شروط الشاهد في المحكمة

كتابة:
شروط الشاهد في المحكمة

أهمية الشهادة

تعدّ الشهادة من أدلّة الإثبات المهمّة في قوانين الإثبات المختلفة، حيث تعدّ الشهادة تصريحًا يقدّمه الإنسان حول وقائع معينة أدركَها بنفسه، ومن واجب كلّ إنسان أن يقوم بآداء الشهادة متى ما دُعي إلى ذلك وفي أي وقت، حيث من الممكن أن تكون الشهادة هي الدليل الوحيد في الدعوى، والتي من خلالها قد يتغيّر مسار الدعوى كليًا، كما أنّها خير مُعينٍ للقاضي لتكوين عقيدته والوصول إلى حكمٍ صحيح بعيدًا عن أي شبهات، لذلك سيتم بيان التعريف بالشهادة، وشروط الشاهد في المحكمة، وحقوق الشاهد، وشهادة الشاهد الواحد.

التعريف بالشهادة

تُعرّف الشهادة على أنّها: "تقرير الإنسان عمّا سمعه أو رآه أو أدركه بإحدى حواسّه في الواقعة التي يشهد عليها"، كما أنّه يتم تعريفها بأنها: "إخبار الإنسان في مجلس القضاء بحقّ لشخص على آخر"، وبالتالي فإن الشهادة تعد طريقًا من الطرق العادية للإثبات في المسائل الجزائية، حيث تنصب مباشرة على واقعة منتجة في الدعوى أدركها الشاهد بإحدى حواسه الخمس نتيجة اتصاله المباشر بالواقعة المشهود عليها، أما إذا كان الشاهد أبكمَ أو أصمّ يتم سماع شهادته عن طريق كتابة أجوبة الأسئلة التي يوجهها له القاضي، وإذا كان لا يستطيع الكتابة يتم الاستعانة بمترجم قانونيّ لمساعدته، وتعدّ الشهادة دليلًا مهمًّا في الإثبات لذلك يحظى باهتمام قاضي الموضوع.[١]

وتعدّ الشهادة من الأدلة الشفوية لأنها تؤدى أمام القاضي بصورةٍ شفوية، ويجب على القاضي أن يُهيئ للشاهد الحرية الكاملة في آدائه للشهادته دون أي تدخلات خارجية من قبل الخصوم أو المحاميين أو الهيئة القضائية نفسها، ولكن من الممكن أن يتاح لمحامي الخصم بتوجيه الأسئلة إلى الشهود ضمن الحدود القانونية، كما أنه يمكن للقاضي أن يستوضح عن بعض الأمور التي ذكرها في شهادته، وبعد الانتهاء من سماع شهادة الشاهد، يتم تدوين شهادته بلغة أقرب إلى لغته.[٢]

شروط الشاهد في المحكمة

يقع على الشاهد التزامات أخلاقية وقانونية، وإذا خالف الشاهد هذه الالتزامات يتعرض للمسؤولية الجزائية، حيث إنّ أول شرط من شروط الشاهد في المحكمة بأن يكون مميزًا وأن يحضر إلى المحكمة عند استدعائه من قبل الجهة المختصّة في المحكمة بذلك بموجب مذكّرة دعوة، وإذا لم يحضر الشاهد بمحض اختياره تقوم المحكمة بإصدار مذكرة إحضار ترغمه على المُثول أمامها، وفي بعض الأحيان قد لا يستطيع الشاهد الحضور أمام المحكمة للإدلاء بشهادته بدواعي المرض.[٣]

فيجب على قاضي الموضوع الانتقال إلى مكان إقامته لسماع شهادته، ومن شروط الشاهد في المحكمة أن يكون شخصًا صادقًا، لذلك يجب أن يُحلف الشاهد اليمين القانونية قبل أداء شهادته أمام الهيئة القضائية، وإذا امتنع الشاهد عن حلف اليمين دون مبرر قانوني أو الإجابة عن الأسئلة التي توجّه إليه، حينها يجوز للمحكمة أن تعاقبه بالسجن لفترة محددة.[٣]

