج ثمرًا صالحًا، وكل ما يقدمانه سيخلده التاريخ، وسيبقى محفوظًا في ذاكرة العراق، وستكون ذكراهم الطيبة أفضل جائزة لهما، إذ سيتم تخليد هذين الاسمين.


معاني الكلمات في القصيدة

تعد هذه القصيدة من قصائد الشعر الحديث، لذا نرى أن أغلب ألفاظها سهلة بسيطة، لكن كان في القصيدة بعض الألفاظ التي بحاجة لتفسير، وهي كالآتي:
المفردة
معنى المفردة
أرج
رائحة العبير والعطر.[٢]
الأردان
مفردها ردن وهو الثوب.[٣]
مسهد
قليل النوم.[٤]
لغوب
جذرها لغب وتعني التعب.[٥]


الأفكار الرئيسة في القصيدة

تناولت هذه القصيدة غير قليل من الأفكار منها ما يأتي:

  1. مدح الشاعر شباب العراق المواظبين في مدارسهم وجامعاتهم، ووصفهم بأنهم أمل العراق ومستقبله.
  2. تغنى الشاعر بصفات هؤلاء الشباب وأخلاقهم.
  3. تحدث الشاعر عن حاجة العراق لهؤلاء الشباب في بناء مستقبله.
  4. تحدث الشاعر عن جيله وضعف همتهم، وبالمقابل ذكر فضل وقوة هذا الجيل الجديد.
  5. مدح الشاعر ممدوحين اثنين من هؤلاء الشباب على وجه الخصوص، وهما عبود وحسين.


الصور الفنية في القصيدة

تناولت هذ القصيدة بعض الصور الفنية منها ما يأتي:[٦]

  1. شبه الشاعر في البيت الأول الشباب بالورود في رائحتها الطيبة.
  2. شبه الشاعر في البيت الثاني الشباب بالربيع في نضارة وجوههم.
  3. شبه الشاعر في البيت الرابع الشباب بالنجوم التي يهتدي بها المسافرون.
  4. شبه الشاعر في البيت الثامن الشباب بالغيمة في كبد السماء الصافية.
  5. شبه الشاعر في البيت الثاني عشر وجه الكتاب بوجه فتاة حسناء جميلة.
  6. شبه الشاعر في البيت السابع عشر الشباب بماء المطر في طهارته.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج " أرج الشباب وخمره المسكوب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022. بتصرّف.
  2. "معنى أرج"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 15/5/2022. بتصرّف.
  3. "معنى أردان"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 15/5/2022. بتصرّف.
  4. "معنى مسهد"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 15/5/2022. بتصرّف.
  5. "معنى لغوب"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 15/5/2022. بتصرّف.
  6. "شرح قصيدة ارج الشباب"، صدى الحلول. بتصرّف.
6374 مشاهدة
للأعلى للسفل
×