ويعدّ التزام الشاهد بقول الصدق التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا، حيث يتوجّب على الشاهد قول الحقيقة انتصارًا للحقّ وتحقيقًا للعدالة، وإذا لم يقل الحقيقة وثبت للمحكمة كذب شهادته يلاحق بجريمة الزور المنصوص عليها في قانون العقوبات، لكن من الممكن للشاهد أن يعودَ عن شهادته الكاذبة قبل اختتام المحاكمة وبالتالي يعفى من مسؤولية الشهادة الكاذبة، ومن ذلك يتضح خطورة الشهادة الكاذبة؛ لأنّ الأصل في الإنسان أن يقول الصدق ولو لم يحلف اليمين القانونية؛ لأنّ الصدق هو واجب أخلاقيّ قبل أن يكون واجبًا قانونيًّا، وآخر شرط من شروط الشاهد في المحكمة بأن يكون حرًا في شهادته غير مُجْبَر عليها.[٣]


حقوق الشاهد

بعد بيان شروط الشاهد في المحكمة، لا بُدّ من معرفة أيضًا الحقوق التي تُمنح للشاهد مقابل التزاماته، وأول هذه الحقوق بأن يتقاضى الشاهد جميع المصاريف والتعويضات التي أنفقها في سبيل الحضور أمام المحكمة لأداء الشهادة، كما أنّه من الحقوق التي تترتب للشاهد الحق في عدم ردّه، إذ لا يجوز رد الشاهد لأي سبب من الأسباب وتحت أي ظرف من الظروف، حتى ولو كان هذا الشاهد أحد أقرباء الخصوم أو أصدقائهم أو أصهارهم أو أي شخص قريب عليهم.[٤]

إلّا إذا كان الشاهد غير مدرك لما يقول، كأن يكون غير مميّز أو مصاب بأيّ مرض من الأمراض التي تعدم تمييزه كالجنون والعته، وأخيرًا يجب حماية الشاهد لأنّه عبارة عن شخص يؤدّي خدمة عامة لتحقيق مصلحة عامة، فمن الواجب حمايته من أي إعتداء قد يتعرض له، أو أي إهانة تلحق به بسبب شهادته.[٤]

شهادة الشاهد الواحد

من أهم المبادئ التي ذُكرت في القانون شهادة الشاهد الواحد، حيث إنّ القانون أجاز شهادة الشاهد الواحد إذا لم يعترض الخصم على ذلك وقدم طلبًا إلى المحكمة المختصة بسماع شهادة شاهدين أو إذا تأيّدت شهادة الشاهد بواقعة مادية ترى المحكمة أنّها تكفي لتأييد شهادة الشاهد الفرد، حيث إنّ القانون لم يقيّد القاضي بسماع عدد معيّن من الشهود حتى تتكون قناعته الذاتية، بل ترك الأخذ بالشهادة كدليل في الإثبات بناءً على مدى قناعة القاضي واطمئنانه بها، فمن الممكن للمحكمة أن تأخذ بأقوال شهود معينين.[٥]

ولا تأخذ بأقوال شهود آخرين إن تخلل شهادتهم الشك وعدم الصحة، ومن الممكن للقاضي أن يأخذ بشهادة شاهد ولو كانت مخالفة لشهادة شاهد آخر في نفس القضية، إذا اطمأن القاضي للشهادة الشخص الأول، ولم يطمئنّ لشهادة الشخص الثاني.[٥]

المراجع

  1. مأمون سلامة (1998)، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 223. بتصرّف.
  2. محمود نجيب حسني (1988)، شرح قانون الإجراءات الجنائية (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار النهضة العربية، صفحة 441. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت محمد سعيد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 257-258. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمد سعيد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 259. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 249-250. بتصرّف.
4962 مشاهدة
للأعلى للسفل
